ربما يظن البعض ان الشركة السودانية للموارد المعدنية تتبع للقطاع الخاص من خلال الحملة التي أثيرت أخيراً وجاءت على خلفية تقدم والي القضارف محمد عبد الرحمن محجوب بشكوى الى رئيس مجلس السيادة مطالباً بحقوق ولايته من موارد التعدين، حيث تحتل ولاية القضارف المرتبة (الثانية) في الإنتاج القومي من بين ثلاث ولايات هي الاضخم في رفد خزانة الدولة بالمال.
الى هنا يبدو الامر طبيعياً جداً، بل ان الوالي يكون قد اجحف في حق مواطنيه ان هو آثر الصمت ازاء حقوق الولاية الضائعة، وهي تواجه ازمات متجذرة في الخدمات خاصة المياه والصحة. ولما كان التعدين فتحاً ربانياً للولاية شأنها شأن عدد من الولايات، كان الاجدى ان تستفيد من خيراته لا ان تكتوي بنيرانه، حين صمتت شركة المعادن دهراً عن المخالفات التي ظلت ترتكبها بعض الشركات العاملة في مجال التعدين بعدم الالتزام بالاشتراطات الصحية، الى جانب عدم التزامها بانفاذ بند المسؤولية المجتمعية، بل انها ــ اي شركة الموارد المعدنية ــ تتجاوز في كثير من الاحيان التفويض الممنوح لها في اعلان مشروعات تنموية باسم المسؤولية المجتمعية دون النظر الى مطلوبات الولاية واولوياتها في المشروعات وحاجة المحليات لها، لأن اهل مكة ادرى بشعابها.
ومن الطبيعي ان يشكو والي القضارف الى رئيس مجلس السيادة ولا غبار في ذلك، اما غير المقبول ان تقوم قائمة الشركة وتهتز اركانها وتنظم حملات اعلامية بعضها مدفوعة القيمة.. من اين؟.. وتعتبر الخطوة خرقاً للبروتكول وقوانين الخدمة وتراتبية العمل الدستوري بمخاطبته رئيس مجلس السيادة مباشرةً، وأشارت إلى أنه تجاوز وزير ديوان الحكم الاتحادي المسؤول عن الولاة.. يعني شركة المعادن ما عارفة انه بثينة دينار قدمت استقالتها قبل فترة.. بل تعتبر خطوة والي القضارف استهدافاً لشخص مدير الشركة المهندس مبارك اردول، ونحمد لاصحاب الحملة ومن يقف وراءها انهم لم يلبسوها ثوب القبلية والمناطقية.
عموماً لم تكن ردة فعل شركة الموارد المعدنية تجاه تصريحات والي القضارف موفقة على الاطلاق، وكان الاولى ان تسعى جاهدة لتحقيق ما ورد بالشكوى وتفتح صفحة جديدة من العلاقة بينها وبين الولايات المنتجة. وليست القضارف وحدها فقد حركت شكوى والي القضارف ساكن هذا الملف، بعد أن استطاع الوالي اختراق المسكوت عنه بشجاعة لم نعتدها من جميع الولاة السياسيين.. فالرجل تنفيذي مهموم بقضايا ولايته اكثر من كونه سياسياً، ولا مجال عنده للتهاون في ثوابت العمل العام.
وإذا ما تعاملت الشركة بذات ردة الفعل الغبية عليها ان تجهز اسلحة المواجهة ضد الولايات المنتجة للذهب وهي: القضارف وجنوب كردفان والبحر الاحمر وشمال وجنوب كردفان ونهر النيل والشمالية، وعندها ستكون هي الخاسر الاول.
اما في ولاية نهر فالشيء بالشيء يذكر, اذ لا تبدو العلاقة بين مجتمع ولاية نهر النيل وادارة الشركة ممثلة في الاخ د. اسامة الماحي لا تبدو على ما يرام، لأن ملف التعدين بالولاية شائك ومعقد، وبغض النظر عن بند المسؤولية المجتمعية هناك كثير من الملفات الخطيرة حول عمل بعض الشركات وتجاوزاتها، وحول تجاوزات في استخدام مواد ضارة بالانسان والبيئة، الى جانب توزيع المربعات على الشركات وكيفية ذلك في غياب المجالس التشريعية.. وقريباً بإذن الله سنفتح هذه الملفات.
صحيفة الانتباهة