دعا مبارك الفاضل في بيان أصدره اليومين الماضيين، قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانقلابي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الى ضرورة انهاء حالة الفراغ وعدم القرار وما أسماه الركون للأجنبي، ودعوة من وصفهم بالقوى السياسية والمجتمعية العريضة (في اشارة لجماعة اعتصام الموز وجماعة مبادرة الشيخ الصوفي الطيب الجد)، التي قال أنها توافقت وقدمت مشروعها لتأسيس سلطة انتقالية جديدة، أن يدعوها لاجتماع عاجل للاتفاق على آلية عملية مقبولة لتشكيل الحكومة المستقلة، والاتفاق على دور القوات المسلحة فيما تبقى من الفترة الانتقالية. وتعيد دعوة مبارك للبرهان لتنفيذ ما طالبه به، تعيد للمشهد قصة جماعة اعتصام القصر ولك ان شئت أن تقول جماعة اعتصام الموز والحواشي (الجمال الصغيرة طرية اللحم) والمحاشي والرز المردوم والموز المبهول، ذلك الاعتصام الذي لخص أهدافه التوم هجو أحد قيادات الاعتصام، وفضحها بذلك الهتاف الشهير (الليلة ما بنرجع الا البيان يطلع)، مطالبا البرهان بالانقلاب على المسار المدني الديمقراطي وحل الحكومة وتكوين حكومة من جماعتهم المؤلفة من بعض الحركات المسلحة الموقعة علي اتفاق جوبا (مناوي، جبريل ابراهيم، التوم هجو، أردول وعسكوري والتجاني السيسي وميادة سوار الذهب، وآخرين من بعض الأحزاب التي كانت مشاركة في حكومة النظام البائد حتى سقوطه، التي تواطأت مع المكون العسكري لتصبح حاضنتهم السياسية، وبالفعل تلقف البرهان وبقية عسكر الانقلاب الهتاف المتفق عليه، وما هي الا أيام معدودات حتى أذاع البرهان انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، ولكن سرعان ما تكشف للانقلابيين العسكريين ضآلة وزن هذه الجماعة وقلة تأثيرهم على المشهد، فلم يأبهوا بهم ولم يستجيبوا لمطلبهم الانتهازي بتكوين حكومة بديلة، بدلالة أن البلد ما تزال بلا حكومة لنحو عام منذ تنفيذ الانقلاب خلافا لمطلب التوم هجو وجماعته، بيد أن الانقلابيين العسكريين وعلى طريقة الاستفادة من خراقة المغفل النافع، عمدوا لتنفيذ مخططهم الذي أضمروه بعيد الاطاحة بالبشير في الحادي عشر من أبريل، فعمدوا لتجميد لجنة تفكيك التمكين وتسييل الفترة الانتقالية، وتعطيل مبدأ المحاسبة وتعطيل تسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، واعادة الفلول وأموالهم وأملاكهم، وحبل الردة والارتداد عن الثورة وأهدافها ما زال على الجرار الذي سيجر البلاد الى الهاوية.. الآن وببيانه المذكور أعلاه، يحاول مبارك الفاضل استعادة مشهد اعتصام الموز، وترديد هتاف التوم هجو ولكن هذه المرة ليس برفع العقيرة والهتاف وانما عبر بيان مكتوب، استحق معه مبارك الفاضل أن يطلق عليه (التوم هجو تو)، اذ اختلفت الوسائل والأساليب رغم وحدة الهدف، وهو هذه المرة تعزيز الانقلاب الواقع فعليا والذي دعوا وحشدوا له في باحة القصر، والفارق الوحيد ما بين هتاف التوم هجو ومكتوب مبارك الفاضل، أن الأخير لا يطالب ببيان وانما باجراءات وقرارات عملية يتخذها البرهان، وهو هنا يتماهى مع ساعة الصفر التي أشار اليها رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة، ما يبدو معه أن هناك عملية تواطؤ جديدة وطبخة أخرى مابين الانقلابيين مدنيين وعسكريين..
صحيفة الجريدة