(1) في السابع عشر من مايو المنصرم كتبنا وعبر صحيفة “الجريدة” مقالاً بعنوان الجيش يبيع المياه للمواطنين، وأجرى قائد الفرقة في ذلك الوقت الفريق ركن حيدر الطريفي إتصالا هاتفياً، طالباً مني الحضور إلى مباني القيادة العامة للجيش، ووضعني بين خيارين إما أن أقوم بدور رجل الاستخبارات أو دور الكلب البوليسي وأرشد السيد الطريفي عن شكل ولون السائق، او يتخذ الاجراءات القانونية ضدي، فقلت (يا زول اتخذ إجراءاتك ساكت)!! (2) بعد ذلك تم فتح بلاغ في مواجهتي، بتهمة إشانة سمعة الجيش، وتم القبض علي بصورة تعسفية بقوة مكونة من خمسة أفراد وتم ايداعي الحراسة في ليلة الخميس في تمثيلية كيدية حتى أظل في الحراسة حتى صباح الاحد، ولكن هنا نشكر الاخ الاصغر طارق مدثر وبحكم علاقته الواسعة بالقانونيين تم إطلاق سراحنا بالضمان العادي، وهنا نشكر الضامن لنا الاخ الاستاذ محمد صالح حامد، وبعد ذلك دارت كثير من الاملاءات والشروط، حتى يتنازل الجيش عن بلاغه، بداية من المتحري الذي طلب وعلى استحياء ان حل هذه المشكلة بسيط جداً، هو أن أكتب مقالة وفي نفس الزاوية واعتذر عن ما كتبته، (للامانة كرر لي هذا الطلب مرتين، مرة أثناء التحقيق والتحري، ومرة أخرى قبل بداية جلسات المحكمة بدقائق معدودة)، ولما لم يجد مني الا الرفض، فما كان إلا أن قال لي(انت قلبك قوي ساكت)!! وأيضاً هناك أطراف أخرى، طلبت مني أن أكتب مقالاً اشيد فيه بالمؤسسة العسكرية، وكما يقولون(تسمع بجاي وتفضي بهناك) فأنا أرى أن الكتابة عن بيع الجيش المياه المواطنين ليست جريمة، وانما هي واجب وفرض علينا، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، وماكتبته هنا جهرا، كان غالبية شعب ولاية القضارف يتحدثون به، في مجالسهم همساً وسراً، ولكن اذا كان هناك إمكانية الجهر فلماذا السر؟فبيع الجيش المياه المواطنين، ليس قصة من بنات افكاري، وليست شطحة من الشطحات، وليست اطغاث احلام، وانما هي واقع معاش، يمشي بين الناس، والمشكلة ماذا بعد الأسئلة التي طرحناها سابقاً، هل توقفت عمليات البيع؟ وصدق أحد الساخرين عندما قال إن أخطر فئتين بالجيش، هما، الطباخين والسواقين، واذا لم تستطع ايقافهما فاسعى للسيطرة عليهما. (3) فالكتابة عموماً هي مخاطرة كبرى، وهي مهنة تؤدي بكاتبها الى الحراسات والسجون، وهنا لابد أن نشيد بقول ذلك النقيب صفوفي، لا اتذكر أسمه، عندما قال لي القلم الذي لا يدخل صاحبه الحراسة والسجن دا ما قلم، والكتابة مغامرة لابد منها، وتحديداً اذا وضعت نفسك في مواقع الخطورة ودخلت أوكار الفساد، وذهبت إلى الثعالب في جحورها، والذئاب في ميادينها، ثم انتصرت عليها، فالذي لا يملك الشجاعة في الكتابة، ليكون مزعجاً للآخرين، فعليه ترك الكتابة، وقصتنا هنا ليست بيع مياه المواطنين، وانما القصة هي محاولة بائسة للتركيع والإذلال، ومن يعشم اننا سنكتب ماتمليه علينا السلطة الإنقلابية، فالشئ المؤكد أن انتظاره سيطول، وباذن الله سيقرأ ما يرفع ضغطه، ويصيبه بالجلطة؟! (4) وبعد ذلك تحرك الاستاذ الحبوب ناصر ابراهيم قرض، العضو الابرز في لجان مقاومة القضارف، وإجراء اتصالات مع هيئة المحامين نذكر منها الصديق الاستاذ المحامي الضليع وود البلد طارق القاسم الجاك، وهذا الرجل دائما نجده اول المدافعين عن قضايا الثورة وعن الثوار، ومعه أيضاً الاستاذ القامة المحامي رمزي يحيى، وكلاهما وجهان لعملة واحدة هي نصرة الثورة والدفاع عن الثوار، دون أجر أو اتعاب، وهنا لابد من شكرهما شكراً جزيلاً، والشكر يمتد أيضاً للاستاذ والمحامي الحاج كبوشية، والذي (دق سدره) وتصدى للإدلاء بشهادته القوية والشجاعة والتي كانت بداية الغيث، والذي قطع الشك باليقين عندما ذكر للمحكمة الموقرة انهم يشترون المياه اما عبر عربات الكارو او تناكر الجيش!!، ثم جاءت شهادة الاستاذ المناضل الشرس محمد فتح الرحمن فرعون، والذي وقف أمام مستشار الجيش( لام الف)، وذلك عندما طرح عليه المستشار سؤالاً، فرفض فرعون السؤال، ونبه المستشار أن هذا السؤال سؤال سياسي والمحكمة الموقرة ليست محله، مما دفع بالمستشار لسحب السؤال وشهادته عززت شهادة الاستاذ الحاج كبوشية، ثم توالت شهادة الشهود، الذين عملوا بقول الشيخ فرح ودتكتوك، الذي قال (العبيط ماتهازرو، وماتشهد بالماك حاضرو) وهؤلاء الشهود، محمد سعد كمبا، وحاتم خضر والأستاذة المحامية نادية سيد أحمد، والاستاذ على حسن سرالختم، شهدوا بما رأته أعينهم. ثم كان خاتمة الشهود الشاب الهميم عباس حسن العمرابي، وشهادته عززت شهادة الشهود الآخرين، بل أنه أكد للمحكمة أن بيع المياه مازال مستمراً. (5) وهنا نقف وقفة اجلال واحترام لقاضي محكمة الجنائيات بالقضارف مولانا عبدالرازق الطاهر حسن، ذلك الرجل الذي وصفه الاستاذ المحامي طارق القاسم الجاك، بالاستثنائي، ونضيف على ذلك أنه أثبت أن العدالة مازالت بخير ، مادام حراسها مثل مولانا عبدالرازق، والذي اتخذ الحصافة ميزاناً، ووازن بين مابين ماجاءت به هيئة الاتهام وماجاءت به هيئة الدفاع، وقضى بما يمليه عليه ضميره القضائي، فشكراً لنزاهة القضاء التي أثبت مولانا عبدالرازق، انها مازالت بخير. (6) ومن لا يشكر الله لا يشكر الناس وهنا يستجوب علينا أن نتقدم بالشكر لشبكة الصحفيين السودانيين التي أعلنت استنكارها لتقيد حرية التعبير، ونشكر أيضاً الصديق العزيز والكاتب المميز(ستة نجوم) محمد عبدالماجد، والشكر يمتد للاخ والصديق الذي لم يفارقنا ولو لجلسة واحدة، الاخ الياس احمد الياس وأيضاً لأسامة ابراهيم حسين، والشكر أيضاً لتجمع اعلامي القضارف، وفي مقدمتهم عبد اللطيف الضو، وعمر عمارة ومودة حسن، والشكر موصول لمدير مدرسة ديم النور القرآنية الاستاذ محمد صالح ادم، والشكر للاخ الصديق ازهري محجوب والمدام أميمة بشير القاضي، والشكر للاستاذ المعلم والمربي الفاضل محمد محمود علي الذي وبرغم مرضه جاء مسانداً، والشكر لدكتور عثمان البدوي والذي لم تنقطع اتصالاته والسؤال اول باول عن سير الجلسات، ربنا يتتم لهما نعمة الصحة والعافية، والشكر، للاخ ماهر حسن الياس وحمزة أمريكي ومحمد عمر، وحسين همت ووليد ادم وجو جو، ومأمون محمد التوم، وللاستاذ المحامي حسين عثمان حسين، وللاخ وليد الريح، والاخ نزار عبدالله الجاك، والقائمة تطول ولهم جميع الشكر والتقدير والاحترام.
صحيفة الجريدة