غياب الضمير الانساني .. قصة مريضة توفيت أمام مستشفى رفض اسعافها لمدة 6 ساعات!!

وجوه شاحبة قلقة، ومشاعر متداخلة من الخوف والترقب والمجهول، وصمت قاتل من الاطباء وسط صرخات من معها على متن السيارة والمدير الطبي المناوب يرد بلا اكتراث لتوسلات ذوي المريضة ذكريات عبد الله التي تحتضر على طاولة سيارة الأسعاف بأنه لا سرير لديهم لاستقبالها أو اسعافها وشقيقتها تصرخ بألم “إذاً عاين المريضة وقرر اذا كانت حالتها تحتمل الانتظار” والطبيب يلقي بالملف أرضاً ويمضي بحال سبيله، وتموت المريضة داخل عربة الاسعاف وعندئذ اشتد غضب شقيقها الذي تناول “حديداً” وحاول الاعتداء على الطبيب اللا آدمي.. وكيف لا وشقيقته تموت جراء رفضه اسعافها بكل وحشية..!!

تفاصيل القصة

في العام 2014م أجرت المرحومة ذكريات عبد الله عملية زراعة كلى، ونصحها الاطباء بمراجعة المستشفى حالما شعرت بأي أعراض مرضية وان كانت لا علاقة لها بالكلى، والتزمت الراحلة بمراجعة قسم الكلى كلما شعرت بأي عرض مرضي، وقبيل وفاتها باسبوع في الخامس والعشرين من اغسطس الماضي شعرت الفقيدة بأعراض الملاريا وذهبت الى مستشفى أحمد قاسم وقرر لها تعاطي عقار الملاريا، وعادت الى مسقط رأسها بحلفا الجديدة، ولكن بعد أيام ساءت حالتها، وذهبوا بها الى اختصاصي باطنية الذي بدوره نصحهم بنقلها الى الخرطوم فوراً دون تأخير، وكان ذلك حوالي الساعة الثانية والنصف بعد منتصف نهار الأربعاء الرابع والعشرين من اغسطس الماضي، فتحركوا بسيارة اسعاف من حلفا الجديدة الساعة الرابعة عصراً، وبسبب الامطار والاعاصير وصلوا مستشفى أحمد قاسم ببحري الساعة “الرابعة صباحا” أي استغرقوا في الطريق نحو (12) ساعة بالتمام و الكمال، وهنا بدأت رحلة اكتشاف حقيقة غياب الدولة والانسانية والمساءلة.

لا إنسانية

تقول شقيقتها تهاني عبد الله لـ”الحراك” والعبرة تخنقها: كان الوقت يمضي بسرعة ونحن نسابق الزمن في اقناع المدير الطبي المناوب في 24 اغسطس باسعاف شقيقتنا ذكريات التي توفيت امام المستشفى داخل الاسعاف وتمضي بقولها:” في صبيحة 25 اغسطس الموافق يوم الخميس كانت شقيقتي ذكريات عبد الله تنازع الموت أمام مستشفى أحمد قاسم لأكثر من (6) ساعات قبل ان تسلم روحها جراء غياب الضمير الانساني والفوضى والقانون.

(6) ساعات أمام المستشفى!

وتقول تهاني بأنهم دخلوا بعربة الاسعاف الى داخل المستشفى في الساعة الرابعة صباحاً من صباح الخامس والعشرين من اغسطس وقيل لهم لا طوارئ لديهم، وقالوا اذهبوا الى المدير الطبي المناوب وبدأوا رحلة البحث لاسعاف شقيقتهم التي تنازع الموت وبعد بحث مضنٍ عثروا على المدير الطبي الذي كان يغط في نوم عميق داخل غرفته بالمستشفى، وبعد شروق الشمس استيقظ وخرج من الغرفةً، وقال ليس لديهم قسم طوارئ في المستشفى لاستقبال الحالات الطارئة، وعليهم أن ينقلوا المريضة الى حوادث مستشفى بحري، وتمضي تهاني بقولها: “قلت للمدير الطبي تعال شوف حالتا وحدد اذا كانت بتتحمل نقلها لمكان تاني ولا لأ ولكنه رفض وألقى بملف المريضة أرضاً ومضى الى حال سبيله دون ان يرمش له جفن” وتقول تهاني إن المرحومة منذ أن أجرت عملية نقل الكلى تراجع مستشفى أحمد قاسم اذا شعرت بأي مرض وقلنا للمدير الطبي هذا الكلام إلا أنه رفض تماماً، وتمضي تهاني قائلة: “وبعد اصرارنا جاء أطباء آخرون وعاينوا شقيقتي وطلبوا اجراء تحليل للدم في معمل المستشفى الدولي، بالرغم من علمنا بوجود هذا الفحص داخل مستشفى أحمد قاسم، وقالوا لا يمكن ادخالها الى العنبر إلا بعد ظهور النتيجة واستغرقت النتيجة وقتاً طويلاً وفي ذلك الوقت كانت شقيقتي تنازع الموت!! وقلنا لهم “انقلوها الى العناية إذا لا يوجد سرير في العنبر” ورد المدير الطبي ليس لدينا سرير في العناية.

اسلمت الروح داخل الاسعاف

وبعد صمت طويل استطردت تهاني والغصة تمنعها من الحديث: “وبعد ظهور النتيجة حضر أطباء الى عربة الاسعاف ووجدوا شقيقتي فارقت” وطلبوا ادخالها الى العناية فقلت لهم: “مش قلتو ما في سرير في العناية فرد أحدهم بأنهم وجدوا سريراً خالياً في العناية فقلت لهم خلوها الزولة دي ماتت خلاص وصرخت في وجه من كانوا معي.. وحمل شقيقي “حديدة” وكاد يفتك بالطبيب.. ولكننا منعناه من ذلك، وتابعت: “المدير الطبي الذي كان مناوباً في 24 اغسطس تسبب في وفاة شقيقتي التي اسلمت الروح وهي داخل عربة الاسعاف!!.. ولكن الاطباء اصروا نقلها الى العناية لتفادي أية مسؤولية أخلاقية عن موتها بسبب رفضهم اسعافها.. وتابعت “لا ندري لمن نشكو..؟. لا وجود لمسؤول يسأل هذا المدير الطبي عن مسؤوليته ازهاق روح بشر بتعمد!!!

الخرطوم ـــــ نبيل صالح
صحيفة الحراك السياسي

Exit mobile version