جعفر عباس يكتب.. للرجال فقط

لأنني متزوج محترف، وصمد زواجي دهرا طويلا، رغم كيد الشلابات سعاد حسني ونبيلة عبيد، فإنني أقدم النصح للرجال حول كيفية ضمان استمرار الزيجة بدون عترسات كثيرة، فمن أقوى الأسباب لصمود زواجي بأم الجعافر أننا توقفنا عن الذهاب الى السوق سويا، ففي تجاربي القليلة في الذهاب الى السوق في صحبتها عانيت من ارتفاع ضغط الدم وتضخم البروستات والحول والتهاب المفاصل، ذلك أنها شأن معظم النساء تعتزم مثلا شراء ساعة، ولكنها تدخل متجرا يبيع البخور ثم آخر يبيع العطور وعاشرا يبيع الكرور، وفي ذات مرة كنا نعتزم شراء ملابس لمولود جديد لأسرة صديقة، واتفقنا ان نذهب سيدا أي مباشرة الى دكان معين: “بيبي شوب”، ولكن التوافق معها في أمور السوق لا يختلف عن التوافق مع البرهان حول أمور الحكم، فما ان دخلنا السوق حتى بدأت تتوقف أمام الواجهة الزجاجية لكل دكان نمر به، فكتمت غيظي وقلت حتى الخواجات يسمون ذلك window shopping أي تسوق افتراضي ب”النظر”، ثم مررنا بمحل للنظارات الطبية فإذا بها تدخله توووش، وعندها انفجرت من الغيظ، فقد كان نظرها 60000 على 60000 وكان بالنسبة لي أمرا مألوفا ان تنظر الى السماء وتقول: ديك الطيارة السودانية متجهة الى الخرطوم .. بخت المسافرين.. ثم تستدرك: دي ما السودانية دي السورية، فانظر الى السماء ولا انجح في رؤية الطائرة، (لهذا كنت أسميها زرقاء ال”يا ماما”) وسبحان الله فهي اليوم تمد لي تلفونها قائلة: ما لاقية نظارتي، شوف لي الرسالة دي فيها شنو!!! يعني بدون نظارات شوفها ضنين مثل شوف ام الحسن (أكيد أصابتها عين حسود)، وهكذا وحقنا للدماء ومنعا للجلطات وحفاظا على علاقات حسن الجوار، اتفقنا على عدم الذهاب سويا الى السوق، وهكذا تحسنت العلاقات بين الطرفين
أيها الرجل أعلم ان النساء يعشقن التسوق لعدة أسباب من بينها انهن لا يثقن في ذوق الرجال في اختيار الملابس والأواني على وجه الخصوص، وبما انهن محرومات من حرية التجول المكفولة للرجال فإن السوق يتيح لهن فرصة الخروج من الانحباس المنزلي ودوامة الملل، وعلى الرجل ان يشتري راحة باله بفلوسه، يعني لو المدام قالت انها ذاهبة الى السوق عليك أيها الرجل ان توفر لها الميزانية اللازمة للتسوق، وحتى لو كانت تتسوق من حر مالها ف “خلِّي عندك دم” وساهم في المشوار بقدر استطاعتك، بل ونصيحتي لكل رجل أموره ميسرة بعض الشيء أن يعطي الزوجة راتبا ثابتا (في بريطانيا قدروا أجرة الزوجة المتفرغة لشؤون البيت ب7 جنيهات استرلينيه في الساعة- يعني بالميت 100 إسترليني في اليوم يعني بالسوداني أجرة مثل تلك الزوجة 60 الف جنيه في اليوم، وهذا مبلغ يعجز حتى فكي جبرين عن توفيره)
في أول سنة لنا كمغتربين كانت ام الجعافر تتصل على أمها هاتفيا، وما ان تسمع صوتها حتى تنفتح صنابير الجعير والدموع: امي .. واااااا، هئ هئ هئ هئ انتِ كيف آآآآآآ، وتمضي عشر دقائق على ذلك الحال، وبعدها يبدأ موال السؤال عن بنت العم والخال، والحال الكويس والبطال، وتفاصيل زواج جلال وإقبال، والعداد ينطلق بسرعة صاروخية “وأنا أعيط”، وهكذا توصلنا الى اتفاق بأن أعطيها بدل تلفون شهري، إذا غطى تكاليف مكالماتها خير وبركة، وإذا ما غطى يتم خصم الفرق من مخصصات الشهر التالي، وسبحان الله صارت فواتير هاتفنا رشيقة، الى ان سافر ولدنا الى نيوزيلندا للدراسة، فصارت المكالمات معلقات: صوتك ما عاجبني.. بتعطس مالك؟ اوع من انفلونزا البعير.. ودخلت معها في جولة مفاوضات بأن يكون التواصل مع الولد بالهاتف مرة واحدة في الشهر، على ان يلتزم الولد بإرسال إيميلين يوميا، ولو نسي الولد ذلك كنت ارسل لنفسي ايميلات باسم،ه واطبعها على الورق واعرضه عليها فيهدأ بالها (وما زالت تحتفظ بتلك الايميلات الصحيحة والمغشوشة سامحني الله)
يعني التعامل مع الزوجة بحيث تسير الأمور بسلاسة يتطلب اكتساب مهارات معينة- نفعكم الله بعلمي وعملي وأرحب بأفكار الآخرين

جعفر عباس

Exit mobile version