عن نفسي شخصيا أقول ان النية منعقدة فعلا لامتلاك سلاح شخصي مرخص، ولكن ضيق ذات اليد حال دون ذلك وستبقى النية قائمة في انتظار تحسن الظروف التي نأمل أن تتحسن لا أن تسوء أكثر، أما عن بقية خلق الله في بلد الله السودان، فاني لهم من الناصحين بأن يشتروا بنادق، وليس من وراء نصيحتي للناس أن يشتروا بنادق وخاصة في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث، أي هدف غير ان يتمكنوا بامتلاكهم السلاح من الزود عن أرواحهم وأملاكهم وأعراضهم ويقاومون بها كل شرير ومجرم، وليتولى كل شخص مسؤولية الدفاع عن نفسه وأسرته ومقتنياته، طالما أن العاصمة تعيش حالة فوضى واضطراب أمني غير مسبوق وانتشار كثيف للجريمة بكل أنواعها وبالأخص الجريمة المسلحة، وطالما انهم يرزحون بعد الانقلاب تحت حكم العسكريين الذين فشلوا في بسط الأمن مسؤوليتهم وواجبهم الأساسي، وطالما ان الشرطة والقوات الأمنية الأخرى المسؤولة عن حفظ الأمن واشاعة الطمأنينة ومكافحة الجريمة، أظهرت عجزا واضحا في أداء هذه المهمة الأساسية المناطة بها، في حين أنها للعجب تؤدي أداءا باطشا وقامعا بامتياز ضد المتظاهرين السلميين، فقتلوا منهم مائة وعشرون نفسا ومئات المصابين في خلال عام، وكيف لا يشتري الناس البنادق بعد ان لمسوا وعايشوا الحقيقة المفجعة بعدم وجود الدولة التي تحميهم من اعتداءات المجرمين، بل ان تنامي وتصاعد معدلات الجريمة جعلهم يتخطون الشعور بعدم وجود الدولة ، إلى الشعور بوجود دولة أخرى تقف وراء هذه السلسلة المستمرة من الجرائم، التي لا تخلو منها الصحف المتخصصة وصفحات غير المتخصصة، تحكي عن اضطراد مستمر في كم الجرائم وتطور دائم في نوعيتها وكيفية ارتكابها.. بالأمس حملت الصحف أحد الأنباء التي تقف كشاهد اضافي على مستوى الجرأة والاستخفاف بالسلطة التي بلغها المجرمون عند تنفيذ جرائمهم، ذاك هو النبأ الفاجع والصادم الذي هز العاصمة وفجعها، بمهاجمة مسلحين مجهولين ليل الجمعة، شقة أحد المواطنين بحي امتداد ناصر محطة 6، وقتلوا جميع أفراد أسرته الموجودين بالشقة، وهم، زوجته وولده وابنته، ولم تنجُ من هذه الأسرة المكلومة سوى الأب الذي كان خارج الدار لحظة ارتكاب الجريمة وأحد ابنائه المتواجد خارج السودان لأغراض الدراسة، هذه الحادثة البشعة تعيد للمشهد معاناة الناس مع جرأة وقلة أدب اللصوص والمجرمين، الذين صاروا يقلعون وينزعون وينهبون بكل قوة عين جهارا نهارا وفي عرض أعرض الشوارع، ما يعني أنهم غير عابئين بشرطة ولا غيرها ما يجعلهم يمارسون جرائمهم بكل ثقة واطمئنان، ولهذا كان طبيعيا ان تتوالى موجات الجرائم النهارية والليلية، وليت الامر وقف عند حد السرقة لكان ذلك أهون على رأي المقولة الشعبية (الجاتك في مالك سامحتك)، ولكن كيف السماح اذا بلغ الامر مرحلة (ميتة وخراب ديار) على رأي مثل آخر، اذ لم يقف الامر عند السرقات فحسب بل تعداها الى تهديد النفوس والعروض، فكل ذلك وغيره مما لم نعرض له من تفلتات وانفلاتات وجرائم جنائية وزلزلة وخلخلة ضربت البنية الاجتماعية في مقتل وخاصة في الخرطوم المكلومة، لابد ان يدفع الناس لتسليح أنفسهم..وأحفظ اللهم السودان وأهله ولا تعاقبهم بما يفعل الانقلابيون منهم..
صحيفة الجريدة