فساد المعادن .. قطاع التعدين .. هل يحتاج إلى تفكيك وإزالة تمكين؟

تخصيص مليارات الجنيهات (لأردول وأبو نمو) من عوائد الذهب

سر تمسك أبو نمو باردول و حكاية العوائد الجليلة
بعد العبث والمحسوبية التي مارسها (أبو نمو) و(أردول)..
قطاع التعدين.. هل يحتاج إلى تفكيك وإزالة تمكين؟

* شركة َوهمية تسعى للاستحواذ على (كرتة) لشركة أرياب يقدر إنتاجها (٢٠) طن من الذهب

* تخصيص ٣٠٪ من مبالغ العوائد الجليلة للتعدين التقليدي لوزير المعادن

* تخصيص ٢٠٪ من مبالغ العوائد الجليلة للتعدين التقليدي لمبارك أردول

* ماهي العلاقة بين وزير المعادن ومنظمة العطاش للسلام والتنمية؟

* تورط وزير المعادن في تجاوزات داخل شركة ارياب للتعدين

* تخصيص مليارات الجنيهات (لأردول وأبو نمو) من عوائد الذهب

الخروج عن مبدأ النزاهة يعني الفساد، ويعتبر الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة، وله الكثير من الأنواع، منها المالي والإداري والسياسي والأخلاقي.. وسيظل العبث والمحسوبية التي مارسها (أبو نمو وأردول) في قطاع المعادن يندرج تحت مسمى الفساد إلى أن يثبت قانون الخدمة المدنية القومية وديوان المراجع العام العكس، حيث كشفت مصادر واسعة الإطلاع عن حقيقة مفادها ان وزير المعادن محمد بشير أبو نمو قام في الفترة الماضية بتعيين العشرات من أقربائه وأسرته في وزارة المعادن والشركات والمؤسسات التابعة لها، وأكدت المصادر ان التعيينات ازدادت بوتيرة متسارعة بعد انقلاب 25 أكتوبر وبلغت بحسب بعض الإحصائيات أكثر من (100) موظف في مؤسسات الوزارة المختلفة، بينهم أكثر من (20) مدير إدارة.

حكاية العوائد الجليلة
وبحسب المستندات التي تحصلت عليها (الجريدة) فإن ثمة فساد كبير حدث في قطاع المعادن، وكشف خطاب صادر عن المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك عبدالرحمن أردول موجه إلى وزير المعادن محمد بشير ابو نمو، كشف عن لائحة تقسيم حوافز تحصيل العوائد الجليلة للتعدين التقليدي التي تم اعتمادها من وزير المعادن في عهد النظام البائد، ووفقاً للمادة (٣) الفقرة (٣) تحفظ ٠٥٪ من قيمة حوافز كل ولاية كامانات تحت تصرف المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، ووفقاً للمادة (٥) مقروءة مع المادة (٦) والمادة (٧) يتم مركزة متبقي صرف حافز مكتبي الولاية (فائض نسبة ال ١.٥٪) لتحفيز منسوبي الإدارة العامة للتعدين التقليدي والإدارات الأخرى ذات الصلة.

مليارات أردول وأبو نمو :
وبتاريخ ٣/سبتمبر/ ٢٠١٨م تم تغيير الأمر وأصبح توزيع فائض ال ١.٥٪ وال ٥. ٪ يتم كما يلي: نسبة ٥٠٪ من إجمالي (ال ٥. ٪ وفائض ال ١.٥ ٪) تحول للصندوق التكافلي للعاملين بالشركة، ونسبة ٣٠٪ من إجمالي (ال ٥.٪ وفائض ال ١.٥٪) تكون تحت تصرف وزير المعادن، ونسبة ٢٠٪ من إجمالي (ال ٥. ٪ وفائض ال ١.٥٪) تكَون تحت تصرف المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول، وفي السياق أشار خطاب صادر من المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول موجه إلى وزير المعادن محمد بشير ابو نمو بتاريخ ٢/١٥ /٢٠٢١م أشار إلى أنه منذ سبتمبر ٢٠١٨م وحتى تاريخ إصدار الخطاب يستمر توزيع وصرف ال ( ٥. ٪ وفائض ال ١.٥٪) ويبلغ رصيد إجمالي هذا المبلغ المخصص لوزير المعادن محمد بشير ابو نمو حتى ١٢/٣١/ ٢٠٢١م مبلغ ( ٩.٩٤٣.٤٠٩.٨٤) جنيه.

سر تمسك أبو نمو باردول:
وبعد أن تسلّم الوزير محمد بشير ابونموش منصبه كوزير للمعادن رسمياً، ولم يمضِ على بقائه في مكتبه اكثر من 4 ايام حتى قام مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول بإرسال خطاب للوزير في مكتبه يفيده بأن هنالك أموال طائلة وضع لها الكيزان ونظامهم البائد لوائح ستكون في جيب مكتب الوزير وتحت تصرفه، والمُعلن عنها فقط هو مبلغ (9.943.904.84) مليار جنيه لمدة عشرة أشهر فقط وهي ما نسبته 1.5% و 0.5% من العوائد الجليلة للتعدين التقليدي، ويستند أردول في هذا الخطاب لما أرساه مدير الشركة في عهد الكيزان من تجنيب وسرقة للمال العام دون أي اعتراض او رغبة في تغييره خاصة وأن نصيب أردول من هذه العوائد يكون 20% من نفس النسب أعلاه .. وتوضح المستندات المذكورة أعلاه اسباب دفاع وزير المعادن محمد بشير ابو نمو عن أردول وتمسكه به رغم اتهامات الفساد التي ظلت تلاحقه.

أسئلة تبحث عن إجابات:
معلوم للجميع أن النظام البائد عندما قام بإنشاء الشركة السودانية للموارد المعدنية كان الغرض منها تجنيب المال العام ودعم كتائب الظل والأمن الشعبي، وبعد ثورة ديسمبر المجيدة كان يجب إيقاف جميع ممارسات النظام البائد وتجفيف كل موارد تغذية مليشياته، وقوانينه ولوائحه التي تسهل اختلاس وتجنيب المال العام، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن.

وهناك سؤال مهم لوزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل ابراهيم.. الخطاب المذكور أعلاه يوضح أن هنالك أموال يتم تجنيبها بلوائح انشأها النظام البائد هذه الأموال تسمى أموال العوائد الجليلة للتعدين التقليدي.. ولايدخل منها ولا جنيه واحد لخزانة الدولة وتضيع هذه الأموال بين مكتب أردول ومكتب أبونمو.. فما هو رايك أو تصرفك القانوني تجاه هذا الأمر الذي تعلمه جيدا وتعلم تفاصيله..؟؟

والسؤال الأهم للشعب السوداني بما أن وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي تضع ميزانية لكل وزارة وتوفر لها كل ما يُعينها على العمل فأين تذهب هذه المبالغ المليارية من مكتب الوزير..؟ هل تذهب لتمويل حركة تحرير السودان كما كانت تمول الأمن الشعبي وكتائب الظل سابقا.. أم ان مناوي نفسه لا يعلم بهذه المليارات التي يجهل الشعب تغول الوزير ابونمو عليها..؟
والسؤال المحير والذي سيظل عالقاً.. أين تذهب اموال العوائد الجليلة للتعدين التقليدي التي يتحصل عليها أردول.. وهل ظل يتم تمويل الحزب الجديد لأردول وعسكوري (التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية) من هذه الأموال ..؟

علاقة أرياب وأبو نمو:
ويذكر أن شركة ارياب للتعدين كانت شراكة بين الحكومة الفرنسية والسودانية وتعتبر من الشركات الخاصة، ولكنها مؤخراً وبعد خروج الفرنسيين أصبحت شركة حكومية بنسبة 100% ويترأس مجلس إدارتها وزير المعادن محمد بشير أبو نمو، وتمتلك شركة أرياب مربعي امتياز في ولاية البحر الأحمر، وتعتبر من أكبر الشركات المنتجة للذهب في السودان، وفي سياق متصل كشفت مستندات ستنشر لاحقاً عن تورط جهات نافذة في وزارة المعادن بالتورط في توزيع مربعات لشركات تتبع لنافذين ساهموا في دعم إنقلاب 25 إكتوبر حول مربعات شركة أرياب دون اتباع الاجراءات القانونية المعروفة.

تجاوزات شركة أرياب:
وتشير المعلومات والمستندات التي تحصل عليها المحقق إلى تورط وزير المعادن محمد بشير أبو نمو في تجاوزات داخل شركة ارياب للتعدين عن الذهب، ترقى لمستوى الفساد، وشملت التجاوزات التدخل في التعيينات والتعاقدات بحقل ارياب دون الالتزام بلوائح الخدمة المدنية، بجانب محاولة الاستحواذ على كميات من قطع الغيار (اسبيرات) الشركة تحت بند (الخردة) ومنحها لمنظمة تعمل في المجال الإنساني بدلاً عن وزارة المالية التي لديها إدارة مختصة بهذا الأمر تسمى إدارة التخلص من الفائض.

منظمة العطاش والخرد:
وحسب المستندات التي تحصل عليها المحقق فإن هناك منظمة تسمى (العطاش للسلام والتنمية) مُنحت الإذن من وزارة المعادن لاستلام عدد ( 2450) قطعة اسبير سيارات تابعة للشركة، منها عدد (1200) إطار سيارات و (1250) بطارية، تحت بند (الخردة) وأفاد مصدر واسع الإطلاع إن المنظمة المشار اليها جاءت بتوصية من وزير المعادن، وإن حصولها على اسبيرات سيارات الشركة مخالف للقانون، لاعتبار ان (الخرد) تتبع للشركة ووزارة المالية.

منظمة مشبوهة:
وأكد المصدر أن شركة أرياب كانت قد درجت سابقا على بيع خرد السيارات (الإسكراب) التابعة لها بمزاد مفتوح في السوق المركزي بالخرطوم، ترجع فيه نسبة من الأرباح لمنطقة (أرياب) بشرق السودان، وحصة لوزارة المالية، مشيراً إلى علاقة تجمع بين المنظمة ووزيري المعادن والمالية سهلت دخولها في تفاصيل استلام (الخرد) والتربح منها دون إرجاع حصتي الشركة والمالية، وحسب ديباجة منظمة العطاش للسلام والتنمية فإنها تعمل في مجال تحقيق السلم الإجتماعي والتنمية الشاملة بالمناطق والمجتمعات الريفية، بينما يقول المصدر إن عمل المنظمة الخيري ربما يكون مجرد واجهة لنشاطات أخرى.

مقاومة ورفض هاقواب:
وأفاد مصدر واسع الإطلاع من داخل الشركة أن نائب المدير العام لشركة أرياب (آدم هاقاواب) قاوم وتصدى لعملية منح الإسكراب لمنظمة العطاش المشبوهة، ورفض التصديق بالإذن، الأمر الذي عرضه للإقصاء من منصبه في إدارة الشركة، وتعيين موظف بالدرجة الخامسة بالقسم المالي، يدعى محمود معتصم، عوضاً عنه.

تعيين مشبوه بارياب:
بتاريخ 30/ مارس 202‪1م أصدر وزير المعادن محمد بشير أبو نمو قرار وزاري بالرقم 16 بتعيين الجيولوجي محمد حسين أحمد موظفاً في الدرجة الخامسة بشركة أرياب للتعدين وطالب الوزير بحسب القرار المدير العام لشركة أرياب للتعدين والجهات ذات الصلة وضع القرار موضع التنفيذ.. ووصفت الخطوة بأنها فيها تجاوز لقانون الخدمة المدنية والهيكل التنظيمي والإداري والوظيفي للشركة، فيما أرجع أخرون خطوة تعيين الموظف المذكور بالدرجة الخامسة بالشركة تمت لوجود صلة قرابة ومصلحة تجمع الوزير والموظف.‬

احتجاح وغضب الأهالي:
وأدت التجاوزات في التعيينات واستبعاد نائب مدير شركة أرياب، إلى غضب العاملين بالحقل وأهالي منطقة (أرياب) بشكل عام ، الأمر الذي دفعهم للاحتجاج في مايو الماضي مطالبين بضبط التعيينات بالحقل.. وكان الأهالي قد أغلقوا الطريق إلى الشركة تضامنا مع نائب المدير العام المستبعد من منصبه، بسبب مواقفه الثابتة ضد الإجراءات التي تتم داخل الشركة في التعامل مع جهات وشركات مجهولة محلية وأجنبية تطمع في الاستحواز على موارد الحقل بصورة غير شرعية خاصة المتعلقة بالذهب، بحسب ما أفاد المصدر.

سرقات وصفقة مشبوهة:
وكشفت مصادر واسعة الاطلاع من داخل شركة أرياب للتعدين المحدودة عن حقيقة مفادها أن نافذين من داخل وزارة المعادن وشركة أرياب حاولوا إدخال شركة أسترالية صغيرة ومغمورة ومنحها عطاء للعمل في مجال الكرتة بشركة أرياب، وقدرت المصادر الذهب الذي سيتم استخراجه واستخلاصه من كرتة شركة أرياب بحوالي (٢٠) طن من الذهب، وسيتم الكشف عن إسم الشركة الأسترالية والنافذين في الحلقات القادمة من التحقيق .. فيما كشفت ذات المصادر عن عمليات سرقة مستمرة لكرتة شركة أرياب ظلت تقوم بها جهات محلية منظمة وتقوم تلك الجهات ببيع الكرتة للشركة الروسية.

خلاف الوزير وناظر الامرأر:
وعلى خلفية إقالة ابن المنطقة (هاقاواب) من منصبه بالشركة، حدثت مشادات كلامية بين ناظر عموم الامرأر علي محمود ووزير المعادن محمد بشير ابو نمو، وأدى النقاش بينهما لزيادة التصعيد من قبل الأهالي الذين رفضوا تعامل الوزير مع أحد قيادات البجا بتعال، حسب وصفهم، واعتذرت منظمة العطاش لنائب المدير العام لشركة ارياب، (هاقاواب) عما وصفه خطاب المنظمة بتصرف مسؤول الإعلام والعلاقات العامة بالمنظمة تجاه نائب مدير الشركة، بعد رفض الأخير التصديق للمنظمة باستلام الإسكراب، ووصف الخطاب التصرف بالفردي الذي لا يشبه المنظمة، ورفع الأهالي اعتصامهم بعد اعتذار وزير المعادن للناظر والمواطنين وإلقائه اللوم في قضية التعيينات الأخيرة على مدير عام الشركة الصادق إبراهيم وتأكيده على عدم علمه بها.

البجا يتهمون أردول:
وفي وقت سابق أغلق أنصار مجلس البجا مباني الشركة السودانية للموارد المعدنية في بور تسودان، وقال نائب رئيس المجلس العمدة حامد أبوزينب وقتها إنهم أغلقوا مكاتب الشركة احتجاجا على عدم التزامها بمنح مواطني المنطقة نصيبهم من المسؤولية المجتمعية واستعانتها بأشخاص لا علاقة لهم بالشرق، واتهم أبوزينب وقتها مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول بتبديد أموال المسؤولية المجتمعية التي يتم تحصيلها من شركات الذهب في الإقليم ومنحها لمناطق أخرى وتابع ( لم نرى شيء من مال المسؤولية المجتمعية والإقليم مازال يعاني الفقر وغياب التنمية والخدمات رغم أنه الأكثر إنتاجاً للذهب).

وتعتبر منطقة (أرياب) من المناطق التابعة لمحلية ريفي (القنب والأوليب) بولاية البحر الأحمر، ولكن رغم وجود حقل شركة ارياب للتعدين بالمنطقة، إلا أن أغلب قرى المنطقة تعاني من شح المياه والخدمات الصحية والتعليمية، بالإضافة إلى مخلفات التعدين الضارة بالبئية والصحة.

تحقيق: عبدالرحمن العاجب
صحيفة الجريدة

Exit mobile version