رفع بنك السودان المركزي وتيرة الاهتمام بحماية المصارف من مخاطر السوق وتشديد الرقابة، خاصة في ظل الأزمات التي يعانيها الاقتصاد المحلي وتزايد المضاربات في سعر الصرف، الأمر الذي يهدّد المصارف بالعديد من المخاطر.
وألزم البنك المركزي المصارف بوضع استراتيجية محددة لإدارة مخاطر السوق تتضمن في حدها الأدنى موقف المخاطرة المطلوب في السجلات المحاسبية ومبادئ الإدارة في الظروف العادية، وفي حال التقلبات العالية في أسعار الأوراق المالية وأسعار الفائدة المحددة في اللوائح الداخلية للمصارف التجارية وفروع المصارف الأجنبية.
ووجه البنك المركزي المصارف، في تعميمات صدرت أخيراً، بالتحوطات لمخاطر التعرض لتقلبات سعر الصرف الناشئة عن التغيرات العامة في الأسعار الفورية للعملات الأجنبية، في كل المعاملات عبر الحدود وما ينتج عنها من ذمم دائنة ومدينة، وذلك باستخدام طرق وتقنيات متوافقة مع الشريعة الإسلامية ومعتمدة من قبل الرقابة الشرعية.
ظروف اقتصادية قاسية
في هذا السياق، قال المدير العام للبنك الفرنسي، المحلل المصرفي عثمان التوم، لـ”العربي الجديد”، إن البنك المركزي أصدر لأول مرة كتيباً كاملاً من أكثر من 85 صفحة حول إدارة المخاطر المصرفية، مبيناً أن تعميمه على المصارف في هذا التوقيت يدلل على ضرورة حماية القطاع من الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بالبلاد، ومخاطر العمل المصرفي واختراقات الأنظمة المصرفية والاحتيال والمخاطر التمويلية التي تؤدي لتعثر المصارف.
وتابع التوم: تأتي أهمية هذه الإجراءات أيضاً وسط مخاوف من عجز العملاء عن السداد في ظل حالة الكساد الاقتصادي الحاد وانعدام القوة الشرائية، ما يتطلب توفير الحماية والتأمين اللازمين للمصارف من هذه المخاطر.
ووجه البنك المركزي المصارف في السياق نفسه بتنفيذ تدابير للوقاية من مخاطر السوق بالالتزام بضوابط بنك السودان عن حدود مخاطر النقد الأجنبي.
مخاطر الاستدانة
قال مراقبون مصرفيون تحدثوا لـ”العربي الجديد”، إن السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة مسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن تعرض المصارف للمخاطر، لزيادة اعتماد الحكومة على الاستدانة من النظام المصرفي بهدف تغطية العجز في ميزانيتها وإنفاقها العام، ما يؤثر سلباً في خفض قيمة العملة السودانية إلى 580 جنيهاً أمام العملات الأجنبية وارتفاع الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي لأكثر من 5 تريليونات جنيه وفقاً لإحصائية سابقة للبنك المركزي.
ويأتي ذلك إلى بجانب ارتفاع مستوى تآكل العملات المتداولة من فئة الـ5 ـ 10 ـ 20 ـ 30 ـ 50 جنيهاً، رغم إصرار البنك المركزي على أنها مبرئة للذمة وقابلة للتداول.
وفي هذا الإطار، قال مدير أحد المصارف الكبرى بالخرطوم لـ”العربي الجديد”، إن الأوضاع الاقتصادية وحالة السيولة الأمنية الراهنة بالسودان تستدعي توفير الحماية المصرفية المطلوبة لأموال المودعين.
ولفت المسؤول المصرفي، الذي رفض ذكر اسمه، إلى وجود إدارات للمخاطر بالمصارف السودانية كافة التي يبلغ عددها 36 مصرفاً لحمايتها من مخاطر محتملة في التشغيل وغيره، أما المخاطر الخارجية ذات الصلة بالسرقة والحريق وخيانة الأمانة والمظاهرات والاحتجاجات الشعبية والاضطرابات الأمنية التي تعاني منها البلاد، فإن المصارف تقوم بالاستعانة بشركات التأمين من أجل توفير الحماية المطلوبة لها.
تأمين لحماية المصارف
قال مصدر بإحدى شركات التأمين لـ”العربي الجديد”، إن شركة التأمين تقوم بتأمين الأوضاع النقدية بالمصارف ضد كافة الأخطار عدا الاستثناءات. وتشمل التغطية التأمين على النقود داخل الخزينة ضد أخطار الحريق والنقود المرحلة أثناء نقلها من البنك وإليه والأموال بالكاونتر.
وحسب المصدر نفسه، يغطي هذا النوع من التأمين السرقة التي تحدث للأموال وما في حكمها أثناء تداولها عبر الكاونتر خلال ساعات العمل الرسمية، على أن تحدث السرقة من الغير.
ويغطي هذا النوع من التأمين الحريق والسرقة التي تحدث للأموال داخل أجهزة الصراف الآلي خلال 24 ساعة، على أن تحدث السرقة من الغير (خلاف الموظفين المختصين)، وفق المصدر.
وأشار إلى تغطية وثيقة تأمين خيانة الأمانة الخسائر المادية التي تلحق بالمؤمن له (صاحب العمل) في أمواله أو ممتلكاته، نتيجة لارتكاب أمين العهدة المؤمن عليه حادث تبديد أو اختلاس أثناء قيامه بمهام وظيفته.
كما تغطي وثيقة الحوادث الشخصية الوفاة والإصابة التي قد يتعرض لها المؤمن له نتيجة لحادث فجائي، ويقوم المؤمن له بتحديد مبلغ التأمين.
أما وثيقة تعويضات العمال فتغطيتها تكون ضد أخطار الإصابات أثناء ساعات العمل، وفي مكان العمل أو الترحيل من مكان العمل وإليه.
ويقوم صاحب العمل بتقديم كشف مرتبات العاملين إلى الجهة طالبة التأمين، ويحتسب مبلغ التأمين بواقع مرتب 42 شهراً لكل عامل. وتغطي وثيقة المسؤولية المدنية هذه المهمة للشخص المؤمن له تجاه الأطراف الأخرى.
صحيفة الحراك السياسي