(1)
بعد عام واحد من الثورة جاء في هذه الزاوية حرفياً دون زيادة أونقصان هذا النص الذي بين أيديكم ،وإن كان لابد من سؤال فأطرحه على القراء الكرام 🙁 هل حدث ما كنا نخشاه وقد حذرنا منه ) …نص المقال :
الحقيقة التي يراها الناس رأي العين، أن الثورة الآن ليست بخير مثل الجنيه تماماً…الإثنان يعانيان من الإنحدار والإضمحلال والضمور، ونخشى عليهما من الإنهيار الشامل…الثورة تفقد رصيدها السياسي النضالي رويداً رويداً لأسباب معلومة، والجنيه السوداني يفقد قيمته الإقتصادية شيئاً فشيئاً لذات الأسباب…
نخشى على الثورة أن تفقد بريقها ورصيدها السياسي بسبب بُعدها عن أهدافها وعن الوعي الثوري القائم على التضحية والإيثار والتجرد ونكران الذات وكل تلك الدروس المجانية التي بذلها الشباب والشابات أيام المواكب والمظاهرات ضد نظام المؤتمر الوطني الفاسد، بذلها لكل الناس وبذلها في ساحة الإعتصام أيضاً، لكن لا أحد يريد الإستفادة من تلك الدروس المجانية، فها هي قوى الحراك الثوري تُنازع بعضها حول المناصب، وتقصي بعضها وتغرق كل يوم في برك الفشل الآسنة، ولم تنجح في وقف التدهور والغلاء ومعالجة التشوهات…
(2)
نخشى على الثورة أن تفقد بريقها ورصيدها السياسي النضالي ووعيها الثوري بسبب الإخفاق الكبير الذي وضع شخصيات مغمورة عديمة الخبرة والكفاءة في موضع القيادة بلا خبرات ولا تأهيل ولا حتى إدراك لخطورة المرحلة والتحديات… شخصيات جيء بها لتحكم بلا أدنى فكرة عن إدارة شئون الحكم والسياسة، جاءوا بمقدرات ناشطين سياسيين يتحدثون بلغة أركان النقاش في الجامعات ، حتى القضاة والقانونيين منهم تركوا لغة القانون والقضاء وانغمسوا في المهاترات السياسية على وسائل التواصل الإجتماعي…وفي رأيي هؤلاء هم الفلول الحقيقيون الذين يجب أن نخشى على الثورة منهم.
(3)
نخشى على الثورة أن تفقد بريقها ورصيدها السياسي النضالي بسبب “سطحية” بعض الناشطين وضحالة تفكيرهم حينما (توهموا) أن تجاهل تعظيم شعائر الدين هو الحد الفاصل بين نظام المؤتمر الوطني وحكومة الثورة وكأنهم اختزلوا ديننا الحنيف في ممارسات وشعارات المؤتمر الوطني ، وتلك كانت أكبر سقطة على الإطلاق، وكان يجب على هؤلاء أن يدركوا جيداً أن شعائر الدين عند الشعب السوداني هي الرئة التي يتنفس بها، وأن “بلطجية” الحكم البائد ما استقر لهم المقام في السلطة إلا لكونهم كانوا يعظمون شعائر الدين رغم أن ممارساتهم وأفعالهم تجعلهم أبعد الناس عن الدين وقيم الإسلام من سماحة ورحمة وصدق وعدل وأمانة، ولكن صبر عليهم العامة ثلاثة عقود تقديراً وتبجيلاً للشعارات التي رفعوها..ونحن هنا لا نريد للثورة أن تخدع الناس باسم الدين كما فعل المؤتمر الوطني ، ولكنهم على الأقل أن يحترموا ويعظموا شعائر الله، والدين الذي ارتضى لعباده..فليست من السياسة في شيء أن تستفز المشاعر الدينية في بلد غالبية سكانها يعظمون شعائر الدين..
(4)
أقول أن أكبر خطأ ارتكبه الناشطون وبعض مسؤولي الحكومة والمحسوبين عليها هو سوء تقديرهم للمزاج السوداني الذي يكره كل ما يمس عقيدته ولو كان مساساً غير مقصود، وهذا ما نفخ الروح مجدداً في زبانية المؤتمر الوطني الذي لفظه الناس لسوء ممارساته وفساده الظاهر والمستتر ،فتعالت أصوات فلوله مجدداً وامتدت ألسنتهم بالسوء للنيل من ثورة الشعب السوداني ووجدوا أكثر من مبرر لـ ” حماية” الدين، وفيكم سمّاعون لهم …وكان السبب في ذلك هو سوء تقدير العناصر التي طغت على الثورة….أقول سدوا ذرائع الفلول ولا تعطوهم المبررات، فالشعب السوداني الذي ارتضى وجودكم على قيادة ثورته فهو أحقَّ بحماية الدين وتعظيم شعائره فاعلوا هذا على الأقل فإن لم يكن من أجل الله والدين فمن أجل استقرار وطنكم وشعبكم….اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة