محجوب مدني محجوب
لم لم يسأل أحد من السودانيين هذا السؤال:
لماذا لا يكون لي أي نفوذ سياسي ودور في تحريك اللعبة السياسية في السودان؟
لماذا تنحصر هذه اللعبة لدى أشخاص معينين؟
قبل هذا السؤال يتعين على كل زول أن يسأل نفسه هذين السؤالين:
الأول: هل هو من ضمن الذين يضعون يدهم على موارد البلد و يتحكم في الصادر والوارد منها؟
والسؤال الثاني:
هل هو من ضمن من وقع عليهم الاختيار من أجل تحقيق أجندة خارجية في السودان؟
إن لم يكن هذا الزول يملك موارد البلد.
ولم يكن يمثل جهة خارجية لها مصالح في السودان، فليعلم أنه لا فرق بينه وبين أي زول حايم في السوق العربي، ولو كان هذا الزول يشغل منصب رئيس وزراء.
هذان هما المؤهلان الوحيدان في السودان اللذان يصعد بهما من يريد أن يحرك المشهد السياسي.
أو يريد أن يذاع اسمه في الأخبار بأنه تقلد منصب كذا وترك منصب كذا وقال كذا ولم يقل كذا.
لا تقل أنه يستطيع أن يحصل على ذلك من خلال موقف وطني.
لا تقل أنه يستطيع أن يحصل على ذلك من خلال مشهد بطولي.
لا تقل أنه يستطيع أن يحصل على ذلك من خلال رأي حكيم.
لا تقل أنه يستطيع أن يحصل على ذلك من خلال مؤهل علمي.
كل هذه الأمور مجرد مقبلات ومشهيات للوجبة الرئيسية، فكلها لا تسمن ولا تغني من جوع.
الوجبة الرئيسية، والتي تلعب دور الدينمو المحرك للأحداث السياسية عندنا في السودان صفتان لا ثالث لهما:
* إما جهة تضع يدها على موارد البلد.
* أو أخرى تدعمها جهات خارجية لتحقق مآربها في البلد.
فإن كنت تريد أن يكون لك موقعا سياسيا في السودان، فابحث لك عن موقع من أحد هذين الموقعين.
المصيبة والطامة الكبرى أن هذين الموقعين عندنا في السودان متصارعان أشد الصراع.
وعليه فكلما اشتد الصراع بينهما كلما انعكس ذلك وبالا وهلاكا على الوطن والمواطن.
كيف؟
حينما يجد من يمتص موارد البلد أن غريمه تقدم خطوات عليه زاد هو نهبه وامتصاصه لموارد البلد حتى يتغلب عليه.
وحينما يجد من يتقدم بسبب خدمة مصالح الكيانات والدول الأخرى أن غريمه تقدم خطوات عليه تقرب هو أكثر لتلك الكيانات وقدم لها مزيدا من التنازلات حتى لا ينهزم.
وإذا علمنا أن من كان سلاحه موارد البلد استحالة في يوم من الأيام أن يغير سلاحه بحيث يحوله إلى سلاح خدمة الكيانات الخارجية، فقد ثبتت التجربة أن هؤلاء لا يجيدون هذه المهارة مهارة تحقيق مصلحة الأجنبي في السودان كما أن هذا الأجنبي لا يعول عليهم و ولا يعتمد عليهم في تحقيق مصالحه في السودان.
وذات الأمر ينطبق على من يعتمد على سلاح تحقيق مصالح الأجنبي فهو مؤهل نفسيا وثقافيا على تحقيق مصالح الأجنبي كما أنه حاول أكثر من مرة أن يجد عضة في موارد البلد، ليجعلها سلاحا بديلا أو إضافيا له إلا أن غريمه لم يسمح له بذلك.
وهكذا استمر الحال في السودان على ما هو عليه.
والمواطن يواجه المطحنتين:
مطحنة تطحنه طحنا في إنهاك موارده لصالحها.
ومطحنة أخرى تطحنه طحنا في إمساك الأجنبي به وبسيادته.
فلا المطحنة ذات الموارد تشفق عليه ليس لأنها مصرة فقط على أن تتقدم المشهد السياسي بل لأنها لا تملك وسيلة غير هذه الوسيلة.
وكذلك من تتكئ على الأجنبي ليس لها وسيلة غيره تقتحم بها المشهد السياسي.
فكلما اختلفت هاتان الفرقتان كلما اشتد الألم على المواطن وكلما تفاقمت أزمته السياسية لم ينتصر المواطن، وإنما المنتصر هو وسيلة تلك الفرقة.
فإن كان النصر حليف الفرقة التي تعتمد على موارد البلد، فقل على موارد البلد السلام، فبسيطرتها على الحكم سوف تقضي عن آخرها.
وإن سيطرت الفرقة التي تتكئ على الأجنبي، فقل على سيادة البلد السلام.
فالمواطن بين مطحنتين ليس له خيار بينهما.
فهو إما ان يطحن منهما معا إذا استمر الصراع بينهما أو أنه سوف يطحن من جانب واحد حسب من ينتصر.
فهو إما فاقد لموارده مع واحدة او فاقد لسيادته مع أخرى.
لا خلاص للوطن إلا بالقضاء على الفرقتين معا.
فبقضائه على الأولى سوف يحفظ موارده. وبقضائه على الثانية سوف يحفظ سيادته.
صحيفة الانتباهة