بسبب الأمطار والسيول محنة السودان .. أفريقيا تتفرَّج
واجه السودان في هذا العام والأعوام التي سبقته جملة من الكوارث، أهمها: كارثة السيول والفيضانات التي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات من الأشخاص، فضلاً عن انهيار عشرات الآلاف من المنازل جزئياً أو كلياً، وفق إحصاءات رسمية كشفت عن دمار حاق بعدد كبير من المتاجر والمرافق الحكومية والخاصة، أهمها: المدارس، مما حدا بالسلطات لتأجيل بدء انطلاقة العام الدراسي الجديد.
ودفع حجم الكوارث الحكومة لإعلان حالة الطوارئ في (6) ولايات بسبب السيول وهطول الأمطار الغزيرة، وارتفاع منسوب الأنهار في البلاد إلى أعلى المعدَّلات.
وسارعت وزارة الخارجية عبر وكيلها لمخاطبة السفراء القائمين على أمر البعثات والمنظمات من المجموعة العربية والمجموعة الأوروبية الأمريكية و الأفريقية في البلاد.
وتم تقديم شرح مفصَّل عن موقف الأضرار والخسائر جراء الأمطار والسيول في عدد من ولايات السودان”.
وأبلغهم الوكيل أن “السيول والأمطار تسببتا في فقدان العديد من الأنفس، وحدوث خسائر كلية وجزئية في المساكن والمرافق العامة، كما تسببت بتدهور الأوضاع الصحية في كثير من المناطق التي تأثرت بها”. وتعد ولاية نهر النيل و الجزيرة الأكثر تضرُّرًا .
وعلى الرغم من أن النداء وجه لجميع البعثات وفي مقدِّمتها الأفريقية، إلا أنه وبشكل لافت ظلت الاستجابة من قبل الدول الأفريقية في تقديم العون الإنساني للسودان في كل الكوارث التي ألمَّت به تكاد تكون صفرية، رغماً عن إنه الملجأ والمقصد لكل المتأثرين من كوارث الحروب والظروف الطبيعية من اللاجئين والنازحين، خاصة دول القرن الأفريقي و ظل يحتضن أكثر من خمسة ملايين، منهم برغم الظروف السياسية والطبيعية المعقدة التي يمر بها حالياً. ترى لماذا تخف الدول العربية على وجه الخصوص لنجدة السودان، ولا تسند الدول الأفريقية بعضها البعض عند الشدائد؟
العرب رهن النداء
ما أن كشفت الحكومة حجم كارثة السيول والفيضانات وجدت استجابة سريعة من قبل عدد من الدول العربية في مقدِّمتها قطر عبر جمعية “قطر الخيرية”، حيث دفعت مساعدات إنسانية للمتضرَّرين و قالت في بيان لها حينها إن “المساعدات جاءت بدعم من صندوق قطر للتنمية (حكومي) وقامت بها الفرق الميدانية لجمعية قطر الخيرية في السودان بالتنسيق مع سفارة الدوحة لدى الخرطوم،
ولم تكن المملكة العربية السعودية بعيدة عن مد يد العون وإغاثة المتضرِّرين من كارثة السيول والأمطار التي استعصت على إمكانيات الحكومة الشحيحة، حيث أصدر الملك سلمان بنفسه توجيهات لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتسيير جسر جوى عاجل لمساعدة المتضرِّرين من السيول والفيضانات، كما بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم مساعدات إنسانية استجابة للنداء الإنساني وأيضاً جمهورية مصر.
للجامعة توجيه
ولم تتخلَّف الجامعة العربية عن ركب الحض على التضامن العربي عن المحن، فقد أبدى أمينها العام الدكتور
أحمد أبو الغيط، عن التضامن الكامل للجامعة مع النداء الذي أطلقه السودان إلى جميع المنظمات العربية والدولية لمساعداته في مواجهة كوارث السيول والأمطار التي اجتاحت البلاد.
وشدَّد أبو الغيط في بيان له على خطورة الوضع الإنساني وضرورة الاستجابة والتحرُّك العاجل على جميع الأصعدة الدولية والإقليمية لإنقاذ الشعب السوداني من تداعيات تلك الأزمة الإنسانية الخطيرة.
من جهته قال جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام: إن الجامعة العربية تتواصل مع الجهات السودانية المعنية في الوقت الراهن من أجل وضع خطة استجابة عاجلة لمواجهة الفجوة القائمة بين حجم الأضرار التي سببتها الكارثة ومستوى الاستجابة الحالية من جانب المجتمع الدولي.
الدعم الدولي
رغم التحفظ الذي يبديه المجتمع الدولي على الحكومة الحالية ووقفه تقديم المساعدات وعدم التعامل مع النظام الحالي منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي. إلا أنه فصل بين تعامله مع الحكومة وتقديم المساعدات للمتضرِّرين عبر وكالات ومنظمات العمل الإنساني، وأتت عمليات دعم السودان بالمواد الإغاثية في ظل نكبة الفيضانات والسيول متزامنة مع انفراجة في الدعم الخارجي للبلاد، إذ خصصت الولايات المتحدة الأمريكية، أخيراً، مبلغ (88) مليون دولار، مساعدات إنسانية للشعب السوداني.
وكشفت حكومة الولايات المتحدة عن تقديمها دعماً مباشراً عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)
عبارة عن مساعدات إنسانية لشعب السودان الذي قالت إنه لا يزال يعاني من الآثار المدمِّرة الإضافية للعنف، والأمن الغذائي، والصدمات المناخية، بما في ذلك الفيضانات.
وقالت في بيان رسمي إنه بهذه الأموال تدعم الحكومة الأمريكية برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) لتقديم المساعدة الغذائية، بما في ذلك الذرة الرفيعة والبازلاء الصفراء، ومنظمة اليونيسيف لتوفير التغذية لما يقرب من (1.2) مليون، شخص، من المتضرِّرين من الأزمة في جميع أنحاء السودان.
وأضاف البيان: حتى الآن في السنة المالية 2022م، قدَّمت الولايات المتحدة أكثر من (371) مليون دولار، من المساعدات الإنسانية للسودان، بما في ذلك أكثر من (348) مليون دولار، من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وبرَّر البيان هذا الدعم الجديد بالقول: تواصل الولايات المتحدة الوقوف إلى جانب شعب السودان في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تفاقم الأزمات والنزوح .
كلنا في الهم
مصدر دبلوماسي أشار إلى أن معظم الدول الأفريقية تعاني اقتصادياً، فضلاً عن أن تقديم مواد إنسانية للدول يحتاج لإمكانيات كبيرة، أضف إلى ذلك بعض الدول الأفريقية قد تكون أعضاءً في منظمات إقليمية ودولية معنية بتقديم المساعدات، ولفت إلى أن تنويرات الوكيل للسفراء ورؤساء البعثات الخارجية المعتمدة بالخرطوم لم تستثنى الأفارقة لجهة ان الغرض تمليك المندوبين الحقائق حول حجم الكارثة.
تخمة الكارثة
دبلوماسي رفيع معنى بالشأن الأفريقي، قال في إفادته لـ(الصيحة): إن الطابع العام للدول الأفريقية هو أن معظمها دول متلقية للإغاثات وأن السودان ظل دائماً بالنسبة لبعض الدول دولة مانحة، وكان يقدِّم مساعدات وإعانات للدول الأفريقية و يستقبل ويأوي اللاجئين والنازحين الذين تشرِّدهم الحروب والكوارث الطبيعية
وأضاف: صحيح هنالك دولتان أو ثلاثة أوضاعهم جيِّدة، غير أن تلك الدول غالباً ما تركِّز في مساعدتها على دول الإقليم و بشكل أساسي خاصة في المنطقة التي يقع فيها السودان، فإن التركيز يكون على المشكلات الإنسانية في الصومال والتي يواجه أكثر من (50) ألف، من سكانها كارثة المجاعة بسبب الجفاف، ويضيف المسؤول ربما يرى هؤلاء ومن يمد لهم يد العون، إن ما نعانيه من كارثة بسبب السيول والأمطار يرونه خدمة بتوفر المياه. ويعتقد أن الانطباع العام عن الدول الأفريقية هو أنها دائماً تصنَّف في خانة
المتلقى للإعانات، و يرى أن على الدول أن تقاسم وتشارك في ما عندها حين وقوع الكوارث بدل التقليل من أثرها.
وصنَّف المسؤول علاقات السودان مع محيطه العربي بأنها مبنية على العلاقات التجارية والاستثمارية وتبادل المصالح الاقتصادية، وتوجد جاليات سودانية كبيرة تحتضنها تلك الدول خاصة دول الخليج بما في ذلك مصر، ولذلك كثير من الإعانات والمساعدات الإنسانية تأتي للسودان من الدول العربية عند حدوث الكوارث، غير أن علاقات السودان مع الدول الأفريقية عموماً تقوم في الأساس على أسس أمنية وسياسية، وأبدى المسؤول عن عدم انزعاجه لجهة أن السودان ظل هو وجهة الأفارقة والداعم لهم بحكم ما يتمتع به من إمكانات و موارد.
تقرير: مريم أبَّشر
صحيفة الصيحة