لم يؤثر التحول المتسارع إلى “رقمنة البث” على مكانة الراديو التقليدي في الريف السوداني حيث لا يزال الملايين هناك يعتمدون عليه كمصدر رئيسي لمتابعة الأخبار والاستماع للأغاني والمسلسلات والأحداث الرياضية.
ويمثل استخدام الراديو خصوصية في المجتمع السوداني:
ما يزال جهاز الراديو بتصميمه التقليدي أكثر المقتنيات التقليدية طلبا في في هذا البلد حيث يستقي ملايين القرويين الأخبار والمعلومات والترفيه عبر الإذاعة الوطنية، إلى جانب الاستماع إلى الأغاني ومتابعة مباريات كرة القدم المحلية.
بسعر زهيد وخدمة تتخطى الحدود يصل أثير الراديو إلى المستمعين في الأرياف في هذا البلد الشاسع، ويعد شح الطاقة في مناطق واسعة وغياب الرفاهية من العوامل الرئيسية لتزايد مستخدمي الراديو.
ويقول مدير البرامج في الإذاعة السودانية الحسن عبد الكريم لموقع سكاي نيوز عربية إنه إذا كان سكان المدن يحرصون على حمل الهاتف النقال، فإن الراديو هو وسيلة المعرفة والترفيه الرئيسية لسكان الريف المتجولون في الأودية ومسارات الرعي.
تأثير نفسي
ووفقا للخبير الإعلامي حيدر المكاشفي، فإن الراديو ما يزال يحافظ على تأثيره الأكبر في أوساط سكان الريف السوداني:
ويقول المكاشفي لموقع سكاي نيوز عربية إن سبب محافظة الراديو على قاعدة مستمعيه العريضة في الريف يعود إلى طبيعة الحياة في الريف حيث يمكن الاستماع إلى الإذاعة أثناء العمل في الحقول دون الحاجة إلى التوقف عن أي نشاط إلى جانب سهولة تشغيل الراديو في أي مكان دون الحاجة لتوصيلات كهربائية أو أدوات استقبال معقدة ومكلفة.
من جانبه، يقول أسامة الماحي وهو ناشط اجتماعي في قرية تقع على تخوم مدينة الكاملين وسط السودان لموقع سكاي نيوز عربية إن مئات العمال الزراعيين في الحقول يسمعون الإذاعة أثناء العمل وأحيانا يرددون الأغاني المبثوثة عبرها.
ويوضح الماحي: “مستمعو الراديو موجودون في أي مكان في السودان؛ ففي حين يعزل استخدام الشبكات الاجتماعية في المدن الأشخاص عن المجتمع، فإن الراديو في الريف أكثر تأثيرا وسط المزارعين والقرويين وهم يهتمون جدا”.
عزلة الأرياف
لكن في الجانب الآخر؛ لا تغطي الخدمة الإذاعية غالبية الأرياف في هذا البلد حسب ما يقول المدير السابق لهيئة الإذاعة والتلفزيون بولاية شمال دارفور محمد حسين آدم لموقع سكاي نيوز عربية بسبب عدم تحديث أجهزة البث في المحطات الخلوية.
ويرى آدم أن غالبية أرياف إقليم دارفور خارج نطاق تغطية الإذاعات الوطنية منذ عشرة سنوات، لأن محطات البث الخلوية تحتاج إلى صيانة وقطع غيار وظلت قابعة كما هي منذ سنوات.
ويضيف آدم: “كانت الإذاعات الوطنية تغطي أرياف إقليم دارفور حتى تخوم ليبيا، لكن اليوم تنحصر في مناطق محدودة فقط”.
كيف أثر الراديو على حياة الناس في الريف وقت الأزمات؟
تلعب الإذاعات دورا كبيرا في توعية المجتمعات المحلية، بحسب مدير البرامج بالإذاعة السودانية الحسن عبد الكريم.
أثناء كارثة السيول التي دمرت عشرات القرى في السودان في أغسطس الماضي؛ عملت الإذاعة القومية على تخصيص برنامج إذاعي أطلقت عليه “الخريف والناس” لربط المتضررين بالإذاعة ونقل معاناتهم مباشرة.
قال مدير البرامج بالإذاعة السودانية والخبير في الصحافة الإذاعية الحسن عبد الكريم لموقع سكاي نيوز عربية إن تأثير الإذاعة على الأرياف “كبير وينعكس سريعا” على الإذاعة القومية من خلال ردة الفعل الجماهيري على برامجها التي تبثها.
من أجل تفادي فجوة بين الريف والإذاعة جرى تأسيس الإذاعات الولائية ليمتد البث إلى جميع المناطق الريفية علاوة على تأسيس “راديو المجتمع” بالشراكة بين الحكومة السودانية ومنظمات المجتمع المدني.
هناك تأثير قوي لخدمة الراديو في المناطق النائية كخدمة إعلامية قادرة على الوصول إلى تلك المناطق لأنها غير مكلفة ولا تعمل بالطاقة.
سكاي نيوز