(1)
يبدو ان لعنة (اذهب الى القصر رئيساً وسأذهب الى كوبر حبيساً) سوف تظل تطارد الرئيس المخلوع البشير العمر كله، وهو في حالة (ترحال) دائم من كوبر الى كوبر.
وليس لنا في هذا المقام غير ان نقول ما قاله جرير في الفخر : (إذا غضبَت عليك بنو تميم حسبت النّاس كلّهم غِضاباً) والبشير عندما يغضبوا منه يعيدوه الى كوبر وعندما يرضوا عليه يخرجوه.
المفارقة ان البشير ما زالت الامور عنده تتأرجح بين (القصر) رئيساً و(كوبر) حبيساً – ومع ان المسافة بين الاثنين كبيرة ومتناقضة ،إلّا ان البشير ما زال يحلم من ان ينتقل من كوبر الى القصر.. فهو ينتظر الفصل الاخير.
والثورات اضحت تحتمل كل شيء – فانتبهوا من (الانتكاسة).
(2)
أعادت السلطات الرئيس المعزول عمر البشير ونائبه بكري حسن صالح ووزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، بجانب قيادات المؤتمر الشعبي علي الحاج و إبراهيم السنوسي وآخرين إلى سجن كوبر، بعد أن قضوا قرابة العام بمستشفيات العاصمة الخرطوم.
هذا مؤشر (تسوية) واضح.
من مظاهر (التسوية) ايضاً : (أعلن مجلس نظارات البجا، بشرق السودان، اتجاهه لتقرير المصير، وقراره تشكيل حكومة مؤقتة، وسحب الاعتراف بالسلطة المركزية في الخرطوم. وقال ما يسمى “الأمانة السياسية لمجلس نظارات البجا”، إنه قرر تفعيل استخدام حق تقرير المصير، وعدم الاعتراف بسلطات الحكومة في الخرطوم، وأحقيته في إنشاء مؤسسات حكم ذاتي وقوات عسكرية. كما أعلن عن تولي “اللجنة السياسية لمجلس نظارات البجا”، صفة حكومة مؤقتة، والهيئة العليا، مجلساً تشريعياً عرفياً).
هذا شكل اخر من مآرب (الكيزان) لقد عادوا الى الخطة (ب) من جديد.
انهم يتململون الآن.
من اجل ذلك نرحب بالتسوية فهي ان لم تكن استعادة للحكومة المدنية تبقى خطوة مهمة نحوها… كفى انها تقلق (الفلول) وتزعجهم الى هذا الحد.. كما انها على الاقل سوف توقف تمددهم في السلطة.
ما يحدث من ضيق وملاحقات وإعادة الى السجون لقيادات النظام البائد يؤكد ان ثورة ديسمبر المجيدة ما زالت قوية ومقتدرة ومنتصرة ، وما زالت شعاراتها تحقق يوماً بعد يوم وان كان ذلك عبر (التسوية).
هذه الثورة سوف تنتصر وتعبر – لا يوجد خيار امام خصومها غير ذلك.
نعم ان يحاسب رموز النظام البائد ويلاحقوا خير من ان يتركوا ليصلوا حداً من (الجرأة) ان يستقبلوا محمد طاهر ايلا في بورتسودان وان تخرج مبادرات في مروي لاستقبال وعودة صلاح قوش.
كل هذه الامور تتم وراء غطاء (قبلي) – وهو الاتجاه الذي ذهب اليه المؤتمر الوطني بعد ان انكشف غطاء (الدين) يلجأون الى غطاء (القبيلة) من اجل ان يحققوا مآربهم غير الشريفة.
(3)
التسوية اذا حققت مطالب الشارع وأخذت القصاص للشهداء وطببت جراح المصابين سوف تنجح وتعبر بالسودان.. وان لم تحقق ذلك فلن تتوقف الثورة وسوف يظل الشارع يضغط بطرقه السلمية والديمقراطية من اجل ان يحقق اهداف الثورة ويأتي بالقصاص.
التسوية لا تعني التخلي عن اهداف الثورة او التراجع عن الشارع – بل هي سوف تكون عضداً للثورة من اجل المزيد من الانتصارات.
هذا الوطن لم يعد يحتمل المزيد من الجراح – لم يعد يقوى على ذلك – انهم يمزقونه.
البناء دائماً اصعب من الهدم .. والثورة الآن في مرحلة (البناء) – علينا ان نفعل تطبيق محجوب شريف ( ح نبنيهو).
(4)
بغم
اخطر ما في خط (القصر – كوبر) كلمة (وبالعكس) التى كانت تكتب في البصات السفرية عندما كانت المدن والمحطات تكتب اعلى البص.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة