منى أبو زيد تكتب : خارج الصندوق..!
“هناك من يناضلون من أجل التحرر من العبودية، وهناك من يطالبون بتحسين شروط العبودية”.. مصطفى محمود..!
اختيار الشريك الذي يقاسمك سراء الحياة وضراءها على نيّة التأبيد قرار جلل، تكون الأولوية في اتخاذه لقلبك والأفضلية لعقلك، أمّا الاستثناء فهو أن توكل إلى الآخرين مهمة اتخاذه عنك. في مطلق الأحوال وكيفما كان موقفك من مبدأ اختيار الشريك لا تستطيع أن تكون بمعزل عن ثقافة مجتمعك ونظرته السائدة إلى صورة الشريك المثالي، وإن حاولت أن تتمرّد، سوف يعيدك خوفك من الاختلاف إلى حظيرة الثوابت تلك..!
لن تستطيع أبداً أن تنأى بفكرك عن ذلك التنميط الذي يُمارسه المُجتمع على رؤيتك للشريك المُناسب، فهو الذي يُوجِّه عاطفتك – على نحو غير مباشر – وهو الذي يملي على قلبك معادلة الشريك المسموح له أن يخفق عند رؤيته..!
مثالية العروس أو العريس المناسب الذي تتحد الأشواق بشأنه ويجيز المجتمع قرار اختياره، مرتبطة في عقلنا الجمعي ببعض الصفات التي يساعد وجودها في تحويل شرارة الحب إلى نار كافية لنضوج قرار الزواج..!
مع الاستعانة ببعض الأمثلة من طرف دولاب ذاكرتنا الفنية يمكننا الوقوف بسهولة على بعض الملامح المُجمع على وجوب توافرها في الطرفين. فالصورة النمطية للعروس المثالية التي يلتقي عندها رجال مجتمعنا المحلي – بتفاوت – من الدوبيت إلى الأغنية الشعبية إلى قصيدة النثر هي الجمال الساذج المقترن بصغر السن..!
يستبشر الرجل النمطي – عندنا – بطقوس التقاء نضجه ورصانته بجهالة أنثاه وقلة خبرتها، وهذا هو الشائع في تاريخه “يا رب يا كريم تديني عيشة ساهلة.. صندوقين ورق.. وميتين عبوكاً باهلة.. والتالتة العروس.. سمحة وصغيرة وجاهلة”. الأنثى الغريرة التي تقف بالكاد على أعتاب الأنوثة “الدفيفيق الـ دابو نَي.. البسيمتو بتكويني كي”، “خلاص كبرت بقيت تسعتاشر سنة.. عمر الزهور عمر الغرام.. عمر المنى”، “راعي حرماني واخش عامل السن” ..إلخ.. فالرجل صاحب الذهنية التقليدية – في مجتمعنا – لا يستطيع أن يقاوم سحر أن تكون حبيبته هي “صغيرته” كيف لا وصغر السن هو مرادف الإذعان والاستسلام الأنثوي اللطيف الذي يعشقه الرجل..!
أما المرأة من ذوات الذهنية التقليدية – المُنتمية إلى ذات المجتمع – فبوادر ومظاهر مثالية الرجل عندها تكمن في محتوى جيبه، ومنتهى جاذبيته عندها تكمن في الكرم والسخاء غير المشروط في إنفاق محتوى ذلك الجيب على طلباتها. فهي ترى في إغداق المال عليها إكراماً لها وكلما زادت قيمة ما ينفقه عليها كبر الدليل على حظوتها ومكانتها في قلبه. فالسخاء والكرم هو مرادف طيبة قلب الرجل بحسب نساء المجتمع التقليدي “الزول ده من طيبتو.. الفي جيبو ما بعدّو” ولا شيء بالطبع يعدل كاريزما الثراء والعز المتوارث “فوق المية ختَ المية.. ملك أبوك ما عاريَّة”. ولا فخر يضاهي فخر العروس بما أنفقه عليها عريسها “سبعة قدور محلبية.. سبعة قدور صندلية.. سبعة قدور ريحة نية.. نسيبتو قالت شوية”.. إلخ..!
بينما الحب الحقيقي “الجد جد” هو أن تحب الشخص الذي تعلم بأنه قد يجعلك تعيساً ومع ذلك تدخل الغابة وتعلن التمرد على مظاهر السعادة في الأنظمة الشمولية..!
صحيفة الصيحة