حمانا الله منه..
فهو مرضٌ لا علاج له..
والعقاقير الخاصة به لا تفعل أكثر من تأجيل نهاياته المحتومة..
ومنها تقلُّص الدماغ… وموت خلاياه..
وكذلك الخضروات والأسماك؛ فهي قد تقي منه عند بلوغ الشيخوخة..
وربما تقلل من أعراضه عند الإصابة به..
وسُمي كذلك نسبةً إلى مكتشفه الألماني ألوسي ألزهايمر في العام 1906..
وكان من ضحاياه عديد المشاهير في عصرنا هذا..
ومنهم ريغان… وريتا هورس… وعمر الشريف… وتشارلس برونسون..
وقيل إن عادل إمام أُصيب به أيضاً الآن..
والغريب أنه كان قد قام بدور البطولة في فيلمٍ اسمه زهايمر؛ وهو مسن..
وشقيقي ضياء الدين فاجأني بخبرٍ زهايمري البارحة..
قال إن أحد معارفنا القدامى طاف عليه طائفٌ من زهايمر وهو نائم..
بمعنى أنه تزمهر عقب يقظته ذات صباح..
فشككت في الأمر – وفي الخبر – لأنه ما زال في عداد الشباب بعد..
ثم إنه يُشكِّل حضوراً يومياً في صفحتي بالفيس..
بمعنى أنه يتابع… ويعرف أن هذه صفحة فلان… وإنها باتت مزاراً للشتامين..
وسنأتي لحكاية الشتامين هؤلاء..
أما فيما يلي صاحبنا هذا فأصل الحكاية – والرواية – أنه مصاب بالزهايجر..
ومصطلح زهايجر هذا مركّب من كلمتين..
أو من مرضين – من اكتشافي أنا – هما؛ زهايمر… وزهج..
ومفردة زهج هي بالفصحى زهق..
وتعني الملل… السأم… القرف… الكآبة؛ وننطقها بعاميتنا السودانية زهج..
فصديقنا هذا عاد – نهائياً – من بلاد جميلة..
فلم يجد ما كان تركه وراءه من عشرة – وجيرة – جميلتين..
عاد وهو ما زال شاباً..
ولكنه ذُهل حين لاحظ أن كل شيءٍ – وكل أحدٍ – قد فارقه الشباب..
أو روح الشباب؛ أو نورة الأيام الخوالي..
فشعر بنفسه وحيداً – وغريباً – حتى وهو بين أهله… وعلى تراب وطنه..
وهو المرض ذاته الذي أصاب عادل إمام الآن..
ومن قبله أصاب عماد حمدي إلى أن تسبب – مع أسباب أخرى – في وفاته..
وهو مرارة الشعور بفقد الحياة… أو معنى الحياة..
فقد الحبان… والأنداد… وروعة الحياة… وأُلفة المكان… ورفقة الزمان..
ويصبح شعار المريض (قول للزمان ارجع يا زمان)..
وهو نفسه الذي أصاب من أُصيبوا بفقد عزيز عندنا الآن في بلادنا..
والعزيز هذا هو السلطان..
فما فتئوا يسبون… ويسخطون… ويشتمون… ويكتئبون… و(يزهقون)..
فشعروا بغربة المكان… والزمان… والأوطان..
ما فتئوا كذلك إلى أن أمسوا – الآن – ضحايا لمرض الزهايجر..
ومن أعراضه النسيان… كالزهايمر بالضبط..
وكدليل على ذلك صراخهم الهستيري أمس جراء إغلاق موقع جريدة السوداني..
موقعها الإلكتروني… وليس موقع الصحيفة ذاتها..
ونسوا أن الموقع ذاته هذا – موقع الصحيفة ككل – سبق لهم إغلاقه..
أغلقوه بقوة السلاح حين كانوا يحكمون..
والآن يتباكون على إغلاق جزئي يخص نسخة الصحيفة الإلكترونية فقط..
وكذلك يفعلون بين يدي كل ما فعلوه من قبل..
إذا ارتفع الدولار قليلاً – مقابل الجنيه – يصرخون… ويشتمون..
وهم الذين قفزوا به قفزة جنونية من قبل..
قفزوا به من 70 جنيهاً – أواخر عهد البشير – إلى 450 في بداية حقبتهم..
ويصرخون – ويشتمون – إزاء رفع الدعم..
ونسوا – بفعل الزهايجر – أنّهم رفعوه كما لم يفعل مَن كانوا يشتمونهم..
أو لعلهم نسوا شتائمهم للإنقاذ تلك جرّاء رفع الدعم هذا..
وإذا انقطعت الكهرباء لساعتين صرخوا… وشتموا… وسخروا..
ونسوا انقطاعها لأكثر من عشر ساعات في زمنهم..
والمياه لم تعد الحمير التي كانت تحملها تجوب الأحياء الآن كما في عهدهم..
ثم يزداد صراخهم إن ذُكِّروا بكل هذا..
فهم يريدون من الشعب أن يُصاب – مثلهم – بالزهايجر كيلا يتذكّر..
وذلك عملاً بمثلٍ بعد التحوير (موت المتزهجرين عرس)..
ونتمنى عودة موقع السوداني الإلكتروني قريباً..
فقط نرجو من رئيس تحريرها – الحبيب عطاف – ألا ينسى هو الآخر..
أن لا ينسى أن جماعته كانوا قد أغلقوها (كلها)..
أغلقوها – موقعاً… وورقاً… وإلكتروناً – بالضبّة والمفتاح؛ وبقوة السلاح..
فنحن نربأ به أن يُصاب بالمرض هذا ذاته..
الزهايجر!!.
صحيفة الصيحة