نفَّذته عدة مؤسسات .. سلاح الإضراب .. أنانية أم انتزاع للحقوق؟

يُعرّف الإضراب على أنه رفض الاستمرار في العمل بشكل فردي أو جماعي، بسبب جدال مع صاحب العمل حول ظروف العمل أو مستويات الأجور أو فقدان الوظيفة. هنالك جملة من الأسباب تدفع بالعاملين لرفع شعار الإضراب عن العمل،

لعل أبرزها عدم الرضا عن السياسات المُتبعة في الشركة، ربما مشاكل متعلقة بتأخير الرواتب والحوافز، الفصل التعسفي غير المشروع للعمال، قلة قيمة الزيادات السنوية والشهرية، سحب الامتيازات الخاصة، الاختلاف على ساعات العمل وفترات الراحة، الخصم من الراتب في الإجازات والأعياد، الاختلاف على المكافآت وعملية تقاسم الأرباح وصندوق الإدخار والإكراميات، إغلاق المنشآت وتسريح العمال معظم الإضرابات وفق ماهو مرصود تحدث لدواعٍ اقتصادية عند وجود خلافات على الأجور أو المزايا بين العمال والشركة العاملين لديها. ويهدف هذا النوع من الإضرابات إلى إجبار أصحاب العمل على الاعتراف بالنقابات.

سلاح مجرَّب

توتر وقلق وعدم رضا يتسَّيد الأجواء وسط العاملين في القطاعين العام والخاص بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة والحياة بصفة عامة, في أعقاب فشل الحكومة في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هذا الضجر بسبب الغلاء دفع العديد من العاملين بإشهار سلاح الإضراب في وجه الحكومة من أجل تحسين أوضاعهم المالية, خاصة وأن ارتفاع التضخم واشتعال الأسعار في الأسواق, جعل الراتب لشهر لا يكفي في الحد الأدنى من تكاليف الحياة لأيام معدودة ناهيك عن شهر كامل.

ولهذا السبب ترك العديد من العاملين وظائفهم, بعضهم غادر البلاد بحثاً عن وضع أفضل والبعض الآخر آثر الانخراط في العمل الحر الخاص غير المقيَّد براتب محدود لا يكفي ضروريات الحياة و متطلباتها الأساسية. فيما سلك آخرون طريق الإضراب انتزاعاً للحقوق ورفع سلاح التوقف عن العمل في وجه الحكومة ولفتها للنظر في تحسين أوضاعهم، عندما فضلت صم أذنيها عن المعاناة التي يعيشها العاملون ومن خلفهم أسرهم.

خلال الفترة الأخيرة شهدت البلاد تنامي ظاهرة اتباع الإضراب عن العمل في قطاعات صناعية وإنتاجية وخدمية لأسباب متباينة، وسيلة لانتزاع الحقوق وتشمل حقوق اقتصادية متمثلة في ضعف الأجور وتدهور الأوضاع المعيشية نتيجة ارتفاعها. مراقبون يرون أن بعض أسباب الإضراب قد تكون تحمل شبهة سياسية بغرض إسقاط الحكومة.

أبرز الإضرابات

لعل أبرز الإضرابات التي انعكس أثرها بشكل مباشر على المواطنين إضراب قطاع الكهرباء والأطباء بجانب إضرابات جرت في أوقات سابقة للعاملين في مجال السدود السودانية احتجاجاً على نقلهم من العمل بشركة التوليد المائي لوزارة الري والموارد المائية والتي كانت السدود إحدى إداراتها، ومطالبتهم بإعادة تبعيتهم للشركة مرة ثانية وبالامتيازات المالية السابقة التي حرموا منها. ورغم تعليق الإضراب بعد مفاوضات مع الإدارة خوفاً من التأثيرات السلبية على قطاع الزراعة، إلا أن العمال تعهدوا بتكراره في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم. وإضراب المعلمين الأشهر و تهديد أساتذة الجامعات والتعليم العالي و الذي تسبب بجانب عوامل أخرى في تكدُّس الدفعات وسط الطلاب في مراحلهم المختلفة بالجامعات السودانية. ومن الإضرابات الشهيرة إضراب العاملين في وقاية النباتات عن العمل مطالبين بحقوقهم الوظيفية، ما تسبب في أضرار بالغة بالصادر والوارد والتزامات المصدِّرين والمورِّدين الخارجية لكونها الجهة المختصة بتنفيذ الإجراءات الصحية والفنية للصادرات الزراعية وواردات السلع والمنتجات الغذائية بالبلاد. وغيرها من إضرابات كان لها تأثير مباشر على مسار الحياة اليومية للمواطنين .

سلاح ذو حدين

القيادي بحزب الأمة القوى وقوى الحرية و التغيير آدم جريجير، وصف استخدام الإضرابات وسيلة لنيل الحقوق بأنه سلاح ذو حدين، وقال: إن الإضراب -أحياناً- يعطل الإجراءات لكنه بالقطع قد يؤثر على الحكومة ويسهم في أخذ الحقوق للقطاعات، وأضاف في تصريح لـ(الصيحة) إن الإضراب كذلك قد يساهم مع أسباب أخرى في إسقاط الحكومات.

أنانية فقط

بعض المراقبين قلَّلوا من فاعلية استخدام وسيلة الإضراب سلاحاً لتغيير الواقع و اعتبروه وسيلة تستخدم بطريقة أنانية لتحسين أوضاع فئة معيِّنة، وقال الدكتور عبد الرحمن أبو خريس، أستاذ العلاقات الدولية: إن استخدام أسلوب الإضراب لن يساعد في حل الأزمة، لكنه قد يكون وسيلة فعَّالة للضغط على الحكومة لمعالجة مشاكل فئات بعينها أشهرت سلاح الإضراب، وأضاف أبو خريس لـ(الصيحة): إن استخدام وسيلة المظاهرات ممكن أن تدفع باتجاه تغيير السياسات و اعتبر أن استخدام الإضراب يعد نظرة أنانية من فئات محدَّدة يهمها في المقام الأول تحقيق مصالحها، وهذا في حد ذاته يشير وفق النظرة الكلية أنها متسامحة مع السياسات العامة التي تنفذها الحكومة.

وسيلة مشروعة

الدكتور خالد التيجاني، الخبير الاقتصادي: الإضراب أحد الوسائل المشروعة التي تستخدم للضغط على الحكومات لانتزاع الحقوق، ولكنه طرح سؤالاً في سياق إفادته لـ(الصيحة) حول إمكانية أن تكون هذه الوسيلة فعَّالة وتحقق نتائج لمصلحة الجميع، أضاف: هذه ستفتح دائرة للمطالب، وأن الإصلاح حسب التيجاني، يجب أن يكون إصلاحاً كلياً وليس حلولاً فئوية تتعلق بفئة محدَّدة، ويرى أن الحكومة يجب عليها أن تتعامل مع الأمر بصورة كلية عبر مراجعة السياسات الاقتصادية وأن تبدأ بنفسها باتباع سياسة التقشف وتوجيه الموارد نحو الإنتاج، ولكن أن تظل تصرف على نفسها ويدفع الشعب ثمن ذلك قطعاً سيفضي لأوضاع سيئة.

الخرطوم: مريم أبَّشر
صحيفة الصيحة

Exit mobile version