بعد عودة البرهان من نيويورك والقاهرة .. هل ستشهد البلاد قرارات جديدة ؟
محلل سياسي: زيارة البرهان للقاهرة لمناقشة التطورات ومعالجة الأزمة
سفير متقاعد: الزيارة بحثت فك تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي
خبير سياسي: القاهرة تلعب دوراً كبيراً في المستقبل لإنهاء تجميد الدعم التنموي والمالي الدولي للسودان
سعى رئيس مجلس السيادة الفريق أول، عبد الفتاح البرهان، خلال الأيام الماضية إلى التسوق لمشاريع سياسية بعد نحو عام من إجراءات 25 أكتوبر التي أطاح خلالها بالحكومة الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء المستقيل، د.عبدالله حمدوك، و قبيل عودته إلى البلاد قادماً من نيويورك، حيث شارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي زيارة التقى رئيس مجلس السيادة بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في قصر الاتحادية بالقاهرة.
وبحسب متحدثين لـ(اليوم التالي) فإن زيارة رئيس مجلس السيادة إلى القاهرة هدفت إلى مناقشة آخر التطورات المتصلة بالصراع السياسي في السودان، وكيفية معالجة الأزمة وفقاً للاستراتيجية المصرية تجاه جنوب الوادي، وضرورة وجود حليفها الاستراتيجي القوات المسلحة السودانية في المشهد السياسي، وتخوف مصر من وصول سلطة مستقلة في اتخاذ القرار السياسي تجاه القضايا الإقليمية والدولية، ويؤكد المتحدثون أن الزيارة تشاورية لمتابعة الملفات التي تهم الدولتين، وليست زيارة مخصصة لغرض محدد. وتؤكد مدى تقدير القيادة السياسية المصرية لأهمية الحفاظ على تماسك الدولة السودانية، وضرورة التعامل مع حكومة الأمر الواقع.
حليف استراتيجي
يعتبر المحلل السياسي عبدالقادر محمود، أن زيارة البرهان إلى القاهرة جاءت بدعوة من السلطات المصرية لمناقشة آخر التطورات المتصلة بالصراع السياسي في السودان، وكيفية معالجة الأزمة وفقاً للاستراتيجية المصرية تجاه جنوب الوادي، وضرورة وجود حليفها الاستراتيجي؛ القوات المسلحة السودانية في المشهد السياسي، بالإضافة إلى طبيعة الحكم في كلا البلدين؛ التي اتسم بسيطرة المؤسسة العسكرية منذ استقلالهما من المستعمر البريطاني، فضلاً عن تخوف مصر من تغيير يمكن أن يحدث في غضون الأيام القادمة، الذي يؤثر على مستقبل العملية السياسية في مصر، سيما وأن القوى السياسية الحية في مصر غير راضية بالحكم الراهن، هناك ذو الخلفية العسكرية وتردي أوضاع الحريات وتفاقم الوضع المعيشي الذي ينذر بموجة احتجاجات جديدة، ربما تستلهم زخمها من الواقع الجديد الذي يمكن أن يحدث في السودان باتجاه التحول الديمقراطي والبناء المدني للدولة، علاوة على تخوف مصر وصول سلطة مستقلة في اتخاذ القرار السياسي تجاه القضايا الإقليمية والدولية، الأمر الذي يقود إلى تراجع الدور المصري في تقاطعات القضايا الإقليمية المتعلقة بالأمن القومي المصري، مثل قضية سد النهضة ومسألة إبقاء السودان على حصته من المياه غير العادلة وكبح جماح الاقتصاد السوداني ما بعد التغيير الذي يكون في أمس الحاجة إلى استغلال كل موارده والفرص المتاحة لعملية النمو والتنمية اللتين يمكن أن تحدثا بشكل سريع على إثر التغيير القادم، ويضيف محمود لـ(اليوم التالي): بعد الحراك الجماهيري ضد الفريق البرهان في الولايات المتحدة الذي يرفض الانقلاب، وأن تأتي الزيارة بما لم يتمنْ المكون العسكري والمطالب بمحاسبة قيادات السلطة العسكرية الحاكمة، وضغوط متزايدة من الرباعية الدولية على المكون العسكري مطالبتها بضرورة نقل السلطة إلى المدنيين وتشكيل حكومة مدنية كاملة؛ من خلال تسوية ترجح ميزان القوى المدنية في الدولة على حساب المكون العسكري. كل هذا وغيره جعل من جمهورية مصر أن تخشى حدوث تغيير لا يتفق ومصالحها في بقاء الحكم في أيدي العسكر.
زيارة غير رسمية
غير أن السفير المتقاعد الصادق المقلي، يرى أن الزيارة إلى القاهرة لم تكن رسمية بالمعنى المعروف، مشيراً إلى أن هبوط طائرة رئيس مجلس السيادة بمطار القاهرة لتزويدها بالوقود، وأن الترتيبات اللاحقة لم تكن مجدولة.
ويقول المقلي لـ(اليوم التالي) إن البرهان وجدها سانحة طيبة للتحدث مع السيسي حول الوضع المأزوم في السودان، وما يمكن أن تلعبه مصر من دور، خاصة بذل مساعٍ في سبيل إقناع الاتحاد الأفريقي لفك تعليق عضوية السودان في الاتحاد، وكذلك بحث آخر تطورات ملف سد النهضة، على ضوء إكمال إثيوبيا للملء الثالث للخزان، وتنسيق موقف البلدين حول هذا الملف.
زيارة تشاورية
إلا أن الخبير السياسي د. الفاتح عثمان، اعتبر ان زيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى مصر؛ التي أتت بعد مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 77 في نيويورك، زيارة تشاورية تكتسب أهمية كبيرة بحكم علاقات مصر القوية باطراف الرباعية الدولية ودورها الكبير في دعم السودان للحيلولة دون انهيار الدولة السودانية، لجهة أنها المتضرر الأكبر بعد الدولة السودانية، بحكم العلاقات الوثيقة بين البلدين.
ويشير محجوب في إفادة لـ(اليوم التالي)، إلى موافقة مصر على زيادة الربط الكهربائي بين البلدين إلى 300 ميقاوات، وتبنت إنشاء منطقة صناعية في السودان، الأمر الذي يجعل مصر شريكاً أساسياً للسودان، فضلاً عن قضية سد النهضة التي تهم الدولتين، وبحسب الخبير السياسي، أن الزيارة تشاورية لمتابعة الملفات التي تهم الدولتين وليست زيارة مخصصة لغرض محدد. وتؤكد مدى تقدير القيادة السياسية المصرية لأهمية الحفاظ على تماسك الدولة السودانية، وضرورة التعامل مع حكومة الأمر الواقع بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ويتوقع ان تلعب القاهرة دوراً كبيراً في المستقبل؛ لإنهاء تجميد الدعم التنموي والمالي الدولي للحكومة السودانية، في حالة فشل القوى السياسية السودانية في التوافق السياسي لتكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية تشمل الجميع عدا المؤتمر الوطني.
دعم كامل للسودان:
أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال اللقاء، حرص بلاده على تقديم كافة سبل الدعم لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في السودان، مشيراً إلى أن ذلك يأتي انطلاقاً من دعم مصر الكامل للسودان في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وكذا الارتباط الوثيق للأمن القومي المصري والسوداني، والروابط التاريخية التي تجمع شعبي وادي النيل.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير بسام راضي : إن السيسي أشاد بالعلاقات الأخوية المتينة والأزلية بين مصر والسودان، ومعرباً عن تطلع مصر لتعميقها وتعزيزها، بما يساهم في تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، لا سيما على المستوى الأمني والعسكري والاقتصادي والتجاري.
وأكد السيسي – خلال لقائه رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي زار القاهرة – حرص مصر على تقديم كافة سبل الدعم لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في السودان الشقيق، انطلاقاً من دعم مصر الكامل للسودان في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة، وكذا الارتباط الوثيق للأمن القومي المصري والسوداني، والروابط التاريخية التي تجمع شعبي وادي النيل.
من جانبه؛ أعرب رئيس مجلس السيادة عن التقدير العميق الذي تكنه السودان لمصر على المستويين الرسمي والشعبي، واعتزازه بالروابط الممتدة التي تجمع بين البلدين الشقيقين، والتقارب الشعبي والحكومي الراسخ بين مصر والسودان، مشيداً بالدعم المصري غير المحدود من خلال مختلف المحافل للحفاظ على سلامة واستقرار السودان، كما استعرض اللقاء مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث أكد الجانبان أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة التبادل التجاري بما يرقى إلى مستوى الزخم القائم في العلاقات السياسية والعسكرية، والروابط التاريخية التي تجمع الشعبين الشقيقين، وتناول اللقاء آخر مستجدات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بما فيها تطورات ملف سد النهضة، حيث تم التوافق حول استمرار التشاور المكثف والتنسيق المتبادل في هذا السياق خلال الفترة المقبلة، لما فيه المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
وتأتي زيارة البرهان للقاهرة بعد أقل من أسبوع على لقاء جمع سفير مصر في السودان حسام عيسى بحميدتي، وهو اللقاء الذي جاء في أعقاب تصريحاته الخاصة بتسليم السلطة للمدنيين.
الخرطوم: محجوب عيسى
صحيفة اليوم التالي