هناك فرق
منى أبو زيد
في خدمة الأزواج
“إن تتعب في البر فإن التعب يزول والبر يبقى”.. علي بن أبي طالب رضي الله عنه..!
كنت أظن أنّ الغالبية العُظمى من زبائن قنوات الشعوذة والعلاج بالهراء هن من بنات جنسي حتى أتت هذه القنوات وتفضّلت مشكورة باطلاعنا على حقيقة مُهمّة مفادها أنّ الرجال أيضاً مُتورِّطون في ورود حياض الاستغفال مدفوع الأجر..!
ثم هلَّت علينا قنوات المُداواة بالأعشاب، والتي تُسمّى بأسماء الشيوخ الذين يُعالجون الناس من جميع الأمراض العضوية المُستعصية.. والتي تبث طوال الوقت مشاهد مؤثرة لمرضى بالسرطان والبهاق والإيدز وتليف الكبد.. إلخ.. وهم يحدثون السادة المشاهدين عن تجاربهم مع علاج الشيخ فلان، وبركات المعالج علان، في الوقت الذي عجز فيه كبار الأطباء..!
ثم انتشرت موضة القنوات التي يطلقون عليها “دينية” وفيها شيوخ لا يكفون عن التصريح بالفتن وإطلاق الفتاوى المُثيرة للجدل طوال الوقت، وكأنّهم يتنافسون في ذلك. مع هذا النوع ـــ تحديداً ـــ من القنوات ظهرت موضة الأسئلة الفقهية الخلافية، أصبح الناس يسألون عن أحكام بعض الأمور التّافهة ويتركون أساسيات دينية كثيرة يجهلونها وهي أولى بالسؤال دونما إجابة..!
ومن ذلك فتوى سمعتها عبر إحدى تلك القنوات الفضائية إيّاها، كان موضوع سؤالها هو “هل المرأة مُلزمة شرعاً بخدمة زوجها؟. أما الإجابة العجيبة فكانت شيئاً على غرار “إن المرأة غير مُلزمة شرعاً بخدمة زوجها من إعداد للطعام ونظافة وترتيب للمنزل .. إلخ.. إن هي فعلت خير وبركة وإن لا.. فلا إثم عليها إطلاقاً”..!
هذه الفتوى ـــ المُثيرة للقلاقل والفتن ــــ تتنافى مع الراجح من أقوال أهل العلم من أنّ خدمة المرأة لزوجها من طبخ طعامه وغسل ثيابه وترتيب فراشه وتنظيف بيته واجبٌ عليها، وقد دلّت على ذلك نُصُوصٌ قرآنية منها قوله تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فالفهم المنطقي لهذه الآية يدل على وجوب قيام المرأة بأعباء وشؤون بيتها، كما أن على الرجل الخدمة خارجه للإنفاق على المرأة، أما العلاقة الزوجية فهي حقٌ مشترك بينهما..!
فضلاً عن ما ثبت في الأحاديث الصحيحة من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخدوماً من أزواجه رضي الله عنهن وأرضاهن؛ كما في حديث ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها “وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء …. الحديث”، وقوله عليه الصلاة والسلام لعائشة “ناوليني الخُمرة من المسجد” والخُمرة هي ما يصلي عليه المرء من حصير ونحوه.. إلخ..!
وحينما جاءت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو من أن يديها قد محلت من كثرة ما طحنت بالرحا، لم يُشكها رسول الله صلى الله عليه وسلم “يعني لم يقبل شكواها” ولم يعطها الخادم الذي سألته إيّاه..!
وعليه، فأولاً، لو لم تكن خدمة الأزواج واجبةً على الزّوجات لما أقرّ النبي صلى الله عليه وسلم علياً – رضي الله عنه – على استعماله فاطمة – رضي الله عنها – في خدمته وعياله. ثُمّ ثانياً، منذ متى كانت خدمة الزوجات لأزواجهن – في مُجتمعاتنا – منقصة اجتماعية أو معضلة أسرية تستوجب السؤال والفتوى..!
صحيفة الصيحة