(1)
شهد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان الثلاثاء الماضي احتفال القوات المسلحة بالذكرى (123) لمعركة كررى بمنطقة وادي سيدنا العسكرية وقال البرهان : (ان الشعب السوداني وقواته المسلحة لم يتزحزحا او يتراجعا يوم معركة كرري كما ان الدولة السودانية لم تهزم في المعركة وأتم المستعمر لم يتسن له دخول ام درمان إلا على اجساد جنودنا في ساحة المعركة وتابع ما قام به جيش المستعمر كان جريمة ضد الانسانية يستحق مرتكبها الحساب لأنهم مارسوا القتل والفظائع لمدة اربعة ايام بعد المعركة. واستنكر البرهان السكوت عن المطالبة بالقصاص بحق شهداء كرري مشيراً الى انه ينبغي مطالبة دولة المستعمر بتقديم اعتذار رسمي لأسر الشهداء ولأبناء الشعب السوداني الذين ابادوهم بطريقة مقصودة تحت سمع وبصر كل العالم وقتها وأكمل ينبغي ان نصدع بهذا الحق لأن ما جرى كان بمثابة ابادة وتطهير عرقي لأبناء شعبنا لكسر شوكتهم).
النظام البائد مارس القتل والفظائع لمدة (30) عاماً!!
وماذا عن مجزرة 29 رمضان التى حدثت في محيط القيادة العامة وتحت انظار العالم وفي ساعات السحر ؟ ماذا عن هؤلاء الشهداء الذين راحوا ضحايا لتلك المجزرة وهم تحت حماية قواتهم المسلحة – لم يكونوا في حرب ولم يقتلوا من قبل العدو وتوزعت جثامينهم بين ثلاجات المشارح وقاع النيل ولجنة اديب.
اسر هؤلاء الشهداء مازالتتنتظر القصاص ولجنة نبيل اديب مازالت تقاتل وتبحث من اجل ان تجد مقاراً لأعضاء اللجنة.
دعكم من القصاص ؟ هل اعتذر (المجلس العسكري) عن هذه المجزرة للشعب السوداني ام انهم اكتفوا بـ (وحدث ما حدث)؟
على أي شيء يجب الاعتذار على مجزرة كررى التى حدثت قبل (123) عاماً ام على مجزرة فض الاعتصام التى لم يمض عليها ثلاث سنوات؟
دعكم من الذين غدروا بهم ساعة الاسحار – ماذا عن (117) شهيداً قتلوا بعد انقلاب 25 اكتوبر؟ – هؤلاء الذين قتلوا بعد الانقلاب ايضاً من ابناء الشعب السوداني وأسرهم يستحقون ان تعتذر لهم السلطات. هؤلاء قتلوا بالرصاص السوداني ولم يقتلوا برصاص المستعمر الدخيل.
(2)
يستحق الشعب السوداني اعتذاراً من كل الحكومات الوطنية التى ادارت البلاد منذ الاستقلال وحتى وقتنا هذا. تلك الحكومات الوطنية لم تقدم شيئاً للبلاد ولم تفعل غير انها افسدت وقتلت ونهبت ثروات البلاد وخرج الشعب عليها من اجل اسقاطها في انتفاضات شعبية مشهودة.
في عهد البشير حدثت ابادة في دارفور راح ضحاياها الالاف من ابناء هذا الوطن ومازال البشير حتى وقتنا هذا ينعم في سجنه بما لا ينعم به الشعب الحر الذي اسقطه.
تلك الابادات لم تحدث في عهد الانجليز.
في العهد البائد حدثت مجزرة ضباط 28 رمضان وحدثت مجزرة طلاب العيلفون وقيادات العهد البائد لم يعتذر احد منهم على هذه المجازر، بل انهم مازالوا يجادلون على شرعيتها.
نهبوا ثروات السودان وفصلوا الجنوب باسم الدين وينعمون الآن في ماليزيا وتركيا وقطر بخيرات البلاد في الوقت الذي تطالب فيه السلطات السودانية الحكومة البريطانية بالاعتذار للشعب السوداني عن مجزرة مضى عليها (123) سنة وانتصر فيها الشعب السوداني واخذ بثأره يوم ان فصل رأس غردون عن جسده في مشهد يؤكد ان الشعب السوداني قادر على ان يأخذ حقه عنوة واقتداراً.
(3)
نحن الآن نطالب البرهان بالاعتذار الرسمي عن انقلاب 25 اكتوبر – وحده ذلك الاعتذار يمكن ان يصحح الاوضاع ويعيد للشعب السوداني حكومته المدنية المسلوبة.
(تنتهي في 30 سبتمبر الجاري مهلة المؤسسات المالية الدولية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المخصص للسودان والذي يبلغ قدره 2.5 مليار دولار أمريكي 500 مليون دولار منها كانت دعماً مباشراً لموازنة العام 2022م والبقية لدعم الزراعة والنقل والرعاية الصحية والتعليم، وأشياء أخرى. وكان البنك الدولي قد قرر عقب الانقلاب العسكري في السودان في 25 أكتوبر 2021م تجميد كافة أشكال التعاون التنموي مع السودان. وقال حينها رئيس مجلس البنك الدولي دافيد مالباس إنه يخشى من التأثير الدراماتيكي الذي يمكن أن يكون لذلك على الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي للبلاد والتنمية).
لقد حرم انقلاب 25 اكتوبر من الدعم الخارجي ومن النمو والتطور الذي كان تشهده البلاد.. فقدت الهيئة القومية للكهرباء دعومات كان يمكن ان تستعدل مسيرتها .. وحرم مشروع الجزيرة الزراعي من العودة ليجعل السودان سلة غذاء العالم.
مشاريع تنموية كثيرة توقفت بعد الانقلاب بما فيها مشروع ثمرات الذي قدم دعماً للأسر السودانية المتعففة.
المعاناة تتمدد بشكل مخيف في انحاء البلاد والغلاء يبلغ اقصى مدى له والتفلتات الامنية افقدت حتى العاصمة القومية امنها واستقرارها.
اعتذار بريطانيا لن ينفع البلاد في شيء.. ولكن اعتذار البرهان سوف يصحح مسار البلاد ويخرجها من تلك الهوة السحيقة.
(4)
رغم مرارة الاستعمار وقهره إلّا ان السودان مازال يحيا ويبقى بالمنشآت والمؤسسات التى خلفها المستعمر – السكة الحديد وجامعة الخرطوم ومصلحة البريد والبرق والمشاريع النهرية و الزراعية الكبيرة والجسور العتيقة.
المستعمر خلف وراءه (الخدمة المدنية) التى افسدت فيها الحكومات الوطنية ولم يتبق منها غير تاريخها العتيق.
ماذا قدمت الحكومات الوطنية للسودان؟ – المشاريع الهامشية التى اقامتها الحكومات الوطنية منذ الاستقلال وحتى وقتنا هذا كان نصف ميزانيتها ودخلها بعد ذلك يذهب لصالح جيوب الافراد.
المستعمر كان اكثر حرصاً على ثروات هذه البلاد وكان اعظم اخلاصاً في المؤسسات والصروح التى قامت في عهده ومازالت باقية بينما كانت المؤسسات والصروح التى تقوم في فترات الحكومات الوطنية لا تصمد اكثر من بضع سنوات لأنهم كانوا ينهبون ميزانياتها.
المؤسسات التى قامت في عهد الحكومات الوطنية كانت لا تصمد امام اول مطرة تهطل في شهر الخريف.
انتم وكل الحكومات الوطنية منذ الاستقلال وحتى وقتنا هذا مطالبون بالاعتذار للشعب السوداني الذي لم يجد من الحكومات الوطنية غير البطش والقمع والجوع والمرض والفساد.
لم تقدموا لهذه البلاد غير الشعارات والخطب السياسية الرنانة.
(5)
بغم
لقد سلم الفريق اول ركن عوض بن عوف السلطة بعد اقل من (32) ساعة من استلامها – من اجل السودان وحتى لا يدفع الشعب السوداني المزيد من الفواتير ويقدم المزيد من الضحايا لماذا لا يسلم البرهان السلطة قبل 30 سبتمبر؟
ليت البرهان يفعلها حتى يعيد للشعب السوداني ثقته في القوات المسلحة وحتى تعود المشاريع التنموية من جديد ويرجع (الدعم) بدلاً من ان يرفع.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
محمد عبد الماجد
صحيفة الانتباهة