المشهد الاقتصادي .. تحديات التضخم والفقر

ربما تمضي معظم الأسواق إلى نحو الخسارة لا الربح، نتيجة للقرارات التي أطلقتها الحكومة مؤخراً ليكون القصد منها الحصول على إيرادات تغطي العجز في الموازنة خلال العام الجاري، علماً بأن البلاد وعقب إجراءات 25 أكتوبر من العام 2021 تعاني وبشدة من مسألة إيقاف المساعدات الخارجية بكل أنواعها وأشكالها، الأمر الذي أدى إلى ظهور أعلى للتضخم والركود واستشراء نسبة الفقرة بصورة غير مسبوقة في أواسط المجتمع.

ظروف حالكة
أوضاع صعبة وظروف حالكة يمر بها الاقتصاد السوداني دفعت الكثير من التجار لهجرة المهنة وإغلاق محلاتهم، منها عدم الاستقرار السياسي والأمني وإغلاق الطرق بسبب الاحتجاجات المجدولة، بجانب قرارات الحكومة بفرض رسوم جديدة تحت بنود موازنة العام 2022 متمثلة في النفايات، الرخصة التجارية، والكرت الصحي، وغيرها، الشيء الذي جعل أغلب التجار يعبرون عن قلقهم وخشيتهم من التعرض للخسائر لا الأرباح التي تنبئ بها الأوضاع في الأسواق عكس ما كانت عليه.

اضطرابات ملحوظة
وشهد الاقتصاد في بداية العام اضطرابات ملحوظة، نسبة إلى أن معدلات التضخم ارتفعت إلى مستويات عالية، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية والتصاعد المستمر للدولار، ووفق أحدث إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء في السودان فإن المعدل السنوي يبلغ 107% في سبتمبر المنصرم، مقارنة بسنبة 117.42% في أغسطس الماضي، وظلت معدلات التضخم تشهد تباطؤاً ملحوظاً منذ بداية مايو الماضي، وأرجع الجهاز المركزي للإحصاء التباطؤ إلى نمو أسعار الغذاء والوقود بمعدلات أقل من النمو المسجل منذ شهر أبريل الماضي خلال العام الحالي.

الجوع الحاد
ومنذ إطلالة العام 2022 أرسلت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي، في بيان مشترك، تحذيرات من ارتفاع عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد في السودان إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر المنصرم، وسبق أن حذر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أن أكثر من 14 مليون سوداني يمثلون حوالي 30% من سكان البلاد سيحتاجون إلى مساعدات غذائية خلال العام الحالي.

انفجار تضخمي
المحلل الاقتصادي الدكتور محمد النيل أشار إلى خطورة الأثر التضخمي الناتج من رفع سعر الدولار الجمركي إلى ما يفوق الـ400 جنيه، وقال: من الأفضل كان ينبغي التدرج أو خفض الرسوم الجمركية المفروضة على كل سلعة بغرض امتصاص حجم مقدر من الأثر التضخمي الناتج عن تلك الخطوة، محذراً عبر تصريح لـ(اليوم التالي) من حدوث كارثة في شكل انفجار تضخمي، ويعتقد أن لتحقيق أهداف لجهات خارجية تسعى لانهيار الاقتصاد ومن ثم يجوع الشعب وتحدث فوضى، وهنا تتدخل الأمم المتحدة وتعلن السودان دولة فاشلة وتضع يدها عليه تحت البند السابع، وألمح إلى خطورة الوضع الاقتصادي عقب إيقاف المساعدات الخارجية، وتابع: رغم التعهدات السابقة بتقديم المساعدات للسودان عقب ثورة ديسمبر إلا أن الأمر لم يكن بحجم الجدية من الجهات الخارجية، ونوه إلى تزايد البطالة والفقر وساقية الأسواق ما تزال مدورة على حد قوله.

البطالة القياسية
الباحث الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي حدد أبرز أسباب التضخم المالي في البلاد، وقال إنها متمثلة في زيادة حجم الإصدار النقدي لتمويل عجز الموازنة العامة، نقص في الصادرات، زيادة حجم الاستيراد، وقطع بأن التضخم يؤثر سلباً على شريحة كبيرة من المجتمع، خاصة فئة محدودي الدخل وأصحاب الدخول الثابتة والمعاشات، الذين تزداد معاناتهم جراء ارتفاع مستويات الأسعار، وأوضح في تصريح لـ(اليوم التالي) إن تدني دخل الفرد في السودان يرجع بسبب معاناة الاقتصاد من معدلات البطالة القياسية، وتراجع الإيرادات العامة والمنح للحكومة، ما أدى إلى ارتفاع العجز الكلي خاصة مع استمرار التباطؤ في الاقتصاد، مضيفاً أن العملة الوطنية تعتبر من أكثر العملات في العالم تعاني من التضخم، مستدلاً بالارتفاع المتزايد لأسعار السلع والخدمات أكبر مؤشر للتضخم المالي في السودان.

الخرطوم: علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version