الطاهر ساتي يكتب: روشتات

:: ويتواصل الحديث عن التوصية بتحرير أسعار أدوية الإمدادات الطبية وآثارها.. ونصائح اليوم معاد نشرها، إذ نشرتها عندما شرعت حكومة حمدوك في تطبيق سياسة التحرير التي طالت كل شيء، بما فيه الصرف والدواء.. وهذا التوضيح لمن يلف ويدور معصماً عيناه – زي جمل العصارة – حول نفسه وحزبه بلسان حال قائل: (دا كلو بسبب الانقلاب)، وكأن سياسة التحرير وليدة اليوم..!! :: المهم.. بالتأكيد هناك آثار مؤلمة لأي إصلاح اقتصادي، وهذا لا يعني التوقف عن الإصلاح استجابة للمؤثرات.. وكما تعلمون، للأدوية آثار جانبية، ومع ذلك يصرفها الطبيب ويتجرعها المريض ليتعافى، وهكذا سياسة التحرير، وعلينا تجرعها، ثم الصبر على آثارها الجانبية، لنتعافى.. وأن نتألم قليلاً، ثم نلتحق بركب الشعوب الحُرة، خير من أن نتلقى منح الذل والقروض مدى الحياة..!! :: وما يؤرق مضاجع الناس، ليس الأكل والشراب، بل التعليم والعلاج.. فالأسر تصرف الكثير في العلاج والتعليم، ولو نجحت الحكومة في تخفيض تكاليف التعليم والعلاج، فإن آثار سياسة تحرير لن تكون ثقيلة على الأسر.. فمع ترشيد الدعم، يجب مراجعة قوانين وميزانيات ونظم إدارة مؤسسات التعليم والعلاج، بحيث يكون التعليم (مجاناً) أو بأقل التكاليف، وكذلك العلاج..!! :: ولتخفيف أعباء العلاج على الأسر، لا توجد آلية أفضل من التأمين الصحي.. والمؤسف، رغم ارتفاع تكاليف العلاج، لا يزال التأمين الصحي (متخلفاً) وعاجزاً عن ملاحقة التكاليف.. مظلة التأمين، مقارنة بحجم السكان ونسبة الفقر، (هزيلة)، وهي قل من (50%) من السكان، رغم الأرقام الفلكية التي تطلقها السلطات لزوم (تجميل الفشل)..!! :: السلطات عاجزة عن توسيع المظلة بحيث تشمل كل سكان السودان، وليس بعضهم.. وكما ضربت مثالاً بالأمس، فان إدخال الشعب إلى مظلة التأمين يجب أن يكون بذات قوة تأمين السيارات.. إن كان تأمين السيارة (إلزامياً) عند الترخيص السنوي، فلماذا لا يكون التأمين الصحي إلزامياً أيضاً؟.. ولإعادة ثقة المواطن إلى التأمين الصحي، فعلى السلطات مراجعة سياساته (المتخلفة)..!! :: فالمظلة العلاجية لا تشمل كل التخصصات، ويجب أن تشمل، إذ من الظلم أن يدفع المواطن رسوم التأمين (شهرياً)، ثم يتفاجأ بأن علاج مرضه خارج مظلة التأمين، وهذا الظلم يبرر عدم التأمين.. ثم إنّ الكثير من الأدوية خارج قوائم أدوية التأمين.. وكذلك آفة الاحتكار، إذ ليس عدلاً أن تحتكر بعض المشافي والمراكز (علاج التأمين)، وأن تحتكر بعض الصيدليات (أدوية التأمين)..!! :: ومع التأمين الصحي، كثيرة هي آليات تخفيف آثار سياسة التحرير.. على سبيل المثال، إحياء الجمعيات التعاونية في الشركات والمرافق العامة، تفعيل صناديق الرعاية الاجتماعية، توسيع مظلة كفالة الطلاب عبر صندوق دعم الطلاب، تفعيل مراكز البيع المباشر بالمحليات لمكافحة السماسرة و..و.. كثيرة هي الآليات المكافحة لآثار التحرير، لو توفرت الإرادة في الحواضن السياسية والإبداع في الأجهزة التنفذية..!!

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version