عبد الله مسار يكتب : عظمة السُّودان وخيانة بعض أبنائه

حكى سودانيٌّ مقيمٌ في الولايات المتحدة الأمريكية، إنه دُعي إلى مناسبة اجتماعية بمدينة ريفية في إقليم الميد ويست الوسط الغربي، وهي منطقة يزرع فيها القمح والذرة بمساحات كبيرة، والزراعة على مد البصر، وهذه المنطقة توجد بها جبال الاوزارك وهي جبال تكسوها الألوان الخلابة في فصل الربيع.

دُعي هذا السوداني إلى هذه المناسبة الاجتماعية في صحبة أحد زملائه يسمى (كيفن) وذلك لزواجه، وتعرّف هذا السوداني على والد العروس واسمه (كريس)، وهو رجل ذو خبرة كبيرة في السياسة الأفريقية، وهذا الرجل تحدث مع هذا السوداني أنه فخور بما قدمه لإنسان أفريقيا، وتحدث بإسهاب عن السودان، حيث قال إنه قضى ثلاثين عاماً على الشأن السوداني، وقام بجمع المليارات من الدولارات من أموال دافعي الضرائب لصالح التمرد في الجنوب والغرب السوداني، وذلك لشراء الأسلحة والعتاد، بجانب الإمدادات الصحية واللوجستية.

وكانت لقاءاته كثيرة مع المعارضين وقادة التمرد، وكانت أكثر مع الناشطين الحقوقيين للبيت الأبيض، وكان يرتب لقاءاتهم بأعضاء من مجلس الشيوخ الأمريكي، وكان هو مهندس الحصار الاقتصادي المنهك للسودان.

وكان هذا الأمريكي يستغرب كثيراً لأنّ الأموال التي بُذلت للتمرد في أقاليم السودان ضد الحكومة السودانية تقضي على عشرة أنظمة حكم في دول أفريقية أخرى، ولكن صمود النظام وتماسكه كان سره في عقيدة الشعب والجيش، كما حدث أن تحول المدنيون إلى مقاتلين، حيث اشتدت العمليات في أحراش الجنوب.

وهنا قال (كريس) السياسي الأمريكي، إنه استغرب من عدم وطنية المعارضين السودانيين الذين طالبوا مجلس الشيوخ بالحصار الاقتصادي على بلدهم، وباركوا ذلك، وطلبوا من الحكومة الأمريكية قطع إمدادات مدخلات الزراعة لتدخل بلادهم في مجاعات.

وأضاف (كريس) بأنه تعامل مع كثير من المعارضين الأفارقة الساعين إلى السلطة، ولكن ما يُميِّز المعارضين السودانيين مدى حبهم لخراب بلدهم، الأمر الذي أدهشه!!

وأكد هذا السياسي والخبير الأمريكي على عظمة السودان وقوة شعبه وجيشه ووضاعة وقذارة المعارضين السودانيين.

وشاهدنا ذلك بعد سقوط النظام، حيث كانت الممارسة السيئة لقيادة دولة السودان حتى رئيس وزراء الفترة الانتقالية الأول، وعبر سفير بريطانيا صديق عرفان ونيكولاس هايسوم الدبلوماسي الجنوب أفريقي الذي كان له دورٌ كبيرٌ في فصل جنوب السودان، وهو مندوب الأمين العام للأمم المتحدة للصومال، حيث طردته الحكومة الصومالية لسعيه لإثارة الفتنة وسط الصوماليين، وكان يعمل مستشاراً لحمدوك من بعيد، والآن يتردّد على السودان ليحل محل فولكر، وهو كان يتوقّع أن يكون رئيس البعثة منذ أول مرة.

أعتقد شهادة هذا الأمريكي، وما قالته رايس، وما قاله صحفيون أمريكان حول خيانة وعمالة بعض السودانيين لبلادهم. وقلنا في كثير من مقالاتنا إنّ كثيراً من معارضي السودان في الفترة الفائتة لا يُفرِّقون بين معارضة النظام والوطن، وخاصةً الذين مُنحوا جنسيات من هذه الدول الغربية!!

إنّ هؤلاء النشطاء السياسيين الذين كانوا يعارضون، ليس في بالهم الحرص على وطنهم، ولكن كانوا أكثر حرصاً على خدمة مصالح هذه الدول الأجنبيّة!!

إنّها خيانة الأوطان، ولكن التاريخ يُسجِّل، وكتاب التاريخ من أخطر الكُتب..!

صحيفة الصيحة

Exit mobile version