منذ السادس من أبريل 2019؛ اصبح الجيش او القوات المسلحة موضعاً للتعليقات؛ والتي جاءت بشكل جيد لم يكن متعارفاً عليه في سابق الأزمنة التي مرت على السودان؛ وفسر البعض ذلك بأنه (حملة ممنهجة) تنفذها جهات ذات أهداف وأجندة للنيل من الجيش السوداني واضعافه.
والسبب في ذلك معروف.. ولا يحتاج لمن يسبر غوره؛ فالجيش السوداني جيش يعتبر من أقوى الجيوش في المنطقة الأفريقية؛ ولديه قدرات كبيرة وتجارب ممتدة في التاريخ سلماً وحرباً؛ وهو الجيش الوحيد الذي خاض أطول حرب أفريقية؛ وبنى علاقات راسخة مع عدد من جيوش المنطقة.. بالاضافة لأنه حقق قفزات هائلة في مجال الصناعات الدفاعية.. وجيش بهذه المواصفات لا بد من أن يواجه بـ (حملة شعواء) من الجهات التي أشرت اليها لتصل لأهدافها وهي (اضعاف) الجيش ومن ثم تقسيم البلاد.
لا نريد أن نذهب لنتقصى عن (حملة تشويه) الجيش؛ لأنها معروفة لدى الناس.. والعبارات التي ذكرت فيها معروفة كذلك.. لكن استوقفني حديث للسيد ياسر عرمان اطلقه في ندوة الحرية والتغيير أمس الأول.. قال (عرمان) عبارات صارت تتردد في الفترة السابقة بكثافة؛ وأحسب أن الهدف منها لكي ترسخ في أذان الناس وبخاصة العامة منهم.. وهي عبارة أن (بالخرطوم- أو السودان 8 جيوش).
قال عرمان الآتي: “لا توجد 8 جيوش في أي دولة بالعالم، وإن أي دولة بها 8 جيوش معناتو دولة (فاسدة)، وقال العاصمة بها جيشان لكل جيش ميزانية وقيادة منفصلة.. ونحن نريد أن ننجح الثورة ونبني دولة جديدة وجيشاً مهنياً موحداً فيه كل السودانيين؛ الدولة الحالية دولة (فاشلة) ومن فشلها وجود 8 جيوش”.
هذه هي العبارات التي أصبح (يلوكها) البعض؛ لترسخ في أذهان العامة.. بأن بالبلد 8 جيوش- أو 10 .. هكذا قالوا وهكذا ظلوا يرددون.. مع العلم أن البلد بها (جيش واحد) هو الجيش السوداني (الواحد دا) – أو القوات المسلحة).. وكلنا يعلم علم اليقين وجود بقية القوات أو المليشيات.. التي جاءت وفق معطيات محددة.. ولا يمكن بحال من الأحوال وضعها مع (الجيش) في خانة واحدة وموضع واحد.
عندما يقول أحدهم عبارة “الجيش فعل كذا وكذا” الأطفال الصغار يعلمون ماذا تعني هذه الجملة ولا يحتاج ذلك لشرح.. والذهن يذهب مباشرة لمعنى واحد.. بأن كلمة (الجيش) تعني الجيش السوداني.
لذلك تكرار عبارات (8 جيوش) القصد منها وضع تلك المليشيات التي جاءت بها ظروف معينة- أو اتفاقيات معينة- في مكان واحد مع الجيش.. فالجيش معروف وله عقيدته وتجاربه وتاريخه وأكاديمياته وكلياته وقادته.. ولا يعتبر مجرد (قوات) فرضها واقع معين.
فيا (عرمان).. لا ترمي بكلمة (السودان دولة فاشلة).. بسبب وجود هذه الجيوش كما ذكرت. فالسودان دولة فاشلة لأن الذين تسنموا مجالس القيادة فيه كانوا دون (قامته المديدة).. وفشلوا بعد ان سلمهم الشباب الثوري السلطة كاملة.. وفشل السودان طيلة السنوات السابقة لأن بني جلدته تآمروا مع الأجنبي ففرضوا العقوبات.. وأحاطوه بالحظر الذي أقعده عن ركب الدول.
والسودان اذا اراد بنوه ان ينهضوا به.. ليس هناك سبباً يجعله في ذيل القائمة. فالسودان هو البلد الوحيد الذي يتميز بالموارد البكر والقدرات البشرية الهائلة التي أسهمت في بناء العالم والاقليم من حولنا.. ولكن أقعدته (دسائس السياسة) و(مؤامرات الساسة).
صحيفة الانتباهة