تلعب الجامعات، دوراً مُهمّاً في تطوير المجتمع وتنميته من خلال إسهامها في تخريج الكوادر البشرية المدربة على العمل في كافة المجالات والتخصُّصات المُختلفة، وتعد الجامعة من أهم هذه المؤسسات، حيث يناط بها مجموعة من الأهداف تتدرج تحت وظائف رئيسية ثلاثة هي التعليم وإعداد القوى البشرية، البحث العلمي، إضافة إلى خدمة المجتمع.
وإن إدارة جامعة في العصر الحديث، هي أكثر تعقيدًا من إدارة شركات تكنولوجية مُعقّدة، حيث هناك العديد من أصحاب المصلحة الذين لا بد من العمل على إرضائهم: الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والخريجين وأولياء الأمور ومجالس الأمناء والمانحين والسياسيين (في حالة الجامعات الممولة من القطاع العام) والمجتمعات المحلية.
كذلك أنّ البيئة الجامعية أصبحت مليئة بالقضايا السياسية الساخنة مثل حرية التعبير والمُشاركة المُجتمعية والتنوُّع والشمول. على نحو متزايد، يتوقع المجتمع من الجامعة أن تؤدي وظائف اجتماعية وسياسية معقّدة، وأن تتمكّن بطريقة أو بأخرى من تقديم مثال أفضل من بقية مُؤسّسات المجتمع، وهذا الواقع نعايشه بصورة يومية في الجامعات السودانية، وجامعة نيالا واحدة من هذه الجامعات، وقد أصدر تجمُّع المهنيين بها قبل فترة بياناً اطلعت عليه، يتهم المدير الجديد البروفيسور علوية بالفساد، وإن عودته إعادة للتمكين وهو مدير سابق للجامعة في عهد المعزول البشير أُعيد تعيينه من التقاعد، ويتهم التجمع المدير بتجاوز الإجراءات المحاسبية، ويقولون إن المدير كثير السفر للخرطوم على حساب الجامعة، وعبّر الكثيرون عن رفضهم وسخطهم لتعيين مدير عليه شبهة الولاء للنظام البائد. ومعلومٌ في عهد المخلوع الوظائف القيادية العليا تأتي عبر الولاء التنظيمي، وجامعة نيالا جامعة مهمة تخدم عددا كبيرا في ولاية ذات كثافة سكانية عالية، فاستقرارها أهم من التمسُّك بالأشخاص وهي فوق الولاءات السياسية والاجتماعية والصراعات التي لا تخدم الطلاب وهيئة التدريس، وجامعة نيالا خرّجت الآن الآلاف من الطلاب، وهي كانت الجامعة الوحيدة التي تخرج الأطباء البيطريين في غرب البلاد، وكذلك كلية الهندسة والآن كلية الطب والعلوم الصحية، والجامعة تحتاج إلى إدارة طموحة تعمل على تقديم تعليم عالي الجودة ومواكب للتطوُّرات التقنية في العالم، والآن سوق العمل في نيالا يحتاج للكوادر التقنية المُدرّبة المُعدة بمُستوى عالٍ من الفهم والمعرفة والدراية والمهارات العلمية والإبداع التقني، وجامعة نيالا تحتاج إلى مدير يعمل لتنمية قُدرات أعضاء هيئة التدريس والفنيين والإداريين ويتعاون مع الجميع، والبحير اليوم تحتاج إلى كليات مختلفة ومدير بمواصفات يفهم مجتمعها واحتياجاته، ونيالا اليوم ليست نيالا الأمس، فالمدير مطلوب منه التحرك من محطته التي كانت في ٢٠١٣ إلى عالم اليوم ٢٠٢٣.
صحيفة الصيحة