▪️ من عجائب زمن القحط أن أكبر المعترضين على أشهر عبارة إقصائية هم أكثر الجماعات إقصائيةً، ولهذا لم ينطق بها أي قحاطي مركزي، ولا شيوعي !
▪️ ذلك لأنهم يرون في العبارة مؤامرة عليهم بأكثر مما يرى فيها المؤتمر الوطني نفسه مؤامرة عليه ! فالمؤتمر الوطني لا يحسد من تستثنيهم العبارة من الإقصاء، والقحاطة يركزون على هؤلاء فيغضبون أكثر من غضبه !
▪️ ذلك لأن المشاركة الواسعة هي بالضرورة أم المؤامرات في نظر الإقصائيين !
▪️ ولأن المشاركة الواسعة هي بالضرورة أكبر تخريب “للتحول الديمقراطي” كما يعرِّفه الصغار !
▪️ الحقيقة الأهم الثاوية في طيات لازمة ( ما عدا المؤتمر الوطني ) والتي تتجاوز الضمني إلى الصريح، والتي “تلاوي” من يريدون أن يقولوا بعكسها، وتخرج طازجةً ًمكتملة المعنى، وتتبختر ممتطية ظهر هذه اللازمة بالذات، هذه الحقيقة، تقول إن الجميع يستبطنون القناعة بأن المؤتمر الوطني حزب كبير ومؤثر وذو جماهيرية، ويُعمَل له ألف حساب، وأنه أُبعِد من السلطة بانقلاب لا بثورة حقيقية تحمل حكماً شعبياً عليه بالفناء !
▪️ ولو لم يكن الأمر كذلك لعومل المؤتمر الوطني بالتجاهل كالاتحاد الاشتراكي، ( أو ) لنقلت لنا صحائف التاريخ قصصاً عن عبارة ( ما عدا الاتحاد الإشتراكي )، وعن السجالات التي صاحبتها، وعن القائلين بها، وعن الإقصائيين المتطرفين المعترضين عليها لتقصيرها عن تحقيق معدل الإقصاء المطلوب !
▪️ الصغار لا يريدون انتخابات تحقق الديمقراطية، وأيضاً لا يقبلون بمشاركة واسعة تعطي الفترة الانتقالية ملمحاً ديمقراطياً يساعد على إقناع الناس بفكرتهم عن “التحول الديمقراطي” الذي يرتبط بالفترة الانتقالية أكثر من ارتباطه بالانتخابات وبالفترة التي تليها !
▪️ من يؤمنون حقاً بقوة تفويضهم الشعبي، ويريدون فعلاً إكمال شروط الانتخابات الحرة النزيهة التي تثبت التفويض وتقطع ألسنة المشككين، سوف يكون على رأس أولوياتهم العملية إكمال هذه الشروط، بدلاً من إضافتها إلى قائمة الشماعات والشعارات والوعود الفالصو !
▪️ يرى القحاطة في العبارة تمييعاً لقضيتهم التي يمثل الإقصاء ركناً أساسياً فيها، لأنها تقصِّر عن بلوغ المستوى الذي لا يقبلون بأقل منه، ولذلك تنحول عندهم إلى عبارة ضد-إقصائية يرون فيها منتهى التبذير الديمقراطي والسفه الحرياتي، إن جاز التعبير، لأنها توسع المشاركة بكرم حاتمي يبدد رأسمالهم السياسي !
▪️ أقل مستوى إقصاء مقبول لدى القحاطة هو ذلك الذي يقسم القوى السياسية إلى ثلاث :
– مستحق للدوس/السحق التام : وهو المؤتمر الوطني .
– ومستحقة للتهميش : وهي الحركات الموقعة ..
– ومستحقة للإقصاء : وهؤلاء طيف واسع من الشركاء : شركاء قحت سابقاً من العساكر، وبعض شركائها السابقين المنشقين عنها، وكل شركاء المؤتمر الوطني، وبعض من تصنفهم كشركاء للعساكر بعد أكتوبر ( غير الحركات ) .
▪️تتهم قحت المرددين للعبارة الاقصائية بتخريب مشروع “التحول الديمقراطي” بأركانه الثلاث ممثلةً في التهميش والإقصاء والدوس، وبمحاباة المؤتمر الوطني وترفيعه من مرتبة الدوس إلى مرتبة الإقصاء فحسب !
▪️ ومن المفارقات الجديدة أن العساكر الذين كانوا هم أكثر الأطراف ترديداً للعبارة قد عدلوها مؤخراً – بقرار انسحابهم من التفاوض والمشاركة – لتصبح : التفاوض والمشاركة للجميع ( ما عدا المؤتمر الوطني، ونحن العساكر) ! مع عدم النطق بالعبارة بصياغتها هذه، لكنها هي العبارة التي تلخص الموقف وتحدد الأطراف المبعدة ..
▪️ ومن المفارقات أيضاً أن بكون تعليق أحد أعضاء المجلس العسكري لزملائه : ( أبقوا قدر كلامكم ) ! وهي عبارة تكثف رسالة التشكيك، وتحتمل التفسير بالغضب من نصيبه من الإقصاء في العبارة بعد تعديلها أكثر مما تحتمل التفسير بالحرص الشديد على أن بكون إقصاؤه وزملاؤه حقيقياً وكاملاً !! مع توظيف هذا الغضب لإرسال رسالة معاكسة للخارج ولحلفاء الخارج بأنه العسكري الأكثر زهداً في السلطة، وبالتالي الأقرب إليهم !
إبراهيم عثمان