قال المهندس صديق الصادق في حديثه مساء أمس على قناة الحزيرة: ( ليس صحيحاً ما يروج له الكثيرون من وجود “صفقة أو تسوية ثنائية”، إن ما يدور الآن هو في حقيقته “اتفاق شامل” يتضمن إصلاح شامل للدولة ومؤسساتها ) وأضاف ( النقاش اضطلعت به بشكل مباشر لجنة من قوى الحرية والتغيير مع القيادات العسكرية )
▪️التلاعب والتضليل والفهلوة أصبحت عند قحت أموراً عادية لا يكاد يخلو منها حديث لقيادي، وأحياناً يتخطى التضليل الحدود ولا يبذلون مجهوداً يُذكَر لتغطيته . ربما لقناعتهم بأن التعود سيسمح بمرور الأمر دون أضرار تُذكَر على مصداقيتهم !
▪️ في هذا الجزء من حديثه قفز م. صديق من تناول الشمول الذي يرد على الاتهام بالثنائية إلى معنى آخر للشمول، وهو “شمول” الاتفاق الثنائي لكل القضايا المهمة، وتضمنه لإصلاح “شامل” للدولة ومؤسساتها، فبدا وكأنه يرد على اتهام وهمي بأن الصفقة الثنائية كانت جزئية وليست شاملة لكل قضايا الانتقال !
▪️ في الحقيقة زاد م.صديق الطين بِلة بفهلوته هذه، فالمعنى الذي استخدمه للشمول يعني أن الاتفاق “الثنائي” قد توسع في حسم كل القضايا المهمة بعيداً عن الآخرين، بينما كان الأولى في مثل هذه الحالة القول بأن الاتفاق الثنائي قد حسم القليل من القضايا وترك بقية القضايا للحوار الشامل الذي يضم الأطراف الأخرى .
▪️ بعد هذه الفهلوة استدرك م . صديق وحاول الرد على التهمة الأصلية بقوله إن الاتفاق الشامل ( تأسس على الدستور الانتقالي ) الذي ( شارك فيه طيف واسع من القوى السياسية …. ). هذه المحاولة عبارة عن مصادرة على المطلوب تستند على فكرة أن الإجماع الواسع على دستور قحت مسلَّمة، وعلى أن هذه المسلَّمة تتولد منها مسلمة أخرى هي أحقية قحت بالانفراد بالتفاوض الحاسم لأنها وضعت المشاركين في الدستور تحت إبطها، ولأنه لا يهمها غير المشاركين !
▪️استخدام قحت لدعوى مشاركة آخرين معها في صياغة الدستور لإثبات عدم ثنائية صفقتها مع العساكر لا يخدمها لتحقيق هذا الغرض، بل يحقق نتيجة عكسية، لأنه سيثبت بأن مشاركة هؤلاء الآخرين في الدستور كانت ديكورية تماماً كديكورية وجودهم “الافتراضي” على طاولة مفاوضات التسوية !
▪️ فهذا “الطيف الواسع من القوى السياسية” المزعوم ينطبق عليه القول ( إذا حضر لا يُعَد وإن غاب لا يُفتَقَد) اللهم إلا في حدود ما يخدم تضخم قحت في الحالتين ! فالدستور الذي تزعم قحت حضور قوى مهمة لجلسات صياغته هو نفسه أحد أهم موضوعات التفاوض مع العساكر وستطاله تعديلات، وربما بعضها يكون مهماً، الأمر الذي يجعل حضور هذه القوى لكتابة مسودته يقترب من، أو يعادل غيابها ! تماماً كما أن غيابها التام عن طاولة التسوية يعادل عند قحت حضوراً كاملاً ينفي الثنائية !
▪️ كان على المهندس صديق أن يعدد الأطراف السياسية المهمة التي شاركت في صياغة دستورهم، وقبلت بفكرة أن تأسيس التفاوض على هذا الدستور يعطي قحت الحق في الانفراد بالتفاوض، كان عليه أن يفعل هذا ليعلم الناس ما هو “الطيف الواسع من القوى السياسية” الذي قبل بهذه القسمة الضيزى، لأنه لا يوجد طرف سيقبل بالتنازل عن حقه في التفاوض الحاسم ما عدا واجهات قحت والأمانة السياسية لحزب المؤتمر الشعبي، وفعلاً لم يصمت عن التسوية الثنائية سوى هذين الطرفين، ويبدو أنهما المعنيان بوصف الطيف الواسع !
إبراهيم عثمان