رمزي المصري
أصبحت تكاليف علاج أي مريض مهما كان نوع مرضه هاجساً يقض مضاجع الأسر، وأصبحت المستشفيات الخاصة التي يلجأ إليها المريض – مجبراً لضعف إمكانيات مستشفيات الدولة – مكاناً لاستنزاف المريض، وأهله بصورة بشعة للغاية، وقد انتشرت في أي ركن وفي أي شارع.
لا نريد أن نشكك في أمانة الطبيب السوداني، ولا في إمكانياته الطبية، ولكننا نتحدث عن هذه المشافي الخاصة، التي تحوّلت إلى مواقع لكسب المال فقط، وبأي شكل، وبأي طريقة من دون مراعاة لحالة المريض المادية.
وأنا على ثقة أن كل من يقرأ هذا المقال مر بتجارب مؤلمة مع المستشفيات الخاصة عند طلب العلاج له أو لاحد أفراد عائلته . أصبحت فاتورة العلاج ومهما كان نوع المرض تصل إلى أرقام فلكية وابسط العمليات الجراحية يطلب منك دفع المليارات قبل أن يضع الجراح يده في جسم المريض .
شخصيا مررت بتجربتين قاسيتين خلال أسبوعين فقط. في الحالة الأولى تم اتخاذ القرار بالعلاج في مصر بتكلفة تكاد تكون أقل من نصف ما تم طلبه هنا في الخرطوم، مع مصاريف السفر والإقامة هناك.
اما الحالة الثانية فالوقت لم يسعفنا، وكان لا بدّ من بدء العلاج في أحد المستشفيات الخاصة الكبيرة في بحري، وللأسف وبعد دفع ما يقارب المليون ونصف المليون ( اسم الدلع للمليار ) خلال ٧٢ ساعة فقط اعتذروا لعدم وجود جراح، وتم نقل الحالة إلى مستشفى آخر كبير أيضاً في الخرطوم، وبدأنا رحلة دفع المليارات مرة أخرى لزوم العملية الجراحية، مع التحذير الشديد من المستشفى في عدم تأخير الدفع فوراً لإدخال الحالة في غرفة العمليات!!
هذه أمثلة فقط ،كما ذكرت، فإن الجميع يمرون بالتجارب نفسها يومياً في أبواب المستشفيات الخاصة، وأصبحنا كلنا نواجه هذه الكارثة التي تسمى بالمستشفيات الخاصة، وإذا حكمت عليك الظروف لطرق أبواب المستشفيات الحكومية، فتلك كارثة أخرى، وقد تفقد مريضك للأبد، وأنت تحاول أن تجد له سريراً في أحد مستشفيات الدولة.
ما الفرق بين هذه المستشفيات وعصابات تجارة البشر؟ هذه المستشفيات أيضاً تمارس تجارة البشر، ولكن بصورة مقننة ومعترف بها من أجهزة الدولة.
وصيتي لكل من ابتلاه الله بمرض أو ابتلى أحد أفراد عائلت،ه وقبل أن يذهب بالمريض لأحد هذه المستشفيات عليه أولاً أن يجدد شهادة البحث لمنزله اذا كان يمتلك منزلا أو يجدد شهاده أرضه اذا كان يمتلك ارضا أو يجدد رخصة سيارته اذا كان يمتلك سيارة لأنك ستكون مضطرا لبيع البيت أو الأرض أو السيارة لتأمين تكاليف علاج مريضك صدقني ستبيع إحدى ممتلكاتك لتوفر المليارات التي تطلبها هذه المستشفيات الخاصة .
أما الذين لا يمتلكون لا هذه، ولا تلك، وهم الغالبية العظمى من أبناء هذا الوطن، فعليهم انتظار أقدار الله، أو ان تمتد إليهم أيادي المحسنين .
كم اتحسر على الدكتور أكرم التوم، الذي كان يتوقع أن نصل إلى هذا المستوى المخيف، وبادر بوضع الحلول الممكنة لإعادة الحياة لمستشفيات الدولة، ولكن أصحاب المستشفيات الخاصة ومصانع الأدوية عملوا على شيطنته، وتحويل حلمه الكبير إلى كوم من الرماد، وتحوّل معه حلم المواطن الضعيف في العلاج المجاني أيضاً إلى كوم من الرماد .
يا اصحاب المستشفيات الخاصة ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
وكان الله في عوننا.
رمزي المصري
صحيفة ابتحرير