فلنقل أن الرياضة مهمة.
ولنقل أن الرياضة تحفظ توازن الشباب، وتعمل على إفراغ طاقاته دون إفساد.
أعلن محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة عن تبرعه اليوم لمئتي نادي من أجل بث منافسات كأس العالم التي شارفت على بداياتها من الدولة العربية قطر.
أين هذه المنح المجانية لهؤلاء الشباب في المجالات الأخرى؟
هل تبرع هؤلاء المسؤولين بإحضار متخصص واحد يدرب هؤلاء الشباب في مهارة من مهارات الحياة؟
هل كل ما ينقص هؤلاء الشباب وكل ما ينقص نواديهم هي مشاهدة مباريات كأس العالم؟
أين تقع مرتبة هذه المشاهدة من مرتبة الاهتمامات الأخرى الملحة للشباب؟
لا تحرموا الشباب من مشاهدة مباريات كأس العالم، فمع تبرعكم لمشاهدة هذه المباريات أضيفوا لها ورش وندوات تفتح أذهان هؤلاء الشباب على العالم.
أعرضوا عبر مشاهدة هذه المباريات برامج عن كيفية الاستغلال المثمر للوقت.
أعرضوا عبر مشاهدة هذه المباريات مشاريع استثمارية صغيرة تحرك دماء هؤلاء الشباب.
يقال أن الدولة مجموعة حلقات متداخلة مع بعضها البعض لا تنفصل دائرة عن أختها كما أن كل دائرة تؤدي إلى الدائرة الأضيق منها.
إلا أن هذه الدوائر تنقسم إلى قسمين.
قسم يحسن ويقوي ويستثمر الفرص ويطور.
وقسم يكرس للفراغ واللامبالاة وإلى عدم الاهتمام وإلى التخدير وإلى التوهان والضياع.
فتبرع المسؤولين لمشاهدة مباريات كأس العالم مجانا قد يتبنى واحدا من القسمين السابقين.
فإن صحب التبرع برامج تنهض بهؤلاء الشباب من حيث تدريبهم في هذه النوادي، ومن حيث تثقيفهم وتنويرهم من خلال محاضرات وندوات.
وكذلك يمكن تخصيص بعض هذه الأموال من أجل تشجيع الشباب بطرح مشاريع صغيرة تتبناها هذه النوادي التي تعرض فيها هذه المباريات.
وعلى الصعيد الآخر يمكن كذلك مشاهدة مباريات كأس العالم المجانية والتي تستمر لفترة محدودة لا يخرج منها الشباب بأي تطوير وتحسين لمهارات حياتية.
تنتهي مباريات كأس العالم ويبقى الشباب كما هو في تشاؤمهم واستيائهم وعدم موضوعهم وتكرارهم المستمر لكلمة (لا جديد).
غيروا لهؤلاء الشباب نمط حياتهم ليس بالضرورة لتحقيق ذلك بحرمانهم من مشاهدة مباريات كأس العالم أو بعدم تبرعكم لهم بالمشاهدة المجانية، فمن خلال تبرعكم يمكن العمل على تغيير وضعهم البائس.
يمكن العمل على تشجيعهم للبحث عن فرص أرحب وأوسع للحياة.
فهم رغم كل ما يعانون فيه من إحباط ولامبالاة يدركون مصلحتهم، ويسعون لتحسين أحوالهم فقط يجدون كل النوافذ مغلقة امامهم.
مشاهدات كأس العالم مجانا لن تعمل على فتح هذه النوافذ بقدر ما تعمل على تخديرهم وتسكينهم لفترة معينة لا أكثر.
محجوب مدني محجوب
صحيفة الانتباهة