صلاح الدين عووضة

صلاح الدين عووضة يكتب : فراش النار!

والفراش أنواع..

فهناك فراش القاش..

والذي يخاطبه الشاعر المبدع هلاوي شعراً:

مين علّمك يا فراش

تعـبد عيــــون القاش

الخضرة في الضـفة

وهمس النسيم الماش

ثم أبدعه – زيدان – لحناً ذا خاتمة قمة في الإبداع..

وخواتيم كل عملٍ إبداعي إن لم تكن مذهلة فقد تجب ما قبلها..

أو قد تهدمه… وتحطمه..

وخاتمة فيلم لينكولن كانت ذات إبداع صاعق..

رغم أنها لم تتضمن سوى مشي هادئ… وموسيقى تصويرية أشد هدوءاً..

مشي من تلقاء لينكولن إلى حيث خاتمته الحزينة..

وقد تنطبق شروط الإبداع الختامي هذه أيضاً على مجال العمل السياسي..

أو تنسحب عليه؛ إلى حدٍّ ما..

وذلك إن حوى إبداعاً تنظيرياً تمت ترجمته إلى عملٍ خلاَّق..

ثم هنالك الفراش الحائر..

والذي خاطبه شاعرٌ آخر هو قرشي محمد الحسن..

وصاغ كلماته نغماً – شجياً – عثمان حسين..

فهو يصر على أن يحرق نفسه بنار الحقائق… فينتحر..

وهذا هو مصير الفراش حين يكون حائرا… فتدفعه الحيرة لمتاهات اليأس..

فيدفعه اليأس نحو نار الحقائق… فيحترق… وينتحر..

وفي هذا جاء في الأمثال: أطيش من فراشة..

والثعالبي تحدث عن جهل فراش النار… وخفته… وحلمه..

وعبارة حلم الفراشة هنا تعريضٌ بها… لا مدح..

تماماً كما نقول: أحلام العصافير..

وأشرنا – قبلاً – إلى أن الإبداع يمكن أن يشمل السياسة..

فيمكن أن تكون ذات بدايات جميلة..

وخواتيم أجمل؛ كخواتيم فيلم لينكولن… أو لحن أغنية فراش القاش..

وجماعة قحت لم تكن ذات إبداع..

لا في بداياتها الدميمة… ولا نهاياتها الأليمة..

ولا من جعلت منهم – عقب النهايات هذه – فراشاً مبثوثاً… وحائراً..

لعله يُعيدهم – الفراش هذا – إلى الذي ضاع منهم..

إلى الذي ضاع منهم عن حق؛ ولم يكن لهم حقاً… بحق..

فإذا به يغدو فراش نار..

يحترق – في نهاية المطاف الحائر – كما كانت خاتمتهم حريقاً..

يحترق بنار أوهام… تبدو لهم كما الأحلام..

هذا هو ما آل إليه حال من يصرون على صراخ الشارع؛ لا يزالون..

ومنها دعوة كل اليوم إلى الصراخ بملء الحناجر..

رغم أن الحقائق تشير إلى فقدان الناس ثقتهم في من صيَّرهم فراشاً..

فراشاً مبثوثاً… حائراً… طائشاً… منجذباً نحو النار..

فقد جربهم الشعب فوجدهم أسوأ قيادة… لأعظم ثورة..

أو هم الذين فرضوا أنفسهم قادة في غفلة من الشارع… والزمان… والتاريخ..

فكانوا مثالاً للفشل… والعبث… والأنانية… وحب الذات..

وكل يوم يفضحهم الشارع هذا أكثر… فأكثر..

ولا يفتئون يصرون عليه؛ صراخاً… وصياحاً… وهتافاً… وهياجاً..

وبالمناسبة: أين دعواتهم المتكررة للعصيان المدني؟..

لقد دعوا إلى العصيان هذا أكثر من مرة..

وفي كل مرة يُخذلون… ثم يصرون… كما يصر اليائس على الانتحار..

إنهم الفراش الحائر… أو الهائم… أو الحالم..

وقديماً كان هنالك مسلسل رائع اسمه عصفور النار..

وخواتيمه كانت ناراً..

والنار أحرقت من كانت لهم أجساد البغال وأحلام العصافير..

أو أحلام الفراش..

الفراش الحائر… الفراش الطائش..

فراش النار!.

صحيفة الصيحة