محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد يكتب: إضراب (الخِراف)

(1)

 ما زلت بعد مرور اكثر من اسبوع من اطلاقه، وبعد ان كتب الكثيرون عن هذا الامر بشيء من الافراط، في حيرة من تصريح حاكم اقليم دارفور مني اركو مناوي الذي زار دولة قطر الشقيقة وأعلن عن التبرع لقطر بـ (3) آلاف خروف لضيوف نهائيات كأس العالم المقامة في قطر بعد اقل من خمسين يوماً.

 رغم اني كتبت عن هذا الموضوع إلّا اني ما زلت احمل في نفسي اوجاعاً من هذا التصريح وما زلت تحت وطأة الدهشة من هذا الاعلان الذي جعل مناوي يتبرع بـ(3) آلاف خروف لضيوف البطولة.

 ضيوف البطولة التى اعلن مناوي التبرع لهم سوف يكونوا من الانجليز والأمريكان والألمان والفرنسيين والسويسريين والكنديين والسويديين والسعوديين – سوف تقدم دارفور (3) آلاف خروف لضيوف من اغنى الدول في العالم وسوف يكون الضيوف في تلك الدول هم الاكثر رفاهية بين بني جلدتهم لدرجة ان ينتقلوا من بلادهم من اجل مشاهدة مباريات كأس العالم من داخل الملاعب في قطر في الوقت الذي يعجز فيه المواطن السوداني من مشاهدة مباريات البطولة في التلفاز.

 هل يمكن ان ننتظر ان يستقيم (الظل) اذا كان (العود) بهذا الاعوجاج؟

 هل يمكن ان يكون هنالك امل؟

 ماذا ننتظر اذا كانت هذه هي العقلية التى تحكم السودان وهي التى جاءت بفضل (الحرية والسلام والعدالة والمساواة) وهم يفتقدون العدالة حتى مع الذين اتوا بهم للسلطة؟ ويفرقون بين ابناء الوطن والأجانب.

 كنت انتظر اعتذاراً من مناوي او بياناً للحكومة على هذا التصريح الذي اطلقه مناوي في قطر ووعد بتنفيذه .. لكن حتى وقتنا هذا لم يصدر أي توضيح رغم ما اثاره هذا التبرع من غضب وسخرية وهذا ما يثبت ان المواطن السوداني لا يهم الحكومة في شيء ولا يعنيهم غضبه او اعتراضه على مثل هذه التجاوزات. السادة المسؤولون في هذا الوطن حتى عندما يكتشفوا انهم اخطأوا في حق هذا الشعب لا يعتذرون ويصرون على الاخطاء التى وقعوا فيها.

 عشمنا اصبح في ان تأتي ردة الفعل من الخراف!!

 قد تنتظر السلطة ان تدخل (الخراف) في اضراب اعتراضاً على التبرع بها لضيوف نهائيات كأس العالم في قطر وليس ضيوف الرحمان في السعودية او ضيوفه في شهر رمضان المبارك.

 من حق (الخراف) ان تدخل في اضراب لتعبر عن اعتراضها بالتبرع بها لضيوف قطر في كأس العالم.

(2)

 عندما امعنت النظر في تبرع مناوي بـ(3) آلاف خروف لضيوف بطولة كأس العالم في قطر – وجدت ان هذا التبرع يكشف طريقة التفكير عند السلطة الحاكمة في السودان – هذه العقلية التى تفتقت بهذا التبرع هي نفسها العقلية التى خططت لاعتصام (الموز) ودعمته بالمأكولات من اللحوم ، ابيضها وأحمرها وما كان مشوياً منها وما كان محمراً.

 لقد انتقل مناوي بطريقة التفكير نفسها الى دولة قطر وهي غنية عن ذلك – ليعلن عن التبرع بـ(3) آلاف خروف كما كان يفعل في (اعتصام الموز) الذي قدموا له الفواكه واللحوم وشملت موائده سلطة الاسود وكبدة الابل والباسطة والبسبوسة واللبن ومخاطبات التوم هجو (الفطيرة)!!

 فات على مناوي ان الود في قطر لا يشترى بهذا الثمن – وضيوف قطر في كأس العالم ليسوا في حاجة الى التبرع ولن تقدم لهم دولة قطر القادرة نفسها شيئاً من باب التبرع وإنما سوف تحاسبهم على كل خدمة تقدمها لهم على (دائر المليم) بما في ذلك تأشيرة الدخول لأراضيها وملاعبها بالعملات الصعبة، لأن نهائيات كأس العالم بطولة (استثمارية) دفعت الحكومة القطرية لتنظيمها اكثر من (200) مليار دولار وتنتظر ان تعود لها بأرباح اكبر – ليس على المستوى (المادي) الآني وحده.. وإنما على المستوى الاقتصادي البعيد الى جانب الفوائد الاخرى التى يمكن ان تجنيها قطر من تنظيم نهائيات كأس العالم وفي انفتاحها الخارجي وتقديم نفسها بصورة رائعة وجاذبة قطر جديرة بها.

 التبرعات في الرياضة من الطرق التى يتم بها الفساد… والاستثمار الناجح لا يقوم على التبرعات.

(3)

 في العهد البائد كان الامر اقل وطأة.. اذا كانت الحكومة حينها تطالب من المواطنين (الكرام) التبرع بجلود الاضحية.. حكومتنا الحالية سوف تتبرع بالخراف كلها، ولن يكون للمواطنين حتى (الجلود) بعد ان اصبح المواطن السوداني هو (الضحية) الحقيقية.

 يبدو اننا سوف نكتفي بالمشاهدة .. ليس لمباريات كأس العالم وحدها .. ولكن لضيوف نهائيات كأس العالم وهم يلتهمون لحمة الضأن السودانية الطازجة.

 حتى (اللحوم) سنكتفي منها بالمشاهدة فقط.

 في نهائيات كأس العالم لن نكون شغوفين بمشاهدة ميسي ونيمار وامبابي ورياض محرز وماني .. سوف نكون شغوفين بمتابعة ضيوف نهائيات كأس العالم وهم يلتهمون اللحمة الضأن السودانية التى نشارك بها في النهائيات.

 سوف نشاهد (قندهار) فرع الدوحة و(اعتصام الموز) جناح قطر!!

(4)

 في مخيلتي بعد هذا التبرع (الخُرافي) ان تتفاعل (الفيفا) مع مناوي وتقرر ان يجد حاكم المباراة لا حاكم دارفور عندما يرجع الى (الفار) ويعود الى غرفة التحكّم لفحص بعض الحالات صحن (شيّة جمر) من اللحمة الضأن في انتظاره ، حتى يشكل له ذلك المزيد من الحماس والقوة.

 وعليكم ان تعلموا اذا تأخر الحكم في فحص الحالة المشكوك فيها فذلك يعني انه افرط في (الشطة والليمون والدكوة).

 كما نفيد اللجنة المنظمة في قطر ونلفت انتباهها الى ان أي هدف يسجله اللاعب (ليونيل ميسي) في نهائيات كأس العالم عندنا فيه (ربع كيلو لحمة).

 اما (كريستيانو رونالدو) مع منتخب البرتغال فسوف نحاسبه على (الكمونية) بالمتر في أي هدف يحرزه في البطولة.

(5)

 بغم

 لا ادري على من سوف يرفع الحكم المساعد رايته في حالات (التسلل) التى سوف تشهدها البطولة ، على المهاجم (السارق) ام على حكومتنا التى اعلنت عن التبرع بـ(3) آلاف خروف؟

 الذهب جفل اقرعوا الخراف !!

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهه