حديثي بالأمس كان حول ــ احتمالية ــ عودة الاحتكار في قطاع النفط وبالذات في جانب استيراد المحروقات بأشكالها المختلفة، والاحتكار الذي أعنيه ان تجد بعض الجهات الخاصة المستوردة (أفضلية) أكثر من غيرها، إما في تحديد أسعار المنتجات البترولية او في (السماح) الذي تجده في الموانئ، فيسمح لها بالتفريغ قبل أن تسدد الرسوم المطلوبة البالغة في جملتها ٢٦٪ من قيمة الشحنة.
هذان السببان بالتأكيد يمنحان الشركة المستوردة ــ سواء كانت شركة خاصة او شركة تابعة للحكومة ــ أفضلية على بقية الشركات، وتستطيع ان تحقق أرباحاً طائلة لأنها لم تسدد رسومها كاملة ووجدت بالمقابل سعراً عالياً تم تحديده بواسطة الجهات المسؤولة، ولا احد يستطيع ان يغير فيه، حتي اذا كان التغيير (تخفيضاً) وفي صالح المواطن.. كما حدث في السابق من المستوردين عندما ارادوا (التخفيض) وفقاً لنزول الاسعار الحاد عالمياً، لكنهم ووجهوا بسياسات الوزارة الرافضة لاي تعديل في الاسعار الا بعد الرجوع اليها. وهنا لا بد ان نشير الى سياسات تحديد الاسعار.
اولاً: السياسات المتبعة في وزارة الطاقة والتعدين/ المؤسسة السودانية في تسعير المنتجات البترولية المستوردة، ان يتم حساب متوسط الاسعار العالمية لشهر الوصول المتفق عليه، وذلك تفادياً للتذبذب الذي يحدث في الاسعار العالمية وفيه مصلحة للطرفين.
ثانياً: التسعير يأخذ متوسط الاسعار العالمية لمتوسط خمسة ايام حول بوليصة الشحن، وفيه أفضلية للبائع وليس المشتري.
فهل تم العمل بهذه الأسعار ولم تكن هناك جهات نالت (أفضلية)؟ المعلومات تقول إن هناك (محسوبية) كبيرة في معاملة بعض الصفقات، خاصة تلك الصفقة مع اكبر شركة وقود في دولة عربية، عن طريق ذلك (الوسيط) الفاسد الذي يسعى بكل الطرق للسيطرة على قطاع النفط.
لا يمكن ان يعود السودان القهقرى، الى عصور (التغطية ــ والغتغيت)، بعد ان شهد اكبر ثورة في الالفية الثالثة قامت ضد الصوص والمفسدين وآكلي المال العام، ودرجة الوعي التي يتحلى بها المجتمع والشباب السوداني اليوم ليس لها مثيل في كل تأريخ السودان السابق، ولن تسمح لهذا (العبث) بأن يعود، وهذا الجيل الذي ينادي بالعدالة والمساواة والحرية والسلام لن يقبل بعودة (اللصوص) من جديد مهما كانت المسميات.
رضي المواطن بعد صبر جميل بكل بلاوي التضخم ونيران غلاء الاسعار، حتى يتم انفاذ سياسة (التحرير) الاقتصادي، وخضوع فقه الاسعار لقانون العرض والطلب، وخلق منافسة شريفة بين التجار والمستوردين الشرفاء.. ولن يقبل باي حال من الاحوال بالعودة من جديد لنظام (السرقات) المكشوف، و (التصاديق الليلية) والوسطاء الشرهين.
صفقات مشبوهة تدار الآن في قطاع النفط، واذا لم تتحرك قيادة الدولة فسيعود هذا القطاع من جديد لعهود الظلام والاحتكار، واذا طبق المستوردون الشرفاء تهديدهم بوقف الاستيراد سترجع الدولة من جديد لصفوف الطلمبات الممتدة (سيئة الذكر).
لا أعتقد أن المسؤولين في قطاع النفط بهذا التساهل، ولا بد ان حلقة من حلقات (السماسرة) غابت عنهم، لكننا على ثقة بأن هناك شرفاءً لن يقبلوا بعودة عهود الظلام.. ومازالت للحديث بقية، لأننا سنكشف المستور وبالمستندات والوقائع.
صحيفة الانتباهة