يوسف التاي يكتب.. صناعة الطغيان

(1)

الطاغية تصنعه الظروف المحيطة به ،.. ومن حوله من الإنتهازيين والجبناء ومردة النفاق هم أهل التخصص في صناعة الحكام الطغاة ، فبالصمت والخوف يسهم الجبناء بقدر كبير في صناعة الطاغية ،وبالتدليس والمداهنة يوفر الإنتهازيون بيئة ملائمة ومناخ مواتي ليتمدد الطاغية ويكبر..الطاغية لايولد طاغية ، كما أن الفاسد لايولد فاسدا ، فالأول يقيض الله له الجهلة والجبناء والإنتهازيين ليغروه بالصمت والإنقياد إلى دائرة الإنفراد والأحادية، والثاني يسخر الله له بطانة السوء لتزين له الفساد وتبرره له وتجره إلى دائرة فساد الدولة الممنهج إلى حيث أن “سيستم” الحكم لايقبل إلا فاسدا ، وأي نزيه أو مصلح سيلفظه “السيستم” الفاسد تلقائياً..

(2)
بكل يقين أن الانتهازيين والجبناء وأحفاد ابن أبي سلول في المجتمعات المحيطة بالحكام هم من يتولون صناعة الحُكام الطغاة، ونشر الفساد وإفساد الحياة السياسية، والاجتماعية وإهدار الموارد والثروات.. فما ظهر طاغية في أي بلد إلا وكان وراء ظهوره ساسة انتهازيون، وطائفة من الجبناء الذين يجيدون الصمت وتجنب مواجهة الطغيان …
(3)
وتأسيساً على ما سبق فإن أول خطوة في التأسيس لأي ديكتاتورية جديدة وفراعنة وطغاة جُدد ، هي محاربة الوعي والمستنيرين، وخلق مراكز متخصصة لنشر الشائعات التي تخدم اغراض النظام الدكتاتوري الجديد، مراكز لتغبيش الوعي وتضليل الرأي العام على النحو الذي يرسخ للنظام الدكتاتوري الجديد ..
ومراكز لصناعة الفتن لضرب النسيج الاجتماعي وإثارة البلبلة وصناعة التوتر وضرب عناصر الوحدة في المجتمع..
(4)
والساسةُ الانتهازيون في كل أوان هم الحاضنة الأسرع في تفريخ الدكتاتوريين والشموليين والحُكام والمستبدين الذين لاسند لهم ولاأنصار لهم إلا القوى الانتهازية ذات الصوت العالي والوزن الضعيف والتي توفر لهم حاضنة ديكورية عبارة عن لافتة تسقط عنهم في أول عاصفة ..
(5)
والجبناء هم الأكثر قدرة على صناعة الحُكام الطغاة وذلك بالصمت والضعف الخوار والجبن، فيشكلون بذلك بيئة ممتازة لتخَلُّق الطاغية المستبد، فيغريه سكوتهم عن اخطائه، فيتمادى ويسيء الأدب لأنه أمن العقاب والمعارضة والثورة ، وبصمتهم وخضوعهم وانقيادهم يكبر نفوذه إلى أن يصل مرحلة القول : ( لا أريكم إلا ما أرى)..أو القول (أنا ربكم الأعلى)..ويظل على هذه الحالة حتى يصل مرحة الغرق ، أو عندما تأكل الثورات وزفرات الغضب الشعبي منسأته التي كان يهش بها على القطيع..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أن يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version