الخرطوم على موعد مع تظاهرات إسقاط الانقلاب
مشاورات سياسية مكثفة لبلورة اتفاق يستعيد عملية الانتقال الديمقراطي في السودان
تشهد الخرطوم الخميس، 29 سبتمبر (أيلول)، حراكاً شعبياً وسياسياً، إذ دعت لجان المقاومة إلى تظاهرات بشعار “مليونية إسقاط الانقلاب”، ضمن البرنامج التصعيدي لهذا الشهر للمطالبة بحكم مدني من دون مشاركة المكون العسكري في السلطة التنفيذية، وتتجه التظاهرات نحو القصر الرئاسي.
وبالتزامن مع ذلك تجتمع القوى السياسية المنضوية تحت تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) لبحث مخرج للأزمة السياسية التي تفجرت بسبب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الـ 25 من أكتوبر (تشرين الأول) بتعطيل الشراكة مع المدنيين، مما اعتبرته القوى المدنية والمجتمع الدولي انقلاباً عسكرياً.
جبهة عريضة
وبحسب مساعد رئيس “حزب الأمة القومي” للشؤون الولائية عبدالجليل الباشا، فإن رؤساء الأحزاب المكونة لتحالف قوى الحرية والتغيير سيلتقون مساء الخميس بدعوة من حزب الأمة القومي “لمناقشة السبل الكفيلة لإيجاد مخرج للأزمة السياسية في البلاد في إطار الأهداف المتفق عليها بين مكونات هذا التحالف المتمثلة في إنهاء الانقلاب واسترداد عملية التحول الديمقراطي، وصولاً إلى تشكيل حكومة مدنية تنهي مهمات الفترة الانتقالية، وهو مسعى فرضته المستجدات الماثلة التي تتطلب تكوين جبهة عريضة والتشاور مع الشركاء في شأن قضايا الانتقال”.
وأضاف الباشا، “إننا في قوى الحرية والتغيير لدينا رؤية ووسائل لحل هذه الأزمة سبق أن طرحناها على الملأ، لكن طرأت أخيراً مستجدات تمثلت في تأكيد رئيس مجلس السيادة البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو رغبتهما في تسليم السلطة للمدنيين، فضلاً عن الإعلان الدستوري الانتقالي الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين والذي وجد إشادة من المجتمع الدولي وتوافقت عليه قاعدة عريضة من القوى المدنية، مما يمهد لإعلان سياسي يوقع عليه العدد الأكبر من القوى الداعمة للتحول الديمقراطي، مما يفرض على أحزاب قوى الحرية والتغيير التوصل إلى خطوات عملية تقود البلاد إلى بر الأمان”.
تباين المواقف
وقال الباشا، “صحيح أن المشهد السياسي يتكون من مواقف مختلفة ومتباينة، وهناك مجموعة من القوى المدنية داعمة للعسكر وأخرى مع التحول الديمقراطي الكامل، والأخيرة قطعت شوطاً في المشاورات ويمكن من خلال اجتماع الخميس أن تتبلور رؤية تنهي هذه الأزمة، خصوصاً أن ظروف بلادنا تتطلب الإسراع في الحل”.
ولفت إلى أن “هناك جهداً مبذولاً من قبل الآلية الرباعية التي تضم سفراء واشنطن وبريطانيا والسعودية والإمارات في الخرطوم، إضافة إلى جهود بعثة الأمم المتحدة، لكن الأمر الأساس هو أن تؤدي هذه الجهود إلى توحيد قوى الثورة مما يقود إلى الجلوس مع المكون العسكري لتحقيق مطالب الشعب السوداني بتسليم السلطة كاملة للمدنيين، وهو ما يثبت مدى صدقية العسكريين من عدمها”.
وتابع الباشا، “والآن فحتى الأصوات التي كانت تدعم الانقلاب بدأت تتحدث عن ضرورة خروج العسكر من المشهد السياسي، مما يطرح تساؤلات عن مبرراتها لهذا التحول بعد أن أدخلت البلاد في مأزق حقيقي وترد اقتصادي وأمني واجتماعي وإنساني، إذ عجزت الحكومة خلال هذه الفترة عن توفير أبسط مقومات الحياة للمواطنين في الجوانب كلها، لا سيما ما ضرب البلاد من سيول وفيضانات، وجميعها عوامل فرضت على المكون العسكري تقديم تنازلات، لكن بشكل عام من الطبيعي أن يكون الحكم مدنياً”.
أعلام وهتافات
وفي جانب الحراك الشعبي ستتجمع الحشود المشاركة في تظاهرات الخميس عند تقاطع باشدار، وتتحرك المواكب عند الواحدة بعد الظهر في اتجاه القصر الرئاسي.
وفد جيولوجي روسي يثير هلع السودانيين من تهريب الذهب
وقال بيان صادر عن لجان مقاومة في ولاية الخرطوم “سنخرج مرة أخرى إلى الشوارع حاملين هتافنا، فالثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب، أبى الانهزام والتقهقر للوراء من بعد ثورة مهرها بدماء أشرف الشهداء، فهذه الأرض لنا وستظل”.
وأكد البيان “سنخرج الخميس 29 سبتمبر متجهين نحو قصرنا، قصر الشعب، تسبقنا الجسارة والإصرار لإسقاط الانقلاب وسلطته ولتكن يا عام عام الانتصار”.
وحضت لجان مقاومة الشعب السوداني إلى الخروج للشوارع في مواكب إسقاط انقلاب الـ 25 من أكتوبر بحسب المسارات وتوجيهات المكتب الميداني.
اللاءات الثلاث
من جانبه اعتبر المتحدث الرسمي للجان مقاومة الخرطوم فضيل عمر أن “لجان المقاومة غير مستعدة للعودة إلى ما قبل الـ 25 من أكتوبر والشراكة مع العسكر مجدداً، فقد أثبتت الموجة السابقة أن القيادات العسكرية لا تؤتمن ولا تريد الانتقال الديمقراطي في السودان، واتضح ذلك أخيراً عندما قامت بإطلاق سراح قتلة المتظاهرين، وما هم إلا سدنة للنظام السابق ويريدون استكمال مشروعه”.
وتابع عمر، “نؤكد أننا كلجان مقاومة متمسكون باللاءات الثلاث (لا شراكة، لا تفاوض، لا مساومة مع العسكر) ولن ندخل مع الانقلابيين في أية عملية تفاوضية سواء كانت مباشرة أم غير مباشرة”.
وقال إن “اللجان مع أية مبادرة تهدف إلى إسقاط الانقلاب وتوحد قوى الثورة وتستطيع سحب الموالين للانقلاب من المجموعات التي أسهمت في إسقاط نظام البشير، وتعترف بالانقلاب في العلن وتعترف بخطأ دعمه وأن تكون مستعدة للمساءلة والمحاسبة على هذا الخطأ”.
118 قتيل
ومن المنتظر أن تشهد منطقة وسط الخرطوم التي يقع فيها القصر الرئاسي والمنشآت الاستراتيجية مثل القيادة العامة للجيش، تعزيزات عسكرية مكثفة، فضلاً عن إغلاق الجسور الرابطة بين العاصمة ومدينتي أم درمان والخرطوم بحري لمنع وصول المتظاهرين إلى محيط القصر الرئاسي الوجهة التي تستهدفها المليونية.
واعتادت الأجهزة الأمنية مواجهة هذه التظاهرات باستخدام القوة بما في ذلك القوة المميتة، مما أدى إلى سقوط 118 قتيلاً ومئات الجرحى منذ اندلاعها في نهاية أكتوبر 2021.
وكان قائد الجيش البرهان أعلن في الرابع من يوليو (تموز) عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الوطني في مسعى لحل الأزمة السياسية في البلاد وفسح المجال لتشكيل حكومة مدنية من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى متابعة متطلبات الفترة الانتقالية، بيد أن لجان المقاومة أعلنت رفضها قرارات قائد الجيش واعتبرتها محاولة لإعادة التموضع والسيطرة على السلطة من خلال مقترحه بتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة يضم الأجهزة الأمنية كلها، فيما عدها تحالف المعارضة، قوى الحرية والتغيير، مراوغة وتكتيكات يسعى من خلالها الجيش إلى إحكام قبضته على السلطة.
إسماعيل محمد علي
إندبندنت عربية