دائماً تقدم الشهادة السودانية بعض النماذج (المبهرة) من الطلاب.. الذين استطاعوا تحقيق نسب عالية وهم يعيشون ظروفاً اقتصادية وحياتية ضاغطة.. وربما كانوا من أسر فقيرة رقيقة الحال لا تستطيع أن توفر أدنى متطلبات الدراسة ولا المعاش.. وربما فقدوا الأم والأب وعاشوا مع بعض أفراد الأسرة الممتدة؛ وبرغم ذلك أحرزوا نتائج مشرفة ترفع الرأس.. وهذا هو السودان الرحم الولود المليئ بالعباقرة والأفذاذ من غمار الناس.
بالتأكيد اعني بما ذكرته سابقاً الطالبة النابغة ريماز.. والتي أحرزت 92.2% في امتحان الشهادة الأخير رغم ظروفها القاسية؛ وآخرين (غابت عنهم الكاميرات)؛ فريماز فقدت سند الأم والأب وربتها خالتها على الكفاف؛ ولكن رغم هذه الظروف احرزت نسبة غالية وعالية؛ كنموذج مشرف للتلميذ السوداني الذي يقهر المستحيل.. من حسن حظ (ريماز) ان تم نشر قصتها على مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا).. فقامت بعض الجهات بالتكفل بنفقات دراستها؛ وقد اعلنت الدكتورة ايمان بشير نور الدائم عميدة كلية النهضة عن تقديم منحة دراسية كاملة لها لدراسة الطب مع التكفل بكل نفقات السكن والاعاشة؛ بالتأكيد الكلية بهذا الاعلان المشرف.. الذي نتمنى أن يتمدد ليشمل عدداً كبيراً من جامعاتنا وكلياتنا؛ فكم من طالب مثل ريماز؛ ولكن عجز في ايصال صوته وقصته الى الناس.
اعجبني جداً القرار الذكي من المهندس احمد ابو شعيرة الرئيس التنفيذي لشركة بدر للطيران الذي سارع بالتكفل بمنح عمرة مجانية للطالبة (ريماز) وخالتها ودفع كافة التكاليف.. تكريماً لعصاميتها واجتهادها.. لا شك أن ما قام به أبو شعيرة وما تفضلت بتقديمه د. ايمان تجاه هذه الطالبة يعتبر عملاً ممتازاً ومستحسناً من كل فئات المجتمع.. ونتمنى ان تحذو هذا الحذو بقية الشركات والكليات والجامعات.
وعندما ندعو بقية المجتمع ممثلاً في شركاته وجامعاته وكلياته لتبني الطلاب الأذكياء والنابهين الذين قهروا صعاب فقرهم وعوزهم؛ وحققوا نسباً كبيرة في امتحاات الشهادة.. نحن نعلم أن هناك (المئات) من الطلاب الذي حققوا نتائج باهرة.. ولكن لظروف خاصة بهم لم تصل اصواتهم للناس؛ ولم يعلم المجتمع بهم.
نريد من مؤسساتنا؛ الخاصة والعامة أن تتبنى المتفوقين من الطلاب الفقراء؛ الذين نالوا شرف قائمة (المئة الأوائل) في الشهادة السودانية.. برغم ظروف الفقر والعوز التي ضربت المجتمع؛ وهم كثر ومنهم على سبيل المثال الطالب عبد الرحيم مختار الصبي الذي يبيع الليمون بسوق نيالا؛ هذا الطالب الذي توفى والده وتركه طفلاً ليعول بقية اخوته.. استطاع ان يحقق نسبة 92.6% في امتحانات الشهادة الأخير.. وأنا أتوقع أن يقوم حامد التجاني هنون والي ولاية جنوب دارفور بتبني هذا الطالب؛ وليس تبنيه فقط؛ بل ويقوم بتكريمه؛ وتوفير وسيلة ميسرة له ولاسرته لكسب العيش.. اذ ماذا يكون دور الوالي والراعي اذا لم يقم بمثل هذه الأعمال النبيلة.
الطالب عبد الرحيم مختار ينتظرك سعادة الوالي هنون.. فهو لا يزال واقفاً خلف (حلة الليمون) بسوق نيالا ليعول اخوته.. فهل تفعلها؟؟ وقد عرفناك سباقاً في فعل الخيرات.. ونتمنى أن يجد مئات المتفوقين من أبنائنا الفقراء العون والسند من المجتمع والدولة.. وما اكثرهم.. فهل نحن فاعلون؟
صحيفة الانتباهة