تحقيقات وتقارير

مجلس التخصصات .. (الخيل تجقلب والشكر لحماد)

صدِّق أم لا تصدِّق، هل تصدِّق أن الجهة التي تدرِّب وتخرِّج الأطباء الذين ينتشرون في أصقاع الأرض يشيدون بهم بالخارج قبل الداخل يحوز على شهادة الـ(يزو) يعاني مثل ما يعاني الإنسان أو أكثر ألماً. إذا كان الإنسان يعاني المرض فإن المجلس القومي للتخصصات الطبية تلك المؤسسة التي لا يدري الكثير من الناس كيف تدار وكيف تعمل فإنها تعاني التحديات الجسام تحكي بروفيسور درية إنهم يجمعون المال من أجل تسهيل امتحان الطلاب الطب, وهل تصدِّق أن الميزانية المرصودة للمجلس، كما قال أحد الصحفيين، تكفي (مائة صحن فول) وهل تصدِّق أن المبنى الذي يستضيف المجلس أثري ولا يملكه المجلس. إذا كان المجلس يخرج الآلاف من الأطباء فإن الشكر كما يقال لحماد.

مطلوبات المجلس

واحدة من تحديات المجلس تحد من قدرته على مقابلة مطلوبات وتأهيل الأطباء المتدربين، إذا كان القيمة المحدَّدة للتسجيل تبلغ “100” ألف، في العام بينما تبلغ رسوم الامتحانات “20” ألف جنيه، وهي أرقام تبدو ضئيلة مقارنة بكلفة الامتحانات نفسها، ناهيك عن الميزانية المحدَّدة للمجلس من قبل الحكومة التي لا تكفي لتغطية إجراء دورة واحدة للامتحانات التي تعقد مرتين خلال العام الواحد، فضلاً عن تحديات أخرى تتعلق بالكم الهائل لأعداد الأطباء المتخرجين من الجامعات السودانية وعدم توفر مواعين أو مستفيات حكومية كافية لاستيعاب هذه الموارد البشرية في التدريب والتأهيل، فضلاً عن انعدام التوظيف مما أدى لانتشار ظاهرة بنقلة الأطباء والتي تعتبر إلى جانب الهجرة من أكبر التحديات التي تواجه المجلس.

عجز الميزانية

يشكو المجلس من عجز في الميزانية المحدَّدة له من قبل الحكومة، ولذلك ليس بمستغرب أن يطالب بمنحة الاستقلالية المالية وتوفير مقر جديد يتسع للحجم الضخم للمتدرِّبين، وقال رئيس المجلس بروفيسور محمد المكي عبدالله” الرشيد” إنهم سبق وأن طرقوا أبواب مجلس الوزراء والمؤسسات الرسمية لمعالجة قضايا المجلس، ولكنهم لم يتلقوا رداً، وأضاف: أرسلنا العديد من الخطابات والمطالبات ولكن دون فائدة، وشدَّد على ضرورة أن يتمتع المجلس بالاستقلالية المالية، فضلاً عن الاهتمام بالمهن الصحية والصيدلة والقبالة والتمريض، ودعا إلى تطوير المستشفيات الحكومية باعتبارها المواعين الأساسية لاستيعاب وتدريب الأطباء.

مواعيد الامتحان

وفي الأثناء قال الأمين العام للمجلس دكتور أحمد فرح شادول، إن امتحانات التخصصات سوف تقام في موعدها المحدَّد بالسابع عشر من الشهر الجاري، رغم الظروف البالغة التعقيد التي يعمل فيها المجلس، وقال شادول في تنوير صحفي للإعلاميين بمقر المجلس أمس السبت، نظمته طيبة برس، إن الامتحانات تشمل عشرين تخصصاً، وسوف تقام في “3” مراكز بالخرطوم و”7″ مراكز بالولايات “و3” مراكز خارج السودان، مشيراً إلى أن الحكومة تمنح المجلس ميزانية قدرها “400” مليون جنيه، ولكنها لا تغطي تكاليف دورة واحدة من امتحانات التخصصات التي تعقد مرتين في العام، ونبَّه إلى أن تكلفة دورة واحدة تبلغ ما يزيد عن “600” مليون جنيه، بواقع عجز يقارب الـ”35%” بالمائة في الامتحانات فقط، بخلاف بقية مصروفات المجلس، لافتاً إلى أن الرسوم المتحصلة للامتحان تقدر بـ” 20″ ألف جنيه، فقط، وقال شادول: إن المجلس ومنذ تأسيسه درَّب حوالي “14,700” ألف اختصاصي، وحالياً يتدرَّب به “10,500” ألف من الأطباء، وأضاف أن ما يقوم به المجلس وفر للدولة ما يقارب “4” مليار دولار، عبر قيامه بتدريب الأطباء، وتابع أن الـ”10″ آلاف، المتدربين حالياً كان يمكن أن يكلفوا الدولة ما يقارب “3” مليارات دولار، مؤكداً أن المجلس يقدِّم نوعية تدريب متميَّزة وتحظى بقبول واعتراف دولي وإقليمي، مشيراً إلى القبول والسمعة التي يتمتع بها الأطباء السودانيين في الخارج خاصة دول الخليج العربي، لافتاً إلى أنهم يعملون وفقاً لضوابط وحاكمية فعالة لضمان جودة التدريب وامتحانات المجلس.

ضوابط العمل

ومن جهته قال دكتور هشام محمد عبدالرحيم، عضو لجنة الامتحانات بمجلس التخصصات الطبية: إن الشهادة التي يمنحها المجلس تؤهل صاحبها للتسجيل كاختصاصي ومن ثم التدرج لاستشاري، وأضاف أن لجنة الامتحانات وضعت في العام الفائت ضوابط عممتها لكافة مجالس التخصصات الطبية بولايات البلاد، بهدف تجويد الأداء والمحافظة على مستوى مشرف لخريجي المجلس، مشيراً إلى أن المتدرب يخضع إلى امتحان تحريري وسريري وموضوعي ومختبري فضلاً عن تقويم مستمر، كما يوفر المجلس -أيضاً- امتحانات الأطروحة ” البحوث” بغرض تطوير الخدمة الطبية وذلك من خلال عقد الامتحانات في دورتين خلال العام ، وبدوره قال مسؤول العلاقات الخارجية بمجلس التخصصات الطبية دكتور عبد الغني الشيخ، إن المجلس لديه عدد من الشراكات الدولية والإقليمية على المستوى الأكاديمي أبرزها مع المجلس العربي للاختصاصات الصحية والهيئة السعودية للتخصصات الصحية وجامعة “البريتا” بكندا وجامعة إيرلندا والأسكندرية والشارقة والصومال ومنظمة الطوارئ الإيطالية، وأضاف الشيخ، أن الأطباء السودانيين بالخارج يعتبرون سفراء للبلاد في كل العالم وأن التدريب مهم لأنه يرتقي بالمستشفيات، كما أن الأطباء المتدربين يقدِّمون خدمة للمواطن أثناء فترة تدريبهم .

أطباء مؤهلون

ومن جانبه قال مسؤول الشؤون العلمية بالمجلس بروفيسور عبدالرؤوف شرفي: إن المجلس معني بتخريج أطباء مؤهلين وأكفاء لافتاً إلى أن المجلس به “59” تخصصاً وحوالي عشرة آلاف متدرب، ومائتي موظف في مساحة ضيِّقة لا تتسع لهذا الكم الهائل من البشر، مشددًا على ضرورة إيجاد مقر جديد للمجلس، ونبَّه شرفي إلى أن البلاد بها “83” كلية طب تقوم بتخريج “10” آلاف طبيب، سنوياً ويقع على المجلس عب تدريب وتعيين كل هؤلاء الأطباء على الرغم من الإمكانيات المحدودة، وأكد شرفي أن ظاهرة تكدس النواب بالعاصمة يرجع إلى قلة مراكز التدريب، فضلاً عن مشكلة أخرى تتعلق بأن “80%” من الأطباء إناث مقابل “20%” ذكور، وهو الأمر الذي ينعكس سلباً على التوزيع للولايات حيث ترفض الطبيبات وأسرهن التدريب خارج الخرطوم لصعوبات وعوامل عدة تتعلق بالسكن والامن وغيرها من المطلوبات.

امتحان تجريبي

وبدورها كشفت دكتورة درية الريس عضو لجنة التدريب بالمجلس عن تكفل مجموعة من الاستشاريين والاختصاصيين بقيمة إجراء الامتحان التجريبي لمتدربي تخصص النساء والتوليد مؤخراً بإرسال مساهمات مالية لإنجاح الامتحانات في ظل الظروف السيئة التي يعمل بها المجلس ودون تكليف المتدربين لأي رسوم أو مبالغ للجلوس للامتحان. وقالت درية الريس: لابد من سن قانون لحماية الأطباء المتدربين في المستشفيات والتأمين ضد الأخطاء الطبية، والاهتمام بالمستشفيات الحكومية وفتح التوظيف للأطباء لأنهاء ظاهرة “البنقلة ” المعروفة وسط الأطباء الجدد والذين يعلمون بهذه الطريقة في المستشفيات الخاصة.

الخرطوم- صلاح مختار
صحيفة الصيحة