كنت اتوقع من النخبة السودانية التى عارضت حكم الاسلاميين للبلاد ان تكون قد استفادت من فترة معارضتها الطويلة ومن نظم الحكومات والمجتمعات الغربية التى آوتها ونظام الحياة فى تلك البلاد التى تحترم شعوبها دين الدولة ودستورها وقوانيها وامنها القومى وتحترم التنافس السياسى بين الاحزاب على السلطة مما يجعل اعضاء الاحزاب يفرقون بين الدولة والحكومة فلا يحملون السلاح ضد جيشهم الوطنى و هم يعتقدون بان الخدمة فى الجيش الوطنى والتحول لجنود احتياط شرف وواجب من يهرب منه يعاقب ويعتبر مواطن غير صالح ، هذا من حيث المبادئ الوطنية والعقيدة السياسىة ،اما من الناحية الاقتصادية فان تلك المجتمعات تقدس الانتاج وتحافظ على وقت العمل وتتفانى فيه وينصرف كل الى مجاله ليبدع فيه ليزيد دخله ودخل بلاده لتنافس فى سوق الصادر العالمى .
لكنى للاسف وجدت ان اولئك المعارضين لم يستفيدوا شيئا من ذلك بل خسروا حتى ما كان لديهم من مبادئ وقيم مجتمعية سودانية فاخذوا باسؤا ما فى مجتمعات الغرب وحاولوا تطبيقها بالقوة على اغلبية شعبنا ولو عن طريق الابتزاز والتهديد بالتحويع وزيادة المعاناة فى الحصول على مستلزمات حياتهم اليومية، وفى امثالهم قال الشاعر ينعى شعب بلاده : ( لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية ) .
لقد عايشنا ولمسنا ما فعلته تلك النخبة المعارضة التى آوتها دول الغرب ومولتها بالاموال والتى سلحت بعضها وجعلتهم يحاربون جيشهم الوطنى لاسباب مادية بحته ( تقاسم السلطة والثروة ) وهى دوافع ( شهوانية جسدية يريد فيها كل فرد مصلحته الشخصية ولكنه يغلفها بشعارات عنصرية وجهوية كاذبة ليخدع بها من ينضم اليه ويقاتل خلفه كجندى يمكن ان يفقد حياتها من اجل ان يحقق ذلك القائد المتمرد مجده ورفاهبتة وتطلعاته الشخصية ).
لقد احبطنا كلنا بعد الثورة عندما وجدنا د.حمدوك ( الاقتصادى الزراعى ) يترك التوجه الى الانتاج وتشغيل الشباب الذى خرج للثورة مطالبا بالتغيير واولى مطالبه توفير فرص التوظيف ولكننا وجدنا د.حمدوك وطاقمه الوزارى يقود الشباب للتظاهر وادمان الجدل السياشى وافتعال المعارك مع الشرطة والجيش وترك الانتاج بعد تخيرهم بوعود البنك الدولى وضرورة الدخول للمجتمع الدولى واستدعاء الامم المتحدة ليترك مبعوثها الاهداف التى جاء من اجلها ويتحول الل وسيط سياسى مجادل يشغل العامة بالسياسة عن الانتاج ويشعل الفتن بين الفرق السياسية مما جعل الشعب والشباب بالذات يتوهون فى خضم جدل سياسى لا يعرف له نهاية .
لا اريد ان اضرب امثالا بما حدث بعد الثورة من فتن وجدل اضر بكل فرد فهذا كثير ولا يمكن حصره ولقد لمسه كل منا ولكنى ساضرب امثلة لما غرق فيه اولئك المعارضون لكل حكومة بعد ان اعلن ام البرهان سيذهب للعزاء فى ملكة انجلترا ومنها الى نيويورك .
لم اكن اتوقع ان ينشغل اولئك بان البرهان كان يرتدى بدلة زرقاء عكس ما ارداوه هم بانه كان لابد ان يلبس بدلة سوداء؟ تخيلوا ان نخبة قادت ثورة تترك اقتراح كل ما يفيد وتهتم بذلك ؟
ثم قالوا ان البرهان تم توجيه طائرته الخاصة للهبوط فى مطار فرعى وتبخيس ذلك المطار والايحاء بان الحكومة البريطانية قصدت بذلك اذلاله وغير ذلك من قص اثره ومن اى بوابة دخل واى طعام تناول والى اخره من توافه الامور التى يحب ان لا تشتغل بها نخبه وثوار اقسموا ان يبنوا السودان بعد الثورة .
والادهى ان منهم من حاول ان يبتز البرهان بانهم سيحرضون الحكومة البريطانية بالقبض عليه وكأن ملك بريطانيا دعاه الى هناك وقد نصب له شرك ،وما يقومون به حتى الان هو تكرار لما فعلوه ضد كل حاكم عارضوه من الخارج وطالبوا دول الغرب محاكمته مما اساء الى نظامنا العدلى والقضائى والقانونى بل والاخلاقى والمجتمعى ايضا.
انا ما زلت اراهن على شبابنا الذى تم خداعة بواسطة تلك الثلة التى سرقت منه الثورة ،واتمنى ان تقوم حكومتنا الحاليةبالتوافق مع نخبة الشباب واعلان حكومة مدنية تقوم بتكوين مفوضية انتخابات تسن من القوانين ما يجعلنا نتخلص من تلك الاحزاب التى نشأت فى اوضاع غير صحيحة واستعملها الاستعمار ومازالت تستعملها امريكا ودول ترويكا فى تعطيل نهضة بلادنا التى تحتاج الى حكمة وخبرة الكهول من العلماء وقوة الشباب .
لقد لاحت مؤخرا طائفة من الشباب ادركت اهداف الاشخاص الحزبيين الذين سرقوا منهم الثورة وافسدوا علاقاتهم بالجيش فقرر اولئك الشباب اقصاء اولئك الاشخاص من بقايا ما سمى بقحت فاعلن اولئك الشباب انهم بصدد تشكيل حكومة من وطنيين اكفاء واعلانها للشعب وابلاغ الجيش بذلك وانا اعتقد ان ذلك هو الحل لعبور الفترة الانتقالية وهذا هو ما يريده معظم ضباط الجيش .
وارى ان يسرع الشباب فى ذلك وان لا يرفضوا مساعى الجيش لاعلان حكومة مدنية قبل نهاية هذا الشهر فالاكفاء الوطنيون جاهزون ولا فرق بين ان يكونوا قد تم اقتراح اسماؤهم من قبل الشباب او الجيش لان كل ما هو مطلوب ممن سيحكم الفترة الانتقالية القصيرةالباقية واضح ومعلوم ومتفق عليه ،فلماذا الاختلاف على الاشخاص؟
صحيفة الانتباهة