مكالمة هاتفية مع أبن أخى بالسودان .. سألته عن الأحوال رد على بألم يمزق أنياط القلوب قائلا الحال لا يسر .. المرض والجوع وإرتفاع الأسعار وقطوعات الكهرباء بالإضافة للباعوض الذى أصبح يشاركنا السكن فى بيوتنا وينهش فى أجسادنا وكأنه يقول ( نائمين ليه) ليسبب أمراض الملاريا الفتاكة .
لكن الحمدلله فقد اعتمدت منظمة الصحة العالمية لقاحا ناجحا ضد الملاريا وسيتم التحصين ضد هذا المرض حيث يعتبر الأكثر إنتشارا منذ آلاف السنين .. لكن الأن السؤال الذى يطرح نفسه كيف يتم علاج الباعوض والذى إنتشر وبصورة مزعجة فى كل بيت من بيوت السودان .
فعلا لدينا مشكلة صحية فى السودان وهى إنتشار الملاريا بين السكان مما يؤثر سلبا عليهم .. فالمرضى يعانون وينفقون الكثير على العلاج فضلا عن أن ذلك يحول بينهم وبين العمل والإنتاج .
ومن واجب الحكومة أن تخوض معركة ضد هذا المرض وسببه الباعوض المتواجد فى البيوت .. وهى معركة غير متكافئة فى ظروف سياسية وإقتصادية وإجتماعية .. وأقل ما يقال عنها أنها صعبة .. وللضرورة أحكام . وليس بإستطاعة الجهاز الحكومى وحده النهوض بهذا العبء الثقيل .
لذلك لا بد من حملة شعبية لتشارك كل الهيئات والأفراد فى هذه المهمة الإنسانية الجليلة .. والبداية بالطبع تكون فى سد البرك والمستنقعات التى يعيش عليها الباعوض مصدر الكارثة . ولابد أن تردم فنتخلص من أضرارها وأيضا نكتسب مساحات جديدة من الأرض يمكن أن تقام عليها منشآت ذات عائد طيب .
ولعلنا نتذكر تلك الحملة والتى لم تلق إستجابة كاملة ولا حتى كافية والأغلبية قد تقاعست ولم تشارك بشكل نرضى عنه .
وهذه الحملة بدأت مظهرية وكان تعقيب الجماهير عليها موجعا إذ يرون انها تستهدف ان ينشغل الناس بها عن التفكير فى قضاياهم العامة والخاصة كأنما الملاريا ليست بينها .. وفى وقتها شعرت بالأسف لعدم نجاح تلك الحملة ولأن البعض يشعر بالشماته لذلك ويكاد يعلن سروره لولا الخجل وهذا بدوره شئ كان مخجلا ومؤلما .
فنحن قد نختلف سياسيا لكن الفشل الذى وقع يؤكد ما ذهبنا إليه دائما إننا كسودانيين نفتقر إلى التعاون والمشاركة وقلما نستجيب للدعوات التطوعية التى هى واحده من أسس النجاح .
ومن هنا نتطلع بلهفة لمعاودة مبادرة لحملات دعا ويدعو لها ديننا الحنيف ونسعى إلى نجاح هذه المبادرة وتلك الحملات إذا حسنت النوايا لحل مانواجهه من أزمات وان لا نعتمد على الحكومات لأنها دائما تصل بنا إلى طريق مسدود وقد يرد على ذلك بأن الجماهير غير متعاطفة مع الحكومة لأنها لا تحقق لها مطالبها قد يكون ذلك صحيحا لكن أن نعاندها فى مشروعات هدفها القضاء على المرض فهذا سلوك يجب أن نتفاداه لأن النجاح فى مثل هذا من حملات لا يحتسب لها سياسيا بل يحتسب لنا .
والفشل يعود للمواطن باضرار فادحه فالمرض لا يختار صرعاه من بين المؤيدين أو المعارضين لكنه يحتاج للجميع وعدم نجاح الحملة التى ندعو لها تضربنا فى الصميم .. ألا نستطيع أن نغرس فى نفوس شعبنا أنه أمر السماء ان نتعاون على البر والتقوى ألا نستطيع ذلك.. وكفى.
صحيفة الانتباهة