عبد الله مسار
29 اكتوبر 2022م
في قرية بأوروبا، مسجدٌ به حلقات تحفيظ القرآن الكريم للأطفال، حيث يجلس الشيخ يومياً ليلقن الأطفال القرآن ويحفظهم ويصحح لهم الأخطاء، ثم يصلي الأطفال مع شيخهم، ثم يذهبون لممارسة الرياضة أو اللهو واللعب بعد أداء بعض الأذكار، يحضر الأطفال طاولة التنس ويحضرون المضارب ويحولون باحة المسجد الى كرنفال بهجة وسرور، وإمام المسجد يشبه الطفل في تصرفاته معهم.
وقف أحد المصلين وهو من بلد عربي متعجباً لهذا المنظر واقترب من الإمام، فقال الإمام أعتقد أن في بلدك العربي لو رأي المسؤولون هذا المنظر لقالوا إننا نفعل البدع في مساجدنا، وقلت له ماذا تُريدون من حفظ القرآن وتعليمه ولعب الأطفال فيه.
فقال الإمام نريد قتل النفاق بالتربية في المسجد، فقلت كيف ذلك؟
قال الإمام، الطفل عندكم يلتحق بمكاتب التحفيظ ليتعلم القرآن فيعيش في بيئة روحانية ثم يخرج الى الشارع يريد أن يشبع رغباته في اللعب واللهو مع أصدقائه، فيشبعها في بيئة غير منضبطة، شتائم وألفاظ نابية ومعارك، ولما يعود الى مكاتب التحفيظ يلتزم سلوك التديُّن ويتأدّب بآداب القرآن، وهكذا يعيش الطفل حالة من التقلب تؤدي به الى طريق النفاق.
عليه، لنبعد أطفالنا من حالة النفاق هذه جعلنا المسجد مكاناً لتعليم القرآن وحفظه، وكذلك محلاً للهو ولعب الأطفال.
ثم قال الإمام نزل القرآن في بلاد العرب وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل المسجد حياة كاملة، بل إن حياته كانت نسقاً متكاملاً وخلقاً عظيماً،
وبعده أنتم أخذتم من الإسلام جسده وتركتم روحه.
وقال ذاك العربي، هنا تذكّرت قصة المرأة التي بعثت بابنها الذي عمره ١٤عاماً الى أحد المراكز الإسلامية في أوروبا لكي يسلم، فسأله الإمام من أتى بك الى هنا؟ فقال أمي وهي تقف خارج المركز. فقال الإمام لماذا لم تدخل معك؟ قال الطفل هي غير مسلمة. فتعجّب الإمام وطلب منه أن يستأذن أمه بالدخول. ولما دخلت الأم سألها الإمام أنتِ لست مسلمة كما أخبرني ابنك، ولماذا تطلبين من ابنك أن يسلم؟
امتلأت عيون الأم بالدموع، قالت لي جارة مسلمة ولها طفلٌ في عمر ابني ما دخل البيت ولا خرج إلا قبّل يديها ورأسها وسلم عليها، فتمنيت أن يكون ابني مثله.. ولذلك الدين الإسلامي دين خُلق ومعاملة وتسامُح وحُب قبل أن يكون دين عبادة.
يقول الشيخ الدكتور عمر عبد الكافي القرآن يحتوي على ٦٢٣٦ آية، آيات العبادات فقط ١٣٠ آية. في حين أن آيات الأخلاق ١٥٠٤ آيات حوالي ربع القرآن، ومع ذلك ركز المسلمون على آيات العبادات وتركوا الجزء الأكبر والمهم من المعاملات وحُسن الخُلق.
حديث أبي الدرداء: أن النبي ﷺ قال :ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يُبغض الفاحش البذيء، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وقيل الدين كله خلق فمن فاقك في الخلق فاقك في الدين.. اللهم نسألك حسن الخُلق.
تحياتي،،،
صحيفة الصيحة