منى أبوزيد تكتب : زوجة رجل مهم..!

“يشتري الرجل المجد والعظمة والشهرة والمرأة هي التي تدفع الثمن”.. جبران خليل جبران..!
قبل سنواتٍ، قرأت للدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد المصري، مقالاً ذا أغراض وشجون، بعنوان “زوجة الزعيم أنور إبراهيم” بدا فيه وكأنّه ينتقد مواقف زوجته السابقة جميلة إسماعيل من خلال إسرافه في مدح وقفات عزيزة إسماعيل زوجة السياسي الماليزي أنور إبراهيم، مُتوسِّلاً إلى ذلك بتشابه الألقاب والأوزان والمواقف والمحن..!

لكن قياس الدكتور أيمن نور في تقديري كان فاسداً ينقصه اتّحاد العلة والسّبب، فعزيزة إسماعيل التي وقفت مع زوجها في معركته القضائية “مع تُهمة بشعة مثل الشذوذ الجنسي” كانت قبل تلك الحادثة زوجة ماليزية عادية ثم حولتها المحنة إلى صوت هادر ووجه سياسي جريء لزعيم وحبيب يقبع في السجن..!
أما جميلة إسماعيل فقيادية بحزب سياسي تصادف أنّ زوجها يتزعّمه، امرأة لها رؤيتها ومواقفها وكبواتها السياسية “تسريبات ويكليكس حول علاقتها بالحكومة الأمريكية مثالاً” التي تحمل وزرها أو تقطف غرسها بعيداً عن علاقتها بسياسي كانت لا تزال تنضوي تحت لواء زعامته الحزبية رغم انتهاء الزواج..!

وأذكر أنني قد خرجت من ذلك المقال بانتباهة “جندرية” طريفة مفادها أنّه لا مكان في مُجتمعنا السوداني المحلي لتلك الظاهرة الاجتماعية السياسية الشائعة “الجمع بين المُؤسّسة الزوجية والشراكة السياسية في علاقة واحدة” ولا أعني بذلك المُصاهرة السِّياسيَّة، بل زواج السياسيين بسياسيات يُصارعون – أو يتصارعون – معهن في حلبات السياسة قبل أن تصرعهم خلافات الزواج..!

جنوب أفريقيا مثلاً شهدت أشهر حكايات تغوُّل الخلافات السياسية على الشراكة الزوجية بين نيلسون مانديلا وزوجته ويني وانتهت بانفصال زوجي لأسباب سياسية. وفرنسا ارتبكت عندما تمّ إعلان الطلاق بين رئيسها الأسبق ساركوزي وزوجته سيسيليا التي ساندت حملته الانتخابية بمواقف خاصّة وعامّة، لكنها غادرت قصر الإليزيه بعد بضعة شهور فقط من وصولهما إليه معاً..!
أما تأثر المواقف السياسية بالخلافات الزوجية فمن أطرف أمثلته موقف الرئيس الأرجنتيني الأسبق كارلوس منعم الذي طلّق زوجته سليمة لأنها دعت أشهر الصحفيين إلى حفل شواء في غيابه وانتقدت أمامهم سياساته، وحينما ضاق ذرعاً بمعارضتها السياسية وانتقاداتها المتكررة طلّقها..!
ومثله تماماً رئيس بيرو السابق ألبرتو فيوجيموري الذي وصف زوجته بأنها غير وفيّة ومُنحازة لمنافسيه السياسيين، وقطع المياه والكهرباء عن مسكنها وجرّدها من لقب السيدة الأولى ثم طلّقها غير آسف، والسبب هو أنها اتهمته علناً بالتسامح في انتشار الفساد في إدارته..!
عندنا في السودان لا تكافؤ بين حضور الجنسين في ميادين السياسة، رغم ثبوت الكفاءة والأهلية والجدارة، والسّبب أيضاً طريفٌ. معلومٌ أن السياسة ليست شارباً كثاً وصرامة بلا مبرر لكنها في السودان مجال ذكوري بحت نجحت في اقتحامه بعض النساء، وهذه ثقافة سائدة، بدليل أن وسائل إعلامنا إذا رغبت في إثارة قضية اجتماعية استضافت امرأة، وإذا أرادت تحليلاً سياسياً كان ضيفها رجلاً..!
والحقيقة أنّ كل ما أذكره من مبارزات سياسية بين زوجين سُودانيين في هذا الشأن هو مَضمون خبر أودعته إحدى الصُّحف مساحة “التسريبات” في أواخر سنين الإنقاذ واختارت له العنوان الطريف الآتي “طلاق في قبلة البرلمان”. أما نَصّ الخبر فكان يقول إنّ دستورياً بولاية حدودية غربية قد أقسم على زوجته العضوة بالمجلس التشريعي حالفاً بالطلاق في حال قيامها بالتصويت لصالح قرار تَمّ طرحه والتصويت عليه من قبل النواب. وكيف أن السيدة البرلمانية تلك قد التزمت الحياد وامتنعت تماماً عن التصويت ولسان حالها يقول “نار الحنث بالقسم الدستوري ولا جنة الذمة البرلمانية المنفصلة التي تجلب الطلاق”..!

صحيفة الصيحة

Exit mobile version