صديق دلاي
الغريب في الأمر أن الشيوعيين والإسلاميين في هذه الأيام يلتقون في رفض التسوية وبينهم عداوة وخصومة معروفة, والصحيح أن كل شئ باق في مكانه فالتسوية عند الإسلاميين تبعدهم عن البرهان لاستغلاله والعودة بهم لدائرة الحدث السياسي
بينما التسوية ذاتها تعطي التغيير فرصة جيدة ليستأنف أعماله حول لجنة إزالة التمكين والعودة للعالم من بوابة الإقتصاد والسياسة والفكر والأدب وطبعا هذا زخم خلاق يؤدي الي نسيان الإنقاذ البائدة عند الجماهير ويضعها ماضي بعيد ملئ بالويل والجحيم فكيف يفهم الزملاء الشيوعيين هذه النتيجة المفهومة لو تم توقيع التسوية
وللأمانة لابد من شرح رفض الشيوعيين للتسوية ويعني إبعاد أي مظاهر عسكرية في الحكم المدني القادم وهو بالفعل حل جذري وشجاع يليق بالشيوعيين ومبادئهم العريقة لمناهضة العسكر خصما علي مزاج الثورة والحريات والراي الأخر والتفكير الحر وهذا يعني تنفيذ (العودة للثكنات) مرة واحدة وليس علي طريقة التسوية المطروحة ولكن هل الأوضاع الهشة تسمح بتمرير هذا الخط الشجاع والمخلص
يتكئ الشيوعيين في مفاضلة الحل الجذري علي العودة للشراكة مع العسكر علي تراث نضالي معروف وهم مفاتيح الشارع في أي مليونية ولذلك يبدوا غضبهم مع أنصار التسوية لا حدود له وربما يتطور الي خصومة وتباعد نخسر بهم أمنيات سياسية مستحقة بوحدة ثورية وأن تعود الحرية والتغيير كتلة إنتخابية ببرنامج ديمقراطية العالم الثالث الهشة والحلوة علي أمل التطور والتقدم مع الأيام والتجربة والعمل المشترك
لو فكر الزملاء الشيوعيين لحظة حول نقطة تلاقيهم في رفض التسوية مع الإسلاميين لفهمنا جميعا القصور العام في يوميات الحرية والتغيير وعجزهم لمواجهة التحديات الكبري في مسار ثورة ديسمبر المجيدة , ولعل خصماء هذه الأيام بعد نضال مشترك ظلموا الثورة بتجاهل فرص الحد الأدني فالحرية والتغيير القديمة علي أيام المواكب والإعتصام كانت كتلة سياسية معها رصيد الهدف المشترك حول السودان الجديد ودولة القانون والإنتخابات النزيهة والحريات والراي الأخر فلماذا تبخرت كل هذه الأحلام القريبة
لو أنجزوا تفاهما سسياسيا وحافظوا طاقاتهم المدخرة لبناء سودان الثورة بدلا عن معارك جانبية حتي شاهدنا تلاقي التناقض التاريخي أن يرفض الشيوعيين تسوية سياسية للنجاة بالوطن من ويلات الحرب والفوضي والأجانب الدوليين ومعهم حق الحل الجذري وعليهم دقة التوقيت وأهمية تأجيل المعارك وإعتماد التكتيك بدلا عن المواجهة
ومع كل هذه الخسارات في الكتلة الديمقراطية و التحالف السياسي الحديث الذي لو أكتمل لكسب الميدان السياسي عافية وتقدم وبرز تيار أخر وثالث ورابع لصياغة الحياة السياسية بواقعية بدلا عن التهريج الحالي والظاهرة المتخلفة كما نري من بروز رجال وقيادات وأحزاب مصنوعة كما تصنع الشيكولاتة
الفرصة المتبقية أن يتحول البعثيين والشيوعيين لمراقبة مسار حكومة التنكقراط
القادمة ومحاصرة العسكر في المربع المتفق عليه في الدستور الجديد , وإبعاد خصوم الثورة من محاولات لن تنتهي قريبا لتخريب الفترة الإنتقالية ولعل فكرة جماعة الصوارمي تؤكد أن البرهان قابل للتشكل لو توحدت رؤية الحرية والتغيير لبدء هيكلة الجيش بايدي الجياشة وبعيدا عن أي تاثيرات سياسية
ولعل حديث عمر زين العابدين بحديثه لقناة الجزيرة بكونه أكبر من الأحزاب وأنه يؤمن بالأسلام وكان هذا حديث خطير وينطوي علي مؤشر مهم لفهم ثقافة واسعة لضباط الجيش حينما قاموا بتعريف ثورة ديسمبر المجيدة بكونها يسارية المزاج ويجب محاربتها فكانت عملية فض الإعتصام مقدمة ذلك البؤس
نواصل
صحيفة الانتباهة