رأي ومقالات

البرهان في لندن

إذن وصل الفريق أول عبدالفتاح البرهان عصر الأمس إلى العاصمة البريطانية لندن للمشاركة في الجنازة الرسمية للملكة اليزابيث الثانية والتي يتوجه من بعدها إلى نيويورك للمشاركة في فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلقاء خطاب السودان يوم الخميس القادم
ومع هبوط طائرته على مدرج مطار فارنبرا الخاص جنوب غرب لندن لا شك أن كثير من آمال كثير من مناوئيه قد (هبطت) كذلك
فعلى كثافة ما ظل ينشر ويروج عبر آلة الدعاية السياسية المساندة لقحت وحلفائها الذين انقلب البرهان عليهم من قبل قرابة العام لربما ظن المرء أن العزلة السياسية الخارجية التي ستطبق على البرهان لا مثيل لها إلا حصار السابقين مثل صدام وكاسترو
وصول البرهان ومشاركته هذا الحدث اذن يعكس ضعف وسؤ القرأة والتقدير السياسي من جماعة (قحت المجلس المركزي) وركونها إلى غير قليل من التفكير الرغائبي وهو ما عاد أمراً مستغرباً من بعد ما شاهدنا من تجربة سياسية ظلت غارقة في البؤس والاستهتار والسطحية خلال الاعوام الثلاث الماضية
ولعل أهم إشارة هنا أن الحضور والمشاركة في هذه المناسبة تتم فقط عبر الدعوة الحصرية (بالاسم والمنصب) مع السماح بمرافق واحد (في هذه الحالة وزير الخارجية السفير علي الصادق) خاصة وقد أعلنت المملكة وبصورة علنية إمتناعها عن توجيه الدعوة للمشاركة لعدد من الدول تشمل سوريا وافغانستان وروسيا الاتحادية وروسيا البيضاء وفنزويلا وميانمار (بورما) وتقييد الدعوة للمشاركة على مستوى البعثات الدبلوماسية لكل من ايران ونيكاراغوا وكوريا الشمالية
وقد تولت الجهات المختصة شرح مختلف الاسباب لذلك منها مثلاً الانقلاب العسكري الذي قاده العسكر على الحكومة المنتخبة في ميانمار
بالتالي يثور سؤال قلق
ما هي النظرة البريطانية الرسمية إذن لتكييف وتصنيف سلطة الفريق أول عبدالفتاح البرهان؟
فهذه الدعوة من ناحية بديهية لم تضعه في منزلة حكام ميانمار المنقلبين على سلطة منتخبة (ولعل هذا تذكير لقحت بأنها كذلك لم تكن سلطة منتخبة)
ولا يضع سلطة البرهان كذلك وسط الدول المارقة التي تضرب عليها العزلة وقطع العلاقات الدبلوماسية
ومن ناحية أخرى
لعله من المهم كذلك الانتباه إلى ضآلة الاحتجاجات على زيارة البرهان سواء تلك التي انتظرته في مطار الوصول أو التي نظمت خارج مباني هيئة البث البريطانية غلبت (والدنيا عطلة)
إذن
لعله من المفيد لبعض عقلاء قحت (على قلتهم) تحسس موقع أقدامهم والاجتهاد بجد في القرأة الهادئة والمتدبرة لجملة المشهد والميزان السياسي وتجنب هتافيات وبهلوانيات بعض (ممثليها ومتحدثيها) مع خلع نظارات التغبيش والتفكير الرغائبي التي ظلت تنظر من خلالها منذ مطلع العام ٢٠١٩

د. محمد الامين عثمان