صلاح الدين عووضة
25 أكتوبر 2022 م
من نسوة..
أي بتاع نسوان..
والتقارير الأمنية عن الأشخاص – ببلاد القهر – ترد فيها غالباً مفردة نسونجي..
ومن الأشخاص الذين يُرصدون – أمنياً – الصحافيون..
وحين يُوصف أحدهم – في التقارير هذه – بأنه نسونجي فهو محظوظ..
فقد نال شهادة براءة سياسية من البصاصين..
بمعنى أنه لا خوف منه؛ فهو مجرد شخص بتاع حب… ونسوان… وغزل..
والصحفي أنيس منصور نال هذه البراءة… رغم براءته..
رغم براءته من تهمة العيش بالنسوان… وللنسوان… ومع النسوان..
بل إن تقريره الأمني هذا مهد لزواجه..
فقد أراد الاقتران بواحدة كان لها دور سري في حركة ضباط مصر الأحرار..
وفضلاً عن ذلك كان خالها زكريا توفيق..
فاعترض عدد من الضباط هؤلاء على الزواج بحجة انتساب أنيس لعالم الصحافة..
قالوا (إزاي نجوزها لجرنلجي ما عندوش غير الرغي؟)..
أي إنه يمكن أن يفشي بعضاً من أسرار الحركة عبر زوجته رجاء منصور..
ثم – وفي تحول فجائي – تمت الموافقة على الزواج..
وكتمت العروس السر – سنين عددا – إلى أن كشفه له السادات..
فقد اطلعه على تقريره الأمني… فوجد فيه أسباب موافقة ضباط يوليو على زواجه..
وكان مكتوباً عليه (بتاع نكات… وغراميات… ونسوانيات)..
بمعنى أن كل نشاطه السياسي محصور في إطلاق النكات التي تمس الحكومة..
ثم لا شيء سوى الغرام… والهيام… والأحلام..
والنكات عمرها ما أسقطت نظاماً؛ أو شكلت تهديداً له..
أما الغراميات فهي (عز الطلب)؛ ما دامت تصرفه عن شؤون السياسة والثورة
والمضحك في الأمر إنه لم يكن (بتاع) أي من الشيئين هذين..
هكذا يقول أنيس؛ وهو يضحك..
فالنكات السياسية التي كان ينسبها له الأمن لم يقل سوى (كام واحدة) منها فقط..
أما الآلاف الباقية فهي من بنات أفكار شعبٍ (ابن نكتة)..
وسبب سردي لحكاية أنيس هذه (حليفة) أحدهم لصديق لي بأنه رأى ملفه الأمني..
كأحد عناصر أمن مايو؛ وليس بحسبانه معارضاً سياسياً..
يعني ليس بتاع نكات ونسوان؛ وإنما هو أحد كاتبي التقارير أنفسهم عن آخرين..
وأقسم صاحبي بدوره – قسماً مضاداً – نافياً التهمة..
قال إنه لم يلعب هذا الدور المزدوج أصلاً… وإلا لما ظل في الفقر الذي نعلمه..
وإنما كان قيادياً طلابياً معارضاً لنظام مايو؛ وبس..
فقلت له – مداعباً – ربما كانت طريقتك في المعارضة تصب في مصلحة النظام..
ومن ثم فإنك – في نظر أمن مايو – تمثل العدو النافع..
بمثلما أن نكات أنيس نظرت إليها أجهزة الأمن كعامل (منفس لكبت الشعب)..
ومغامراته النسائية مجرد لعبٍ نسونجي غير ضار..
فما دامت لا تؤذي الثورة فليحب من إسكندرية إلى أسوان (زي ما هو عاوز)..
وفي الإسكندرية هذه فليعشق الستات… في زنقة الستات..
فهو لن يُؤذي الثورة؛ فالثورات التي تُؤذي الناس تخاف مما يُؤذيها هي..
وأعني الانقلابات التي تُسمى ثورة..
ومن الغرائب أن أكثر ضباط يوليو خشية على ثورتهم من أنيس هم الذين آذوها..
وأذاهم لها كان بسبب النسوان..
وتحديداً ليلة النكسة… نكسة حزيران..
فقد كانوا يسهرون مع ممثلات – وراقصات – حتى موعد الهجوم الجوي فجراً..
وضُبط كل منهم متلبساً بالصفة التي نُسبت لأنيس..
نسونجي!.
صحيفة الصيحة