فاجأ الفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع المراقبين للمشهد السياسي ، بحديثه الواضح والصريح عن الإحتجاجات في الشارع ، وكشف عن إمتعاضه من التفرقة السياسية التي تمارسها السلطات الأمنية ، وقال : ( في ناس بجازفوا وبموتوا يوميا عشان يصلوا القصر الجمهوري ، وفي ناس جابوهم وبفتحوا ليهم الكباري وأردف ساخرا الغريبة انو ديل عندهم مطالب وديل عندهم مطالب لكن يبدو ان ( الحكاية خيار وفقوس ) . هذا الحديث الذي جاء أمام ملتقى الإدارات الاهلية للتعايش السلمي لولايتي جنوب وغرب كردفان برهن به حميدتي علاقة السلطة الإنقلابية والأمنية والشرطية وانحيازها للنظام الهالك المقبور ، والتي أنكرها قائد الجيش في أخر خطاباته ، واتهم الذين يروجون لعلاقة الكيزان بالقوات المسلحة انهم كاذبون ، لكن نائبه الذي يشغل المنصب الثاني في الدولة وبصفته العسكرية أكد أن الكباري تفتح فعلا لمظاهرات الفلول . وحمل الخطاب رسالة سياسية ثانية أعلن فيها حميدتي عن موقفه الجلي من إنحيازه للتحول المدني والديمقراطي ودعمه للحكومة المدنية وانه مع التسوية تماما ، وهذا الحديث ليس المقصود به دعم حميدتي للإتفاق السياسي فهو اول المرحبين به ، ولكن دقلو اراد ان يؤكد ان موقفه مازال ثابتا ولم يتزحزح ، مثل غيره ، والرسالة هنا ليست لقوى الحرية والتغيير انما للمؤسسة العسكرية التي اعلنت ان لا إتفاق إطاري قريب فأراد حميدتي ان يقول للبرهان بصريح العبارة انا على موقفي ( انت على كيفك ). الرسالة الثالثة كانت في بريد عناصر المخلوع الذين اتهمهم دقلو بالنفاق والمتاجرة بالدين وقال انهم (يهللوا ويكبروا ويقوموا بقتل الناس) ،و قطع لهم ان لاعودة للحكم مرة أخرى حيث قال (إذا في زول داير يرجع السودان إلى ما قبل 2018 غلطان) . لكن ألا تكشف هذه التصريحات المتباينة الخلاف الواضح والخفي بين قادة المجلس الانقلابي الخلاف الذي كلما ( غتغته) البرهان وستره ، كشفه حميدتي على الملأ ، فحميدتي يمكن أن يقل اي شيء وفي اي زمان ومكان ، لذلك لن تدخل معه القيادة في معركة تصريحات ، فمثلما كان لحميدتي اثرا واضحا في اقناع البرهان لقبول مسودة المحامين ، فسيكون لحديثه اثرا كبيرا في التزامه بوعده ورشده السياسي هذا بجانب أن دقلو يعمل بكل وسعه لوأد مشاعر المحبة بين البرهان والكيزان، فكلما خفق قلب البرهان حبا وحنينا للفلول ، باغته حميدتي بالرفض لهذه العلاقة ، فحميدتي اول من خالف مبادرة الطيب الجد و(قطع النور) عن ليلة احتفال عُرسها ، وهو بموقفه الآن ينسف (حولية) الميرغني السياسية ، ويعلن حربه على فلول النظام البائد وعلى النطيحة والمتأردلة . طيف أخير: مرّة فقط تلمسك دوّامة الشّك تظل للأبد لا تأمن شيئًا
صحيفة الجريدة