محمد عبد الماجد يكتب: احذر (الوطني) وهو (الحزب الحاكم) مرة واحذره وهو (محلول) ألف مرة

(1)

 اذا كان حزب المؤتمر الوطني عندما كان هو (الحزب الحاكم) يفسد في الارض وينهب في ثروات البلاد ويستغل السلطة والدولة كلها لصالح قياداته والمنتسبين له، ويبيد في شعب دارفور ويقتل ويقمع كل من يختلف معه ويحول القضاء والقانون لخدمة اجندته، ويفعل كل ذلك وهو يرفع شعار (كل شيء لله) و (ما لدنيا قد عملنا) فان هذا الحزب وهو (محلول) يمكن ان يفعل اسوأ من ذلك. الذين لا يخافون الله لا تتوقع ان يخافوا من الشعب – اذا كان (الوطني) يفعل السوء كله وهو في السلطة ،وهو (الراعي) لهذا الشعب كيف يكون الوضع عندما اصبح المؤتمر الوطني في المعارضة؟ يتحرك من مقاعد (الرعية) ولا يحكمه ضمير ولا يعرف المسؤولية.

 لم يضبط فسادهم (الدين) الذين كانوا يرفعون شعاراته ويتحدثون باسمه وهم عليهم ملامح التقوى والوقار. يصومون الاثنين والخميس ويطلقون لحياتهم ويتواجدون في المساجد. كيف يكون حالهم الآن بعد ان سقط القناع وظهروا على حقيقتهم وتغيرت ملامحهم وذاقوا ضنك العيش وأصبح بعضهم في السجون وبعضهم في المنافي الخارجية؟

 الوحش المفترس تزيد خطورته عندما يجوع.

 اذا كانوا وهم (الرعاة) يرفعون شعار (فلترق كل الدماء) كيف يكون الوضع وهم (الرعية)؟

 السلطة وهم في قمتها لم تجمح مطامعهم ولم تشبع رغباتهم .. كيف يكون ظرفهم عندما اصبحوا في القاع بعد ان نعموا بالسلطة وتهنوا بها (30) عاماً بغير وجه حق؟

 باعوا الارض التى كانوا حرّاسا لها ونهبوا الثروات التى كانوا امناء عليها.

 لا بد ان (غلهم) الآن اكبر و(فسادهم) اعظم .. لم يكن (الوطن) يعنيهم في شيء وهم (ولاة) الامر فيه .. هل يعنيهم الوطن الآن في شيء وهم (مطاريد) فيه ؟ تلاحقهم النيابات ويلعنهم الشعب وترفع عليهم الدعاوى والدعوات.

 سموم المؤتمر الوطني وهو (محلول) اكثر خطورة من سمومه وهو (الحزب الحاكم).

 لهذا ان كنتم تحذرون المؤتمر الوطني وهو في السلطة (مرة) فان عليكم ان تحذروه وهو محلول (الف مرة).

 من يقتل وينهب ويسرق وهو في السلطة توقعوا منه كل شيء وهو خارج السلطة.

(2)

 الذين يتصارعون الآن على السلطة – من يصارع منهم من اجل الوطن ومن يصارع منهم لأجل مصالحه، من يفعل ذلك بحسن نية ومن يفعلها بسوء النية– من يريد ان يخدم الوطن ومن يريد ان يخدم اجندته ،عليهم ان يعلموا جميعاً ان هنالك مكونات وكتل وخلايا جديدة بدأت تظهر في المجتمع وأصبحت تشكل قوة لا يمكن الاستهانة بها ويمكن ان يصعب من بعد التغلب والسيطرة عليها وتصبح هي المتحكمة في البلاد كما في الصومال وسوريا واليمن وليبيا وقبل ذلك كما كان الحال في افغانستان وكل الدول التى اصبحت لا يمكن السيطرة عليها وان بدت ليبيا قريبة من العودة الى عهد الدولة.

 على كل الذين يتصارعون الآن ويقاتلون بشعارات وأهداف نبيلة او غير نبيلة ان يعلموا ان هذا الوطن اذا ظل على هذا الحال سوف يتلاشى من الوجود وسوف يعاني التمزق والتشتت وسوف يكون اول المتضررين من ذلك من يشعلون نيران الفتنة وينشرون الفوضى والخراب في البلاد.

 هذه النار التى يشعلونها الآن اول من تحرق هم الذين يشعلونها – سوف تدركهم النار ولو كانوا في الصين او ماليزيا او تركيا.

 الفوضى والخراب لا تعرف الاستثناء، سوف تعم المفاسد كل انحاء البلاد ولن يكون هنالك شخص معصوم من ذلك حتى الذين غادروا البلاد واختاروا ان يشعلوها من الخارج.

 حتى الابرياء لن يسلموا من ان يكونوا ضحايا لذلك… لهذا لا يجدي الحياد في مثل هذه المواقف ..لأن المحايدين اول من سوف يدفع الثمن.

 هنالك اجسام بدأ يظهرها الوضع اللا حكومي الآن – هذه الاجسام اكتسبت الشرعية والثورية ايضاً وأصبحت تعمل بالقانون وهى التى تخرج عنه وتكسر قواعده.

 في الجانب السياسي ظهرت (كتل) اضحت هى المسيطرة على الاوضاع وعلى الحكومة وعلى الثورة نفسها. وفي الاقتصاد هنالك قوة اقتصادية مجهولة تتحكم في كل الاشياء.

 هذه الاجسام الموازية يمكن ان تقوى وتكبر وتتغلب على الحكومة وعلى المعارضة ايضاً.

 انتبهوا لهذه الاجسام وانظروا الى المستفيدين الحقيقيين من هذه الاوضاع فقد نمت تجارتهم وارتفعت اسهمهم وزادت ارصدتهم، في الوقت الذي يهبط فيه الوطن الى اسفل.

 ادركوا هذا الوطن قبل الضياع… لن ينفعكم منصب او كرسى او حزب او قبيلة او مؤسسة عسكرية اذا ضاع الوطن.

 بعد الوطن لا قيمة للأشياء وان تحولت ارصدة وذهباً في البنوك الخارجية.

 لن تنفعكم كل ثرواتكم وكل جيوشكم اذا خسرنا الوطن.

(3)

 نحن امام خيارين كلاهما مؤسف وقاس وكارثي، فأما ان نكون امام خيار (حكومة اللا دولة) ، وأما ان نكون امام خيار (دولة اللا حكومة) … والخياران لن نجنى منهما غير الحسرة والأسف الطويل و(حدث ما حدث)!!

(4)

 بغم

 بعد انقلاب 25 اكتوبر حق علينا ان نسأل عن من هو (المحلول) ومن هو (الحزب الحاكم) في حكومة الانقلاب؟

 المحلول اصبح يسيطر على كل شيء، اما الحزب الحاكم فقد اصبح (محلولاً).

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version