تحية من هنا للدكتور الواثق كمير الذي كرس كل خبرته ونظره المتبصر لمشكلة الانتقال كيف سيكون ومن هي قواه وكيف تتراضى وماذا سيكون برنامجها وكيف سيلتف الناس حول ذلك البرنامج وكيف سيتحقق السلام وما سيترتب عليه من دمج وتسريح واعادة دمج وما موقف الدول الداعمة للحركات المسلحة من تلك العملية وموقف المراكز الخفية الممسكة بهذا الملف من عصبه واعصابه وعلاقة كل هذه الاطراف بالحكومة الوليدة ومدى حرصها على التحول الديمقراطي في السودان.
ازجي هذه التحية للدكتور الواثق وهي تحية مستحقة لان كل سؤال انهضه يقف الان ماثلاً امامنا ويتحول من سؤال لواقع معاش تيهاً وسديماً وسراباً واحباطاً .
لم يكن الواثق يطرح تلك الاسئلة من واقع حرصه على استمرار الانقاذ حاكمة وفقاً لرؤيتها التاريخية المشحونة بالخطاب الديني المبتسر والحريصة على تعميق مكاسب عضويتها بفتح ابواب الثراء كافة، بقدر ما كانت تلك الاسئلة موجهة للانقاذ نفسها وداعية لتغيير منهجها والركون للحلول المنطقية التي تحافظ على السودان خوفاً مما سيترتب من مجاهيل في حالة سقوطها بغتة وهذا ما حدث بالضبط .
منذ اكثر من اسبوعين اطالع بوستات ومقالات تنادي باسقاط الحكومة الانتقالية دون ان ترسم ملامح الحكومة التالية لها وسبق لي يوم امس قولي إن الحكومة الانتقالية مثل (الأشهر الحرم) لا تجوز معارضتها لانها ليست حزباً واحداً ولا مشروع جماعة سياسية ذات توجه واحد .هي جماع افكار ومنتوج توافق قاعدتها كل الشعب وافقها كل المدى بما اتسع ولكن هل الحكومة الانتقالية الحالية ينطبق عليها هذا التوصيف ?
كي يصبح الانتقال محل اجماع لا بد ان تكون حاضنته بلا شواطئ وضفافه متسعة وسهوله فسيحة ولغته تسامحية ونقده يستهدف البناء وله رموز ملهمة وشخوص محل اجماع وله ايضاً من الفيوض ما يتمدد.
في هذه الحال لن يكون هنالك معارض واحد وستصبح معارضة الحكومة الانتقالية جريمة يحاكمها الضمير الوطني وتدينها الاخلاق السياسية وسيصبح مقترف هذه الجريمة عرضة لقسوة التاريخ.
عادة ما انتخب مقالات لكتاب لهم قدرة الاضافة تسندهم حصافة سياسية نابعة من تجربة كي استرشد بحبرهم في فهم ما ترسبه الاحداث وما سوف ترسمه السياسة ومن تلك المقالات قرأت للدكتور خالد التجاني مقالاً تمنيت بعده ان ارتد لرحم امي فقد نطق بكل مخاوفي وهواجسي وكنت قبله طالعت صورة لعثمان ميرغني في طريقه للمطار بموتر وامتعته تحملها عجلة وهذا المشهد في حد ذاته مقال مفتوح فالصورة دعوة للتأويل.
صحيفة الانتباهة