أفيقوا يا عُقلاء السودان!!
بقلم/ التاج بشير الجعفري
قد لا يُصدق أو ربما يستغرب الكثير من الناس الحال الذي وصلت إليه الأوضاع في البلاد من إنسداد في الأفق السياسي للحل وهشاشة الأوضاع الأمنية وانتشار “ظاهرة” النزاعات والصراعات القبلية الدامية، بالإضافة للتدهور المُريع للأوضاع الإقتصادية وكل ذلك بسبب الأزمة التي جثمت على صدر البلاد ولا يبدو أي أمل للفكاك منها.
بالأمس مرت الذكرى الأولى لإنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر والذي (كما زُعم) جاء لتصحيح مسار الثورة؛ ولكن لا يبدو أن “تصحيحاً” قد تحقق من وراء تلك الإجراءات التي أدخلت البلاد في حالة من عدم الاستقرار والفراغ السياسي، بل أكثر من ذلك فقد إزدادت الأوضاع سوءاً في كافة النواحي؛ السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية؛ وحتى ذلك الأمل الذي تشبثت به العديد من قطاعات الشعب بعد نجاح الثورة قد بدأ في التلاشِي، وأصبح الناس مُنهمكين في مُصارعة الضائقة المعيشية الطاحنة التي تُرِكوا لمواجهتها مع إنشغال المسؤولين والساسة بصراعاتهم (المُتوارثة) حول السلطة والحكم.
إن الوضع الذي تعيشه بلادنا حاليا وضع خطير لم تشهده في تاريخها من قبل بالنسبة لحالة عدم الإستقرار الناتجة عن الانسداد السياسي والفشل في إدارة الفترة الإنتقالية والوفاء بمتطلباتها.
فالبلاد ظلت في حالة عدم إستقرار مُنذ سقوط “نظام الإنقاذ” في الحادي عشر من أبريل 2019م، وقد ساهمت الكثير من العوامل في ما حدث، ولكن قد يكون السبب الرئيس في كل ذلك هو “التصلب والجمود” في المواقف و”الكيد السياسي” من قبل كافة الأطراف تجاه بعضها البعض وعدم قدرتها على التحلي “بالمُرونة” اللازمة لتجاوز المصاعب والعقبات، الشيء الذي أدى لفشل المكونين المدني والعسكري في إدارة الفترة الإنتقالية والوفاء بمتطلباتها.
الآن تزداد أزمات البلاد ضراوة وتعقيداً خاصة مع غياب الجدية المطلوبة للوصول إلى تفاهمات وتوافقات “واقعية” بين جميع الأطراف السياسية والعسكرية تُفضي لحل الأزمة السياسية وتفتح المجال للمُضي قُدماً في تأسيس دولة ديمقراطية على أسس العدالة والحرية والمساواة؛ تسع الكل ويعيش الجميع بسلام تحت مظلتها.
نوجه النداء “خالصاً” لكافة الأطراف والمكونات السياسية بشكل خاص لأجل أن تعمل على تغيير نهجها الحالي في التعاطي مع قضايا وشؤون البلاد السياسية لأن البلاد، بلا شك، تعيش محنة حقيقية وتقف على مُفترق طرق مما يستوجب على جميع الأطراف التصرف بمسؤولية وحكمة وعقلانية لتغيير النهج الحالي في التعامُل ومعالجة الإختلافات والخلافات فيما بينها والعمل على تغليب المصالح العليا للبلاد؛ فقد ضاع الكثير من الوقت في المُكايدات والمُماحكات السياسية التي لم تُسفر عن شيء ولم تُوصل أي طرف لما يبتغيه ويسعى إليه.
كذلك النداء يمتد للقيادة العسكرية للعمل على تهيئة الظروف الملائمة للوصول لحل سياسي يُحقق مطالب وأهداف الثورة ويُلبي طموحات الشباب الثائر في الشارع؛ مع ضرورة الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف حتى تخرج البلاد من هذا النفق المُظلم الذي يتهدد مقدراتها.
نذكَّر في الختام بأن التعنت والتصلب والجمود في المواقف وفرض الحلول والاشتراطات لن تُثمر عن نتيجة راجحة؛ فالأجدى والأفضل أن يعمل الجميع يداً واحدة لتجاوز التحديات والصعوبات التي تواجهها البلاد.🔹
ألا هل بلغت .. اللهم فاشهد.
eltag.elgafari@gmail.com
صحيفة الانتباهة