* ورد عن أبي هريرة، الشاب السوداني الذي استقدم المغني الأثيوبي العالمي، أنه فعل ذلك لتبييض وجه السودان الذي طالما سوّد وجهه آخرون وصوروه كما لو أنه يضيق ذرعاً بالفن والفنون.
*وما فعله أبو هريرة (رض) يفعله الآخرون جميعاً بلا استثناء، فكلنا نزعم أننا نفعل أشياءنا ـ كل أشيائنا ـ ونبذل كل طاقاتنا لأجل الوطن ولا شيء غير الوطن.
* فالذي تزعمه الحركة السودانية الغنائية وتفعله لأجل إعادة (وجه السودان المشرق)، تفعله وتعتقده الحركة الرياضية والمسرحية وصولاً للحركة الإسلامية السودانية.
* حتى الحركات المسلحة تفعل ما تفعل من أجل الوطن، وإلا هل سمعتم أن حركة مسلحة قالت إنها نهضت لأجل تسويد وجه الوطن، على أن تعيث في إقليم دارفور قتلاً وتشريداً وترويعاً وتنكيلاً؟، لكنها نهضت دائماً على قيم العدل والتنمية والتحرير ورفع كفاءة ومستويات حياة الناس!
* إذاً، الحركات مجتمعة، الغنائية والرياضية والمسرحية والإسلامية والحركات الثورية المسلحة، كلها نهضت من أول يوم لأجل (إعادة البسمة) إلى الشعب السوداني وإشراق سمته وتبييض وجهه.
* والمدهش أنه برغم كل هذه المجهودات الجبارة التي يبذلها الحركيون من أقصى اليمين إلى أقسى اليسار، ويبذلها يسار الوسط ووسط اليسار ويمين اليسار ويسار اليمين، برغم كل ذلك لم تشرق شمس السودان المشرق بعد، بل وبرغم أنف شعاره قناة الشروق (شمس السودان التي لم تغب)، فقد أفلت أنجمنا وشموسنا وأقمارنا، بل كلما ازدات الحركات السودانية عملاً لتبييض وجهه يسوَدّ، وربما لو تركوه لابيَضّ.
* غير أن الذي أطربني في الفترة الأخيرة درجة الإمتاع، هو ما فشلت فيه الدبلوماسية وسفارات بأكملها، وما فشلت فيه النخب والسياسيون.. صنعه راع سوداني في بادية الجزيرة العربية، أي والله، راعي أغنام يهيم على وجهه في تلك الأنحاء الوعرة، راتبه دون الألف ريال، ودراسته دون مراحل الأساس وفي أحسن الأحوال (معاه ثانوية).
* تداولت شبكات الاتصال الاجتماعي أن راعياً سودانياً قد أعاد “وجه السودان المشرق”، الذي طالما غيبه السياسيون والنخبيون والأكاديميون وفشل في إشراقه (المتعلمون الجاهلون) وقديماً قال أهلنا: “القلم ما بزيل بلم” يا لك من راع ويا لكم من رعية، أن يكون راعي أغنام أكثر فعالية من قنصليات وجاليات بأكملها!.
* ونعود لوجعنا الداخلي، الحركيون الذين لم ينجحوا في إعادة وجه السودان المشرق برغم كل الادعاءات العريضة، لدرجة ذلك النشيد الباهظ: مكاء صلاة اليمين عليك وحج اليسار إليك نفاق.. إلى أن يقول: ستكبر ثم تراهم سماناً ثم يشد عليك الوثاق!
* سيدي أبو هريرة، رضي الله عنك وعن ما تقوم به من مجهود لكي تشرق شمس السودان: هل فشل بلد المليون مطرب، هذا غير الواعدين والموعودين والذين يتوعدوننا في أجهزة الإعلام المختلفة؟، هل فشلت كل هذه الجيوش الغنائية في أن تعيد (وجه السودان المشرق) حتى لنؤمِّر على مسرحنا ومنطقنا الفني (رجلاً حبشياً) وبالعملة الصعبة، لتكون حركتنا الغنائية كما الرياضية والمسرحية موغلة في الدونية والمحلية!
* والحديث هنا لإخواننا في (الحركة الاسلامية السودانية): لماذا ـ كما الحركة الغنائية ـ لا نلجأ إلى استقدام دعاة ومفكرين إسلاميين من ذوي العيار الثقيل حتى نحدث حراكاً هائلاً فشلنا محلياً في إحداثه.
* مخرج.. في اجتماع إسلامي حركي هائل منذ أيام، ووسط عجز النخبة، نهض شاب أسمر اللون جميل التطلعات وسيم الأشواق، فقال أسوة بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني أتبرع للدعوة بنصف مالي.. ولم يكن ماله إلا قطعة أرض في (عد بابكر) بطرف المدينة، والكبار أهل الثروة والسلطة لم تهتز لهم شعرة ولم تلن (شقة) أو طابق من طبقات عمائرهم من ذوات الخمس نجوم، ولم تهتز عمائمهم من ذوات السبعة هدوم!
*أخي أبو هريرة.. لقد سبقكم بها راع سوداني في بادية الحجاز، يوم أن أشرقت شمسنا من هناك.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه .. قوموا إلى إحياء وطنكم..
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي