أمريكا دولة عظمى في العالم ومنتشرة في العالم، وتتعامل مع دول العالم تعاملاً مختلفاً من دول الدنيا الموجودة في الكون، وتتطاول على القوانين والأعراف الدبلوماسية مرات ومرات،
أمريكا غابت عن السودان لمدة ثلاثين عاماً طيلة فترة الإنقاذ، لأنها ضد حكومة الإنقاذ الإسلامية، وكانت حكومة البشير لديها عزة نفس وتملك قرارها الوطني،
وأمريكا كانت داعمة للحركات المسلحة وبعض الأحزاب، بل بعض الناشطين من أبناء السودان ومنظمات المجتمع المدني، وقامت بدعم الحركة الشعبية لتحرير السودان حتى تم انفصال الجنوب، وكذلك دعمت التمرد في دارفور، ودعمت المعارضين لنظام الإنقاذ عبر الحكومة الأمريكية أو بعض أعضاء في الكونغرس، وكذلك عبر بعض بعد المنظمات وناشطيها.
وسقطت الإنقاذ وليس لأمريكا سفير في الخرطوم،
والآن أوفدت أمريكا السفير جون غودفري سفيراً لها في الخرطوم، ووصل هذا السفير وقدم أوراق اعتماده للسيد الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني وهو يرتدي البزة العسكرية، ليس رئيساً مدنياً منتخباً وذهب إلى سفارته ليمارس عمله ممثلاً لحكومته في دولة السودان التي رئيسها الآن عسكري وملتزمٌ بما قدم من أوراق اعتماد بموجب ذلك، ليكون سفيراً لبلده في الخرطوم.
وجاء السفير في ظل دولة لها أعرافها وتقاليدها وقيمها، وهي دولة عريقة ولها إرث كبير في الحكم والتاريخ والسياسة لآلاف السنين، وتحكمها حكومة انتقالية قوامها العسكر لتعد لانتخابات ينتج عنها نظام ديمقراطي (على كيف الشعب السوداني)، وهذا السفير يعلم أن القوانين والأعراف الدبلوماسية تحدد مهامه وحركته في الدولة المضيفة، وهذه القوانين والأعراف تتساوى فيها الدول وليس فيها تمييز، لأن هذه دولة عظمى أو دولة من العالم الثالث، وتحدد نشاطه وعلاقاته في الدولة المضيفة اتفاقية فيينا، وتمنعه من التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة.
سفيرنا في أمريكا يتحرك في حدود خمسة وعشرين كيلو متراً، وهذا ينطبق على سفير أمريكا في الخرطوم.
ومعلوم أن التعامل الدبلوماسي يتم بالمثل، ولذلك زيارات السفير خارج الخرطوم ونشاطه السياسي واجتماعاته ولقاءاته مع أعيان وساسة وإدارة أهلية وعيون مجتمع وناشطين سياسيين غير مسموح به وفق القوانين والأعراف الدبلوماسية، كذلك تدخله السافر وسعيه لتمرير مسودة دستور المحامين وعمله لتمرير أجندة قحت الإقصائية والضغط على البرهان لعمل اتفاقية ثنائية، غير مقبول من الشعب السوداني. دور السفير رعاية مصالح بلده في السودان وليس التدخل في الشأن السوداني، هذا مسؤولية أبناء السودان، ومثل هذه الأنشطة تسمى في العرف الدبلوماسي (الأنشطة الهدامة) تؤدي إلى إعلان من يقوم بها بأنه شخص غير مرغوب فيه، ولذلك على السفير الأمريكي جون غودفري الالتزام بالقوانين والأعراف الدبلوماسية التي تحدد مهامه في السودان، ويجب على وزارة الخارجية السودانية أن تقوم بمسؤوليتها نحو حماية السودان وشعبه من هكذا ممارسات.
يا سعادة السفير، السودان دولة عندها عزة نفس عالية، وكل أزماتها سببها تدخل بعض الدول في شؤونها الداخلية، ولذلك مطلوب أن يلتزم الجميع بالقانون الذي يحدد مهامهم وعلاقات الدول بالدولة المضيفة، وأن يسود القانون والعرف الدبلوماسي الذي ينظم تلك العلاقة.
إذا كانت حكومتنا تغض الطرف عن هكذا ممارسة، فإنّ الشعب السوداني واع لذلك، وحريص على أمنه ووحدة وسلامة أراضيه، ولدينا تاريخ حافل جداً في ذلك.
عليه، مطلوبٌ من سفراء الدول المقيمين في السودان أن لا يتمطوا أكثر مما تمنحهم له القوانين والأعراف الدولية، خاصةً وأن العالم كله الآن يتغيّر ويتشكل، وما عاد للقطبية الأحادية مكان.
ما معنى أن يذهب سفير أمريكا الى شرق السودان ويعقد لقاءات واجتماعات رسمية وشعبية مع فعاليات في شرق السودان، هذا من الأنشطة الهدامة غير المسموح بها في القوانين والأعراف الدبلوماسية.
السيد السفير، احترم الشعب السوداني ومارس ما يفيد مصالح دولتك في السودان دون المساس بأمن وسلامة ووحدة السودان أرضاً وشعباً، واعلم أن السودان دولة مستقلة ذات سيادة!!
أيها السفراء المقيمون في السودان أرعوا مصالح دولكم دون المساس بمصالح السودان، واعلموا أن السودان ولو في حالة ضعف وأزمة، ولكن شعبه قوي ومدركٌ وصاحب قرار وإرادة،
يستطيع أن يقول قف لأي كائن مهما كان في أي وقت وحين. ومعلوم أن إرادة الشعوب أقوى من الحكومات، لأن الشعوب هي صاحبة القرار الذي لا فوقه قرارٌ إلا الله سبحانه وتعالى.
صحيفة الصيحة