أتوقع أن تتعقد الأمور بالمحليات والولايات وان يتضاعف سوء الوضع الإقتصادي _جولة بالاسواق تكشف عموم الحال _ وليس للأمر علاقة بما قبل 25 أكتوبر او ما بعده . بقدر ما أن الرؤية والتفكير الصبياني بعد 11 أبريل وكتبنا هذا كثير (جرف) القوى الإقتصادية وتسبب برعونة في إفراغ البلاد وهروب الأموال كما ان المشهد المرتبك بالمشاجرات السياسية ما كان ليسمح لمستثمرين خارجيين بتقديم مشروع وبقيت فقط فتات موائد المنظمات والحلفاء وهذه لا توجه للشعب قدر ما ترتبط برضاء الجهات المانحة على مشروعها فإن تعثر كفت يدها .
وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم وفي هذه الظروف يعلم قبل غيره أن مهمته فاشلة . لكنه بالأساس قبا المنصب لتقديرات تخص مشروعه الخاص بتأمين عوائد إتفاق السلام . لان لا يعقل لشخص درس الإقتصاد القبول بمغامرة في مثل ظروف السودان وحتى الجهات التي وافقت على تعيينه _السيادي ورئيس الوزراء_ كانت تدرك ذلك لكنها قبلت وهي به اعلم . وسلمته تنفيذ مشروع إقتصادي أجازته وصادقت عليه . جبريل ما جاب حاجة من عنده
القضية جملة أن السياسات الإقتصادية المتوحشة المبنية على وصفات خارجية قبلتها الإنتقالية بمنطق التملق السياسي للخارج وجهلا بطبيعة تركبية بنية الإقتصاد والظرف الإجتماعي وتركبية سوق العمل والتجارة والخدمات وهي تفاصيل أديرت في عهد الإنقاذ بتفهم يراعي تعقيدات ذاك الواقع قبل ان تحل الحقبة الجديدة التي قبل ما يسمى الإنقلاب كانت قد دمرت ولم تؤسس فهلك القديم وتآكل المتاح .
لهذا اتعجب لمحاولات البعض التبرير . قادة سابقون يتحدثون الان وكأن الحال حتى في حقبتهم كان أفضل . وقد سيق رجال الاعمال بالإشتباه وكشفت الحسابات ولم يفتتح مسؤول (كنتين) في قرية او يقص شريط في مشروع عدا ذبيح مسلخ الكدرو الذي كرم فيه وزير التجارة !
الى أين نتجه . وأقول بصراحة ارجو ألا تكون مفزعة . نتجه للإفقار الجماعي . فمن كان فقيرا سيهبط الى أدنى مقام خشاش الأرض والغني وميسور الحال لن يطول به الزمان حتى يهبط لدرجة الفقير كذلك . يؤسفني القول اننا دخلنا في سكة اليفوت ما يرجعش . ولو عاد حمدوك بعشرة شخصيات وذهب البرهان الى قاع الجحيم لن ينصلح الحال . لان البلاد أصلا اركبت على قطار سكة حديد ينتهي الى حفرة . والبعض يعلم ذلك وتعمد إركاب الناس للذهاب بهم الى حتوفهم . وكل الذين تسببوا في هذا سينجون بالذهاب الى أوطان بديلة او سيبقون وكلاء عن الذين كلفوهم . وهؤلاء سيظلون دوما يقولون لو وأن ولو وأن !
محمد حامد جمعة