قال القيادي في الحرية والتغيير، ومقرر لجنة إزالة التمكين، وجدي صالح إن الانقلاب العسكري هو سبب الأزمة الراهنة في البلاد، مؤكدا تمسكهم بعدم التفاوض والعودة للشراكة مع العسكر.
وأشار في حوار أجرته معه”القدس العربي”، إلى أن الانقلاب هو امتداد لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، والذي لم يستبعد أن تفرج السلطات السودانية عنه، بعدما أفرجت عن العديد من قيادات حزب المؤتمر الوطني المنحل.
وفي ما يأتي نص الحوار.
○ كيف تنظر إلى المشهد الراهن في البلاد بعد مضي أكثر من 10 أشهر على الانقلاب العسكري في السودان؟
المشهد السياسي الراهن في البلاد يؤكد أن الانقلاب قد سقط منذ يومه الأول وأن الشعب السوداني قد حدد خياره وهو التحول المدني الديمقراطي في البلاد، الجماهير لم تنتظر حتى أن يذاع بيان الانقلاب بل خرجت في كل أنحاء البلاد ، لقد أكدت تلك الحشود البشرية أنها ضد أي انقلاب عسكري بغض النظر عن من قام به، هذا هو الانقلاب العسكري الأول في السودان الذي يجد هذه المعارضة والمقاومة حتى قبل إذاعة بيانه.
تسبب الانقلاب في أزمة سياسية والاقتصادية وأمنية في البلاد، إنه يقود البلاد نحو الانهيار. الانقلاب هو سبب الأزمة وأي محاولة للتشخيص بأن هناك أزمة غير هذا الانقلاب تسببت في كل ما يحدث في البلاد، تشخيص خاطئ، حل كل الأزمات والقضايا في البلاد لا يتم إلا بإسقاط هذا الانقلاب وإقامة سلطة انتقالية مدنية كاملة تقوم في نهايتها بإقامة انتخابات حرة وشفافة بنهاية الفترة الانتقالية، يختار فيها الشعب من يختاره بعد تحقيق أهداف الفترة الانتقالية، وتتم بموجب قانون انتخابات تتوافق عليه قوى الثورة بالإضافة إلى التوافق على دستور للبلاد. هكذا نكون وضعنا بلادنا في الطريق الصحيح، طريق التحول الديمقراطي ونكون قد أوقفنا الدائرة اللعينة والشريرة التي تقضي على أي تحول ديمقراطي في البلاد.
○ المعارضة السودانية، ظلت تؤكد على أن الانقلاب فشل منذ الوهلة الأولى لكن الواقع يقول أنه ما يزال مستمرا حتى الآن؟
الانقلاب مستمر على الرغم من فشله بسبب عوامل كثيرة، أبرزها عدم وحدة قوى الثورة في مركز تنسيقي موحد، نستطيع من خلاله التوافق على إدارة المرحلة الانتقالية، التي تعقب سقوط هذا الانقلاب وتشيعه إلى قبره. إن قوى الثورة مطالبة الأن أكثر من أي وقت مضى بالإسراع في عملية تكوين هذا المركز للتعجيل بإسقاط هذا الانقلاب وإقامة السلطة الانتقالية المدنية الكاملة التي تطالب بها قوى الثورة والشعب السوداني.
○ يبدو أن القوى المناهضة للانقلاب انشغلت بخلافاتها، في الوقت الذي كان فيه الشارع في أوجه، الأمر الذي زاد من تمكين الانقلاب؟
نعم، نحن لا نقول أن الانشغال كان بالخلافات فقط وإنما كانت هناك قضايا حقيقية ما بين قوى الثورة، نعمل على معالجتها وهناك تباين في وجهات النظر حول كيفية إدارة هذه المعركة في مواجهة الانقلاب. نعم هذه التباينات بين قوى الثورة أثرت بشكل أو بآخر في أن يظل الانقلاب باقيا حتى هذا التاريخ، وهذا بمثابة نقد لأنفسنا ولكل قوى الثورة ولكن أؤكد أننا في قوى الحرية والتغيير منذ الوهلة الأولى أكدنا تماما أننا مع الشارع ومع كل قضاياه ومع إسقاط الانقلاب والسلطة المدنية الكاملة، وبالتالي لم نشترط على أي من قوى الثورة شرطا ولا قيدا، نحن مع وحدة قوى الثورة بدون أي شرط أو قيد.
○ كيف تمضي خطوات توحيد قوى الثورة في مركز تنسيقي؟
لقد نادينا بالوحدة التنسيقية وما زلنا نطالب بذلك في كل المحافل لتنسيق أنشطة القوى المناهضة للانقلاب على المستوى السياسي والميداني والإعلامي، ولأن ذلك يسهم بشكل كبير في إسقاط الانقلاب ويطمئن المواطن السوداني بأن هناك رؤية مشتركة بين كل قوى الثورة ستعقب مقترح مشروع لوحدة قوى الثورة، أيدته العديد من التنسيقيات، ونحن نرحب في الحرية والتغيير بهذه المبادرة وسنكون جزءا منها متى ما دعينا إلى أي عمل مشترك تدعو إليه لجان المقاومة بهدف وحدة قوى الثورة، نحن نحرص على وحدتنا بغض النظر عن من الذي يقوم بالدعوة أو يبادر بذلك.
○ هل لديكم أي اتصالات مع لجان المقاومة والأحزاب والأجسام الأخرى المناهضة للانقلاب خارج الحرية والتغيير؟
لم تنقطع عملية الاتصال مع لجان المقاومة والأحزاب والأجسام المناهضة للانقلاب خارج الحرية والتغيير على الإطلاق ومازلنا نتواصل بغرض الوصول إلى صيغة مشتركة. أعتقد أن المبادرة التي دعت لها تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم وسط تصب في هذا الاتجاه لذلك دعمناها ورحبنا بها وسنظل نعمل ومتواصلين مع قوى الثورة ليس بيننا وبينها أي تحفظات أو رأي سلبي مسبق، نحن معا نكمل بعضنا من أجل إسقاط هذا الانقلاب وبالتالي نحن حريصون على هذا التواصل وديمومة هذا التواصل بغرض الوصول إلى توافق في كافة القضايا التي تهم الشعب السوداني فيما يلي إسقاط الانقلاب والسلطة المدنية الكاملة.
○ وجهت عدد من القوى المناهضة للانقلاب، اتهامات للحرية والتغيير بالمضي في تسوية جديدة مع العسكر، ما تعليقكم؟
القوى التي تروج لوجود تسوية بين الحرية والتغيير وقادة الانقلاب هم الانقلابيون الذين يروجون لذلك لخلق حالة من التباعد ما بين الجماهير وقوى الحرية والتغيير، لأن هدف الانقلابيين إضعاف الحرية والتغيير باعتبارها أكبر تحالف سياسي موجود في البلاد وكان يقود الفترة الانتقالية السابقة وقاد الثورة السودانية، والذي يضم تنظيمات مهنية وأحزابا سياسية ونقابية ولجانا مطلبية وبعض مؤسسات المجتمع المدني وكذلك التحالفات القديمة المعتقة الموجودة داخل هذا التحالف، لذلك يحاولون أن يجعلوا بينها وبين هذا التحالف مسافة من خلال الإدعاء بأن الحرية والتغيير ستقوم بعملية تسوية للتشكيك فيها، نحن نؤكد لجماهير شعبنا أننا في الحرية والتغيير نعمل على إسقاط هذا الانقلاب وإقامة سلطة مدنية كاملة ولن تكون هناك عودة إلى ما قبل 25 تشرين الأول/اكتوبر الماضي من شراكة بين المدنيين والانقلابيين أو أي من العسكريين، نحن نعمل من أجل تأسيس دستوري جديد، وسلطة مدنية كاملة. ولقد توافقنا على ذلك مع الكثير من القوى التي شاركت في الورشة التي أقامتها نقابة المحامين السودانيين، التي انعقدت الشهر الماضي.
○ تقول الحرية والتغيير أنها ترفض الدخول في التفاوض مع العسكر، بالمقابل انخرطت مؤخرا في عدد من اللقاءات مع العسكر، برعاية الآلية الرباعية، كيف تفسر ذلك؟
اللقاء الذي تم بمنزل السفير السعودي في حزيران/يونيو الماضي، والذي أعلنت عنه الحرية والتغيير كان لتقديم رؤية الحرية والتغيير بشكل مباشر لتلك القوى الدولية والإقليمية، والتي بينتها الحرية والتغيير للمجتمع الإقليمي والدولي بشكل واضح، وبالتالي ليس هناك أي عملية تفاوضية تتم الآن مع الانقلابيين.
○ كيف يمكن التوصل إلى أي شكل من أشكال الاتفاق مع العسكر على إنهاء الانقلاب دون تفاوض؟
نحن بشكل أساسي نعول على إسقاط هذا الانقلاب من خلال الحركة الجماهيرية والذي يتخذ أشكالا عدة سواء عبر التظاهرات أو الاضرابات السياسية والعصيان المدني الشامل ونعمل من أجل الوصول إلى العصيان المدني الشامل حتى سقوط هذا الانقلاب وتشييعه إلى مثواه الأخير. مسألة أن الانقلاب لا يسقط إلا عبر عملية سياسية، غير صحيح، لقد أسقطنا قبله نظام البشير ونظام مايو وابراهيم عبود. المسألة لا تحتاج إلى تفاوض ولكن العمل السياسي أيضا جزء من هذه الأدوات التي انتهجتها الحرية والتغيير لأنها تحتاج حقيقة إلى دعم المجتمع الدولي في الوقت الحالي وبعد إسقاط الانقلاب فيما يتعلق بتقديم العون للسودان حتى يستطيع الانتقال ديمقراطيا من الانقلاب العسكري إلى الحكم والتحول الديمقراطي في البلاد وبالتالي يحتاج إلى دعم سواء كان اقتصاديا أو سياسيا من المجتمع الدولي، نحن حريصون على دعم المجتمع الدولي ولكن نعول على إرادة الجماهير وأدواتها المجربة في إسقاط الأنظمة الشمولية والدكتاتورية.
○ الحرية والتغيير انسحبت من الاجتماع الأخير الذي نظمته الوساطة الرباعية لحل الأزمة، لماذا؟
ما يجب توضيحه أن الاجتماع الأخير الذي تمت الدعوة إليه من قبل الرباعية في منزل السفير السعودي علي بن حسن جعفر، اجتماع غير رسمي، تمت الدعوة إليه من قبل الوساطة الرباعية، ولم ينعقد هذا الاجتماع ولم تشارك فيه الحرية والتغيير ولذلك فشل. لم تتلق الحرية والتغيير أي دعوة رسمية من قبل الرباعية لهذا الاجتماع.
○ هل هناك ترتيبات أو إتصالات لاجتماع جديد مع العسكر؟
ليست هناك أي ترتيبات أو اتصالات تجرى مع العسكر نحن نركز جهودنا الآن مع الحركة الجماهيرية التي نعول عليها في إسقاط هذا الانقلاب. الانقلابيون لا نتوقع منهم أن يقوموا بتسليم السلطة للشعب وانما الشعب قادر على انتزاع هذه السلطة التي انتزعها الانقلابيون وأعاقوا عملية التحول الديمقراطي في البلاد.
○ البرهان، سبق وأعلن عن خروج العسكر من العمل السياسي، وطلب من القوى السياسية الجلوس والتوافق على حكومة انتقالية، لماذا ترفضون الحكومة التوافقية؟
نحن نرفض ذلك لأن الأزمة في الأساس ليست بين المدنيين والمدنيين حتى يتوافقوا على اختيار حكومة متوافق عليها، انما أزمة البلاد الانقلاب العسكري وأن الانقلاب الذي قام به أدخل البلاد في أزمة شاملة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية. لقد قال في خطابه في 4 تموز/يوليو الماضي أنهم سيذهبون إلى الثكنات وفي ذات الوقت سيشكلون مجلسا أعلى للقوات المسلحة يضم القوات المسلحة والدعم السريع، يكون مسؤولا عن كل قضايا الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، وأيضا أكد العسكر في الورقة التي قدموها للوساطة الرباعية بأنهم يريدون السيطرة على كل الأجهزة النظامية بما فيها الشرطة وكان حديثا غريبا، كيف للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يكون مسؤولا عن الشرطة وجهاز المخابرات وأيضا المؤسسات المستقلة مثل بنك السودان والنيابة العامة والسلطة القضائية، هل هذا يعني أنهم انسحبوا من السلطة ومن العمل السياسي؟ إن هذه كل السلطة، ما الذي تبقى للسلطة المدنية؟ أنهم يريدون ان يظلوا موجودين وأن يسيطروا على اتخاذ القرار وأن يأتي رئيس وزراء ضعيف يمثلهم وينفذ سياساتهم وهم موجودون في المشهد السياسي ونحن بالمقابل لا نريد ذلك وبالتالي لا يمكن أن نقبل بمثل هذا «المسخ» للسلطة المدنية. إن السلطة المدنية التي تطالب بها الحرية والتغيير سلطة كاملة وانسحاب كامل للانقلابيين والمؤسسة العسكرية عن أي عمل سياسي .
نحن ندرك في الحرية والتغيير أن المؤسسة العسكرية ليست جزءا من هذه الجرائم التي ترتكب باسمها بما فيها الانقلاب وإنما ارتكبت هذه الجرائم لطموحات شخصية تتعلق بقيادة هذه المؤسسة. القوات المسلحة بعيدة تماما عن العمل السياسي لكنها تأتمر أيضا بأوامر قيادتها التي قامت بهذا الانقلاب، وبالتالي يجب أن نوضح أن الانقلاب قام به البرهان وليس المؤسسة العسكرية أو القوات المسلحة.
○ كيف تنظرون إلى موقف الحركات المسلحة في أعقاب الانقلاب، وهل ما زالت بعضها جزء من الحرية والتغيير؟
نحن نميز تماما بين الحركات التي دعت للانقلاب وأصبحت جزءا منه والحركات التي تدعم التحول الديمقراطي وما زالت موجودة داخل الحرية والتغيير وتؤكد أن الذي تم انقلاب عسكري وليس تصحيح مسار كما يدعي أنصار الانقلاب.
○ هناك دعوات لإلغاء اتفاق سلام جوبا، وانتقادات بأنه منح مكونات الحركات المسلحة فرص التمكين والفساد، كيف تنظرون إلى هذا الاتفاق وما رأيكم في هذه الدعوات؟
نحن في الحرية والتغيير لسنا مع إلغاء اتفاق سلام جوبا على الرغم من التحفظات التي يبديها البعض، إننا نرى أن هذا الاتفاق أوقف الحرب ويجب ألا نعود إطلاقا إلى مربع الحرب، هناك بعض السلبيات التي ظهرت من خلال التجربة العملية في الاتفاق، وبعض الملاحظات التي أبدتها القوى السياسية والحركات المسلحة وأصحاب المصلحة والشعب السوداني لذلك قلنا يجب مراجعة السلبيات بموافقة الأطراف الموقعة على الاتفاق والتوافق على كيفية المعالجة والحلول لذلك. نحن لسنا مع إلغائه لأنه يعني العودة إلى الحرب ولكن مع مراجعته التي تعني الاستقرار والسلام، نحن مع السلام وديمومة السلام، هذا الاتفاق ليس ملكا لقيادات الحركات بل السودانيين المتضررين بالحرب في مناطق النزاعات في دارفور والمنطقتين، وبالتالي يجب ألا نربط ما تم التوافق عليه في اتفاق السلام بالقيادات التي وقعت وإنما بأصحاب المصلحة الحقيقيين على الأرض في المناطق التي يشملها هذا الاتفاق.
○ يبدو أن تحالف العسكر والمسلحين في السلطة، واحدة من تداعياته استمرار الانقلاب الحالي؟
مهما تحالف الانقلابيون أو حاولوا توسيع تحالفاتهم مع الحركات المسلحة أو غيرها ليست هناك إرادة في هذه الدنيا تستطيع أن تتغلب على إرادة الشعب السوداني التي ستنتصر في النهاية وتسقط الانقلاب.
○ الحرية والتغيير تحدثت في بيانها الأخير، عن محاولات لزرع الفتنة ودفع الأطراف العسكرية والمسلحة في السلطة للتصادم، هل تتخوفون من انقلاب عسكري جديد، ربما يقوم به الإسلاميون؟
أكدنا في بياننا الأخير أن هناك محاولات لزرع الفتنة ما بين مكونات الشعب السوداني ودفع الأطراف العسكرية والمسلحة للتصادم سواء كان ما بين العسكريين والعسكريين أو بين العسكريين والمدنيين، لقد أوضحنا موقفنا، إن هذا هو هدف الإسلاميين، لذلك حذرنا منه لأننا ندرك أن هذه محاولة لجر البلاد نحو حرب أهلية والاقتتال بين أبناء الشعب السوداني، هذا الاتجاه مرفوض لذلك كان لا بد من فضح هذه المحاولات لجر الشعب السوداني نحو مربع الحرب.
○ وافقت محكمة مدبري انقلاب الانقاذ، على النظر في طلب هيئة الدفاع بالإفراج عن الرئيس المخلوع عمر البشير ومتهمين آخرين لأسباب صحية وعائلية، يبدو أنه تمهيد للإفراج عنهم، ما تعليقكم؟
لقد أفرج الانقلاب عن العديد من قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول لذلك لا نستبعد على الإطلاق أن يفرج عن البشير وقيادات النظام البائد لأن هذا الانقلاب امتداد لهم ويتحالف معهم.
○ المتحدث باسم الجيش رحب ببيان الحرية والتغيير الأخير الذي أكدت خلاله على احترام المؤسسة العسكرية، معتبرا إياه تصحيح مواقف من الحرية والتغيير، ما تعليقكم؟
ليس هناك تصحيح مواقف، هذا هو موقف الحرية والتغيير المعلن منذ البداية والذي لم يتغير على الإطلاق، لكن الانقلابيين كانوا يحاولون تشويه هذا الموقف حتى يستطيعوا تعبئة المؤسسة العسكرية والجيش ضد الحرية والتغيير.
○ أكد المتحدث كذلك عدم وجود انقلابيين في الجيش؟
هذا حديث يمكن أن يرد عليه ببساطة بأن القائد العام للقوات المسلحة قام بهذا الانقلاب وما يزال يتمتع بهذا المنصب وبالتالي هو انقلابي، لكننا سنظل نؤكد أن المؤسسة العسكرية والجيش السوداني براء من هذا الانقلاب، لأننا نعلم تماما كيف تتخذ القرارات داخل الجيوش وهذه صيغ من صيغ الضبط التي تحكم هذه الجيوش بأن يأتمر الأدنى بأوامر الأعلى، ولذلك نقول أن الجيش لم يستشر في هذا الانقلاب وأن ما قام به البرهان، لتحقيق مآرب خاصة به لا تخص المؤسسة العسكرية في شيء وأدخل الجيش في هذه المتاهة التي نتمنى أن يخرج منها وأن يحافظ على علاقته بشعبه لأن الجيش هو جيش الشعب السوداني.
○ معظم الأصول والممتلكات التي استردتها لجنة إزالة التمكين، عادت للإسلاميين عقب الانقلاب، وعادوا أيضا إلى جميع مفاصل الدولة، يبدو أن الإسلاميين عادوا إلى السلطة بشكل أو بآخر؟
نعم، الإسلاميون عادوا إلى السلطة مرة أخرى من خلال الانقلاب ومن خلال قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان الذي أعادهم إلى كل مؤسسات الخدمة المدنية ومكنهم من قيادتها وأعاد تمكينهم من الناحية الاقتصادية بإعادة كل الأموال التي استردتها منهم لجنة تفكيك نظام الثلاثين من حزيران/يونيو 1989 (لجنة إزالة التمكين) هذا تحالف مكشوف وواضح ما بين قيادة الانقلاب والإسلاميين. إن الثورة السودانية قادرة على كنس هذا الانقلاب ومن تحالف معه من فلول النظام القديم، وتعيد البلاد إلى مسارها الصحيح، مسار التحول الديمقراطي.
○ هل كان هناك خلل إجرائي في عمل لجنة إزالة التمكين، لجهة صدور أحكام قضائية عديدة ألغت قرارات اللجنة؟
ليس هناك أي خلل إجرائي في عمل لجنة إزالة التمكين، وهذه الأحكام التي صدرت والمنسوبة للقضاء ليست أحكاما قضائية وهي مخالفة تماما لقانون التفكيك، هذه القرارات هي قرارات الانقلاب وتتم بموجب توجيهات من قيادة الانقلاب. يبررون القرارات بأن اللجنة غير مختصة ولكنهم لا يجيبون على السؤال حول ما هي الجهة المختصة بذلك.
أيضا هذه الدائرة القضائية غير مختصة إلا بالنظر في القرارات الصادرة من لجنة الاستئنافات والتي لم تصدر منها قرارات بالخصوص، وكذلك طبقت أحكام القانون الإداري وليس هو القانون واجب التطبيق انما قانون تفكيك نظام الثلاثين من حزيران/يونيو 1989 باعتباره قانونا إجرائيا وموضوعيا في ذات الوقت. هذه قرارات سياسية بدون أدنى شك وليس لديها أي علاقة بالقانون والغرض منها إعادة تمكين الإسلاميين وعناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول داخل مؤسسات السلطة وتمكينهم اقتصاديا وإعادة واجهاتهم التنظيمية على الرغم من وجود قانون تفكيك نظام 30 يونيو وهو ساري المفعول. ما يحدث مخالف للقانون. كما أن قيادات حزب المؤتمر الوطني ظهرت في مؤتمرات صحافية على الرغم من أن الحزب محلول بموجب قانون التفكيك وبنص قانوني واضح وهذا يعني أن قيادة الانقلاب لا تؤمن بعملية التفكيك بل تتحالف مع المراد تفكيكهم.
استولى العسكر على مقر اللجنة بعد الانقلاب وتم تجميد أعمالها والزج بقيادتها وأعضائها داخل السجون تحت دعاوى شتى لا تستند إلى شيء، إننا نحمل قادة الانقلاب مسؤولية العبث بأي معلومات أو بينات كانت موجودة في مقر اللجنة، لا نعلم ما تم في المبنى منذ ذلك الوقت، هناك العديد من البينات والمعلومات يتحمل الانقلاب المسؤولية الكاملة حال تم طمسها.
○ ما رأيكم في المبادرات العديدة التي طرحتها القوى المدنية لحل الأزمة الراهنة في البلاد؟
ما طرح من مبادرات ما هي إلا ترديد لما يردده قادة الانقلاب وهي لسان آخر للانقلابيين، أن هذه المبادرات لا تشكل مخرجا للأزمة الراهنة في البلاد، والتي سببها الانقلاب، وهذه المبادرات تريد شرعنة الانقلاب، لذلك لا يمكن أن تقبل الحرية والتغيير بمثل هذه المبادرات والأطروحات أو مثل هذه المشاريع.
○ وما رأيكم في الإعلان الدستوري الذي طرحته اللجنة التسيرية للمحامين؟
إن ما طرحته اللجنة التسيرية للمحامين حول التوافق على إطار دستوري يعبر عن قطاعات واسعة مناهضة للانقلاب. لقد كنا جزءا من هذه العملية عندما تمت دعوتنا إلى الورشة التي نظمتها اللجنة بالخصوص، ثم شاركنا بعد ذلك في صياغة مشروع دستور انتقالي وهو مطروح الآن للنقاش واعتقد انه مشروع جاد يستوعب كل شعارات الثورة ويؤسس لسلطة مدنية كاملة وليس فيه أي شراكة مع العسكر، وكذلك كل مؤسسات الدولة بما فيها العسكرية وفق الدستور المقترح تخضع تماما للسلطة المدنية.
○ يتحدث المجتمع الدولي، عن وجود فرصة لحل الأزمة في السودان على الرغم من تحذيراته من انهيار وشيك في البلاد، كيف تنظرون لجهود المجتمع الدولي في دفع العملية السياسية في السودان؟
نعم الوضع في البلاد ليس وضعا مثاليا وفيه العديد من المخاطر، تتضمن النزاعات الجهوية والقبلية التي تحاول أن تثيرها جهات عدة تسعى إلى تعطل عملية التحول الديمقراطي، وأيضا هناك الأزمة الاقتصادية والسياسية. إن هناك أزمة شاملة تسبب فيها هذا الانقلاب ولن يتم حلها إلا بإسقاطه وهزيمته وإلغاء قراراته، لذلك توافقت مكونات الثورة على مواصلة مشروع تفكيك التمكين لنظام البشير وقرارات الانقلاب وكل ما ترتب عليها حتى نستطيع التأسيس لسلطة مدنية حقيقية.
○ وماذا تقولون للأطراف الدولية الداعمة للانقلاب؟
نقول لهم أن مصالحهم يضمنها لهم الشعب السوداني وليس أي انقلاب عسكري وأن أي سلطة غير مستقرة مهما ظهر أنها يمكن أن تحقق لكم مصالحكم الآنية تأكدوا تماما أنها على المستوى البعيد ستضر بمصالحكم المستقبلية، نحن على استعداد لانتهاج سياسة خارجية قائمة على المصالح المتبادلة والتي لا تضر مصالح الشعب السوداني وحريصون على التعاون مع المجتمع الإقليمي والدولي.
باج نيوز